إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء 08 تموز 2025 بالأوضاع السياسية المختلفة في إيران والعالم، وكان لمقابلة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة نصيب وافر في الإعلام الإيراني، كما تطرقت الصحيفة إلى بيان مجموعة البريكس الأخير الذي أدان الهجمات الأميركية و"الإسرائيلية" على إيران، والذي لا يُعدّ مجرد بيان سياسي، بل يُعدّ أيضًا نقطة تحول في التطورات الجيوسياسية في العالم.
إيران في النظام العالمي الجديد
كتبت صحيفة وطن أمروز: "لم يعد النظام الدولي خاضعًا لهيمنة الولايات المتحدة. ويتجلى ذلك في بيان مجموعة البريكس الأخير الذي أدان الهجمات الأميركية و"الإسرائيلية" على إيران. لا يُعدّ هذا البيان، الصادر خلال قمة البريكس السابعة عشرة في ريو دي جانيرو بالبرازيل، مجرد بيان سياسي، بل يُعدّ أيضًا نقطة تحول في التطورات الجيوسياسية في العالم، ويعزز مكانة إيران في النظام العالمي الجديد. وتُعدّ هذه الوثيقة، التي تعتبر الهجمات على البنية التحتية المدنية والمنشآت النووية السلمية الإيرانية انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ذات أهمية بالغة لإيران والنظام الدولي من مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والقانونية والعسكرية. وبالنسبة لإيران، يُعدّ هذا البيان انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا وخطوة نحو تعزيز التحالفات الإستراتيجية وإضفاء الشرعية على البرامج الوطنية. وعلى الصعيد العالمي، يُعدّ البيان أيضًا علامة على ظهور نظام متعدد الأقطاب تلعب فيه الكتل غير الغربية مثل مجموعة البريكس دورًا حاسمًا في مواجهة الأحادية الغربية.
[...] بالنسبة لإيران، يُعدّ البيان إنجازًا دبلوماسيًا غير مسبوق. ففي ظلّ مواجهة طهران عقوبات وضغوطًا سياسية وتهديدات عسكرية من الولايات المتحدة وحلفائها لسنوات، فإن دعم مجموعة دول البريكس، التي تضمّ قوى اقتصادية وسياسية كالصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى أعضاء جدد كإيران ومصر والإمارات العربية المتحدة، يُعزز القوّة الدبلوماسية لإيران على الساحة العالمية. يُظهر هذا الدعم أن إيران لم تعد وحيدة في مواجهة الغرب، بل أصبحت جزءًا من تحالف عالمي قوي قادر على تحدي الهيمنة الأميركية. يُعدّ هذا تطوّرًا تاريخيًا لإيران، التي واجهت محاولات غربية لعزلها منذ الثورة الإسلامية، وقد ساهم بيان البريكس، بإدانته للهجمات على المنشآت النووية الإيرانية، التي تعمل تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في إضفاء الشرعية على البرنامج النووي السلمي الإيراني. وهذا يمنح إيران نفوذًا دبلوماسيًا أقوى، لا سيما في المفاوضات المستقبلية المحتملة.
بدعم من مجموعة البريكس، تستطيع طهران الآن تقديم حجة أقوى ضدّ مزاعم الولايات المتحدة و"إسرائيل" بأن برنامجها النووي يشكّل تهديدًا. علاوة على ذلك، يسمح بيان البريكس لإيران بترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في هذا التحالف متعدد الأطراف. أصبحت إيران عضوًا كامل العضوية في مجموعة البريكس منذ عام 2024، ويعكس البيان قبول طهران كشريك إستراتيجي في المجموعة. لن يساعد هذا فقط في تعزيز العلاقات الثنائية لإيران مع أعضاء البريكس، وخاصة الصين وروسيا، بل سيمهد الطريق أيضًا لتعاون أعمق في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية. على سبيل المثال، يمكن للصين، بصفتها أكبر شريك تجاري لإيران وعضو رئيسي في مجموعة البريكس، أن تستخدم البيان كأساس لزيادة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الإيرانية، مثل تلك المتعلّقة بمبادرة الحزام والطريق. وبالمثل، يمكن لروسيا، التي تواجه هي نفسها عقوبات غربية، أن توسع تعاونها الدفاعي والتكنولوجي مع إيران. تُعد هذه الشراكات الإستراتيجية حيوية لإيران، التي تتعرض لضغوط اقتصادية شديدة، ويُمثل بيان البريكس حافزًا لهذا التعاون".
[...] في نهاية المطاف، يُظهر البيان أن إيران جزء من تحالف عالمي قادر على تغيير المعادلات الدولية. أما بالنسبة للنظام الدولي، فيشير هذا البيان إلى نهاية عصر الهيمنة الغربية المطلقة وظهور نظام متعدد الأقطاب يُمكن لإيران أن تلعب فيه دورًا أكثر فاعلية. يُعد هذا التطور حدثًا رئيسيًا ومُحددًا ليس فقط لإيران، بل لجميع الدول التي تسعى إلى عالم أكثر عدلًا. وقد أظهر بيان البريكس، بدعمه القوي لإيران، أن النظام الدولي آخذ في التغير، وأن إيران ستكون من أبرز الرابحين من هذا التغيير".
