اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الاعتداءات الصهيونية على لبنان: شهيدان في أقل من 24 ساعة جنوبًا

مقالات مختارة

 لماذا يتعمد ترامب إهانة القادة الافارقة بطريقة عنصرية وقحة؟
مقالات مختارة

لماذا يتعمد ترامب إهانة القادة الافارقة بطريقة عنصرية وقحة؟

57

عبد الباري عطوان - صحيفة رأي اليوم الالكترونية 

هل جاء تطاوله على الرئيس الموريتاني لرفضه التطبيع مع الكيان الإسرائيلي؟ وكيف سيكون الرد الشعبي لبلاد شنقيط؟

شعرت بحالة من الغيظ الشديد وانا أتابع مسلسل الاهانات، والغطرسة، والبذاءة، والاحتقار من قبل الرئيس الأمريكي “الجاهل” دونالد ترامب اثناء لقائه مع خمسة من القادة الافارقة على مائدة غداء في البيت الأبيض، كان من بينهم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي قاطعه ترامب وهو يدلي بكلمته بطريقة لا يمكن ان تصدر الا عن أبناء الشوارع والسوقيين.

الرئيس الغزواني الذي أعرفه شخصيا، والتقيته مرتين، كان في قمة الادب مثل الغالبية الساحقة من أبناء شعبه، اثناء القائه لكلمته التي لم تستغرق الا سبعة دقائق تحدث فيها عن موقع بلاده الاستراتيجي وفرص الاستثمار الكبيرة فيه، فأظهر ترامب تململا واضحا، ملوحا بيديه في محاولة لإنهاء الحديث، ومقاطعا بفظاظة قائلا “ربما يتعين علينا الإسراع قليلا لان لدينا جدول أعمال زمني حافلا”، وذهب ترامب الى ما هو أبعد من ذلك عندما صرخ في وجه رئيس غينيا بيساو المسلم عمر سيسوكو امبالا قائلا “من فضلك قل لنا من انت وما هو اسم بلدك، وتعاطى بالاستخفاف نفسه عندما أبدى اندهاشه باتقان رئيس ليبيريا للغة الإنجليزية، متفاجئا انه تعلمها في بلاده، الأمر الذي كشف جهله واميته السياسية والجغرافية، وعدم الاستعداد للقمة بالاطلاع على المعلومات الأولية عن ضيوفه وبلدانهم، فاللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في ليبيريا.

نستغرب كيف تقبل القادة الافارقة الخمسة (موريتانيا، السنغال، بوركينا فاسو، ليبيريا، الغابون) هذا السلوك المهين من قبل ترامب، والاستدعاء بهذه الصيغة الجماعية التي تقلل من هيبتهم ومكانتهم، فالرجل تعامل معهم وكأنه في زمن السيد والعبد، وبفوقية استعلائية، وكان يجب ان يردوا عليه بقوة وبطريقة مهذبة تعطيه درسا بآداب الضيافة، في الوقت نفسه وايقافه عند حده، تماما مثلما فعل فولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا الذي تخوض بلاده حربا ضد دولة عظمى، وتعتمد اعتمادا مباشرا على الدعم المالي والعسكري الأمريكي، ولم يبتلع السوقية.

الرئيس ترامب تعمد توجيه هذه الدعوة الجماعية للقادة الافارقة الخمسة لعدة أسباب:

أولا: مواجهة النفوذ الروسي الصيني المتغلغل في منطقة الساحل الافريقي وتراجع النفوذ الغربي وخاصة الفرنسي.

ثانيا: نهب ثروات هذه الدول المعدنية النادرة وخاصة الذهب والليثيوم واليورانيوم، وموريتانيا تملك مخزونا ضخما من هذه المعادن، الى جانب النفط والغاز والاسماك، والموقع الاستراتيجي.

ثالثا: توفير فرص استثمار للشركات الامريكية بعد تراجع مكانة الاقتصاد الأمريكي عالميا، وصعود منظومة “بريكس” المنافسة بزعامة الصين وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا.

رابعا: فتح هذه الدول على مصراعيها امام النفوذ الإسرائيلي، والإسلامية منها خاصة، بعد نجاح الدول الافريقية برئاسة الثنائي الجزائري والجنوب الافريقي في طرد دولة الاحتلال من الاتحاد الافريقي، وإلغاء عضويته “الشرفية” فيه.

تطاول الرئيس ترامب بهذه الطريقة “الوقحة” على الرئيس الموريتاني لم يكن من قبيل الصدفة، وانما جاء متعمدا، خاصة ان أنباء راجت تؤكد انه حاول إقناع الرئيس الغزواني باستئناف العلاقات بين بلاده ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وفشل فشلا ذريعا في هذه المحاولة المصحوبة بالعصا والجزرة، لاعتقاده بأنها ستكون في ذروة السهولة، مما يكشف مرة أخرى جهله واميته وغطرسته الفارغة وصهيونيته.

الرئيس ترامب لا يعرف الشعب الموريتاني ومشاعره العربية والإسلامية القوية جدا الداعمة للحق الفلسطيني، ووