عين على العدو

استعاد رئيس برنامج سياسات الأمن القومي في معهد أبحاث الأمن القومي عوفر شلح في مقال له نُشر بموقع القناة 12: مضمون مقال، سبق أن نشره في حزيران/يونيو 2024، مع "يردن أسراف" تحت عنوان "الجمود - آنذاك واليوم"".
وذكّر شلح، بأن المقال حينها تناول الدروس المستفادة لمواصلة القتال في غزة من أحداث سنوات 1983-1985 في لبنان، وهي سنوات، على الرغم من أن الهدف المعلن (وإن لم يكن المخفي) للعملية العسكرية في لبنان - إزالة التهديد عن "سكان" الشمال - قد تحقق، فإن الجيش "الإسرائيلي" واصل البقاء في لبنان، فيما تكبّد خسائر كثيرة (286 قتيلًا على الأقل من أيلول/سبتمبر 1982 حتى حزيران/يونيو 1985)، وهو غارق وسط سكان مدنيين معادين ويُستنزف حتى العظم.
ولفت عوفر إلى أن "المبررات التي قُدّمت آنذاك لمواصلة البقاء في لبنان معروفة حتى الألم: الردع، ومنع شعور العدو بالنصر، إعادة الأسرى (جنود الناحل الثمانية الذين أُسروا في أيلول/سبتمبر 1982)، وجثث القتلى، الإيمان بأن "الضغط العسكري وحده سيحقق النصر"، وبالطبع الادعاء بأن "الآن ليس الوقت المناسب"".
ورأى أن "هذه هي الأسس الثابتة للجمود الأمني "الإسرائيلي" الذي يقوم على ساقين: غياب خطوة سياسية مكمّلة تحدد الإنجازات العملياتية التي تتحول إلى هدف بحد ذاته بدلًا من وسيلة؛ وتفكير عسكري ضيق الأفق، يتجاهل دروس الماضي ويتماشى مع المصالح السياسية للمستوى السياسي".
وأكد أنه "مرّ عام منذ حزيران/يونيو الماضي، والجيش "الإسرائيلي"، لم يحقق أي إنجاز منظومي في قطاع غزة، رغم الروايات الإعلامية اليومية عن "فككنا ودمرنا"، بخلاف ما يُروّج له من قبل الجيش، فإن مثل هذا الإنجاز غير ممكن: فقد انتقلت حماس، حتى قبل حزيران/يونيو الماضي، إلى حرب عصابات، كما أن الثنائية بين "إسقاط حماس" وإعادة الأسرى هي مصطنعة: جميع الأسرى سيعودون، إن عادوا، فقط ضمن صفقة شاملة لإنهاء الحرب، كانت معروضة علينا منذ بداية العام، الخيار الحقيقي هو بين إنهاء الحرب وبين احتلال غزة، وتطبيق حكم عسكري وتحمل المسؤولية عن مصير مليوني شخص، مع كل العواقب الوخيمة على مكانة "إسرائيل" الدولية، واقتصادها وجيشها، استمرار الوضع الحالي يقودنا إلى هناك، دون اتخاذ قرار".
وأردف: "خلال هذا العام، سقط أكثر من مئة جندي "إسرائيلي" في غزة، نحو أربعين منهم منذ أن خرقت "إسرائيل" وقف إطلاق النار في 18 آذار/مارس، عقب استئناف القتال، بحجة "أن هذا هو السبيل الوحيد لإعادة الأسرى"، عاد حيًّا فقط أسير واحد، عِدان ألكسندر الذي أُطلق سراحه كمبادرة حسن نية للرئيس الأميركي، فيما الصفقة المطروحة حاليًا هي، كما ذُكر، نفس الصفقة التي كانت لدينا من قبل، ومن المشكوك فيه ما إذا كانت ستُعيد جميع الأسرى الأحياء والقتلى".
وتابع أن: "60% من الجمهور قالوا في الاستطلاع الأخير للمعهد، إن علينا إنهاء الحرب في غزة. في المؤسسة السياسية الملطخة بالفساد، لا توجد بدائل حقيقية، ولا مطالب واضحة بإنهاء الحرب ببساطة، رغم أن استمرارها يُلحق بنا ضررًا لا يُقاس، وضحاياها هم ضحايا بالمجّان".
وأردف: "في ظل فقدان الإيمان هذا، نبتت أعشاب ضارة مثل أعضاء الائتلاف الحالي الذين يتحدثون عن احتلال غزة وحرب أبدية، ومجتمعٌ يغمره الحزن واليأس، يدعم بأغلبيته الساحقة أفكارًا مثل "الهجرة الطوعية" في غزة، وهم غير أخلاقي تدعمه المؤسسة السياسية، ليس فقط من قِبل نتنياهو وحكومته، بل أيضًا من قبل ما يُسمى بالمعارضة".
وأكد أن ""إسرائيل" اليوم تقبل الحرب كحالة دائمة، لا كشيء يتم اللجوء إليه عند الضرورة، ويكون الهدف إنهاءها بمجرد أن تستنفد العملية العسكرية فائدتها".