قنابل الأوهام
كتبت صحيفة إيران: "فشلت الضربات الجوية الأميركية و"الإسرائيلية" العدوانية ضدّ إيران في إشعال ثورة مضادة على الجمهورية الإسلامية، على عكس آمال رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو. في الواقع، إن فكرة أن القصف يمكن أن يحطم معنويات الشعب ويقلّبه ضدّ قادته هي فكرة قديمة ومعيبة جوهريًا.
لا يزال من غير الواضح مدى الضرر الذي ألحقته الضربات الجوية الأميركية بالمنشآت النووية الإيرانية، لكن التقارير الاستخباراتية الأميركية الأولية، على عكس مزاعم دونالد ترامب، تشير إلى أن إيران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم في غضون أشهر. كما توصل رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى النتيجة نفسها، وفقًا لتصريحاته. ومع ذلك، يمكن القول بيقين نسبي إن حملة القصف "الإسرائيلية" والأميركية المكثفة لم تشعل انتفاضة ضدّ الجمهورية الإسلامية، وهي النتيجة التي كان يأملها نتنياهو.
[...] الحقيقة أن معظم الناس يمقتون العدوان الأجنبي والقصف من قبل القوى الأجنبية. وينطبق هذا بشكل خاص على بلد مثل إيران، ذي التاريخ المرير للتدخل الأجنبي. فقد دمّر انقلاب عام 1953، المدعوم من الولايات المتحدة وبريطانيا، ديمقراطية إيران الناشئة. ورغم أن البعض قد يجادل بأن كراهية هذه القوى الغربية قد تضاءلت، إلا أن الإيرانيين لا يزالون متشككين في نواياها. إن فكرة أن الإيرانيين سيلتفون حول راية ترامب أو أن يعتبروا نتنياهو منقذهم السياسي هي ضرب من الخيال. وكما أظهرت التدخلات العسكرية الغربية في آسيا والشرق الأوسط، فإن القصف لا يمكن أن يؤدي إلى تغيير النظام".
سيد بزشكيان.. اطرد مستشاريك
كتبت صحيفة كيهان: "نُشر أمس نص مقابلة السيد بزشكيان، مع الصحفي الأميركي تاكر كارلسون. وذكرت وكالة الأنباء الحكومية وموقع الرئاسة الإلكتروني التابع لمكتب الرئيس في بداية تقريرهما أنه في حديثه مع الصحفي الأميركي تاكر كارلسون، أوضح الرئيس مواقف بلادنا بشأن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحرب الأخيرة مع الكيان الصهيوني، وشروط إيران لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة!.
مع الاعتذار، لا بد من القول إن تصريحات السيد بزشكيان في هذه المقابلة بعيدة كلّ البعد عن مواقف بلادنا! لقد عبّر فخامته عن مواقف بعض مستشاريه ذوي التوجّه الغربي، وليس عن مواقف إيران العزيزة والفخورة.
بعض ما قاله الرئيس الموقّر في هذه المقابلة لا يتعارض فقط مع شخصيته المعروفة، بل يتعارض أيضًا مع مواقفه المعلنة مرارًا وتكرارًا بشأن أميركا والنظام الصهيوني وحرب الأيام الاثني عشر الأخيرة.
[...] وقد ورد في نص المقابلة: "كنا على طاولة المفاوضات. كنا نتحدث، وكان رئيس الولايات المتحدة قد دعانا لإحلال السلام. في ذلك الاجتماع، أخبرونا أن "إسرائيل" لن تهاجم إلّا إذا سمحنا بذلك. ولكن في الاجتماع السادس، بينما كنا لا نزال نتفاوض، ألقوا عمليًّا قنبلة على طاولة المفاوضات ودمروا الدبلوماسية".
لكن الغريب أنه يُكمل حديثه قائلًا: "لا مشكلة لدينا في المفاوضات"! ويُضيف: "نأمل أن نعود إلى طاولة المفاوضات بعد انتهاء هذه الأزمة". لا بد من القول: سيد بزشكيان، وأنت تتحدث عن انفجار طاولة المفاوضات، فما معنى التعبير عن الأمل في العودة إلى طاولة المفاوضات سوى تجاهل جريمة أميركا والقبول مجددًا بخدعة المفاوضات وكونها فخًا؟!.
[...] المسؤولون الأميركيون ومسؤولو النظام الصهيوني، من ترامب ونتنياهو إلى وزراء الخارجية والحرب، وغيرهم، يؤكدون بوضوح أن هجوم النظام الصهيوني على إيران لم يكن مُنسّقًا فحسب، بل بمشاركة الولايات المتحدة و"إسرائيل" أيضًا. ثمّ تتحدث وكأن أميركا غافلة عن كلّ شيء، وأن "إسرائيل" عرقلت المفاوضات بهجومها؟!.
[...] لماذا تُصرّون على تبرئة أميركا؟! وكأنكم ذهبتم إلى الولايات المتحدة للشكوى من "إسرائيل"! وتشتكون من أن النظام الصهيوني قد خلق أزمة بمهاجمة إيران واستشهاد قادة وعلماء ورجال ونساء وأطفال هذه الحدود وهذه الأرض، وصاحب السعادة ينتظر انتهاء هذا الوضع الحرج ليعود إلى طاولة المفاوضات! يا سيد بزشكيان، وبّخ مستشاريك وأكد لهم أن استمرار المفاوضات مع أميركا إن لم يكن خيانة، فهو غباء لا محالة واطردهم، سواء كانوا فردًا أو عدة أفراد. هذا في مصلحتك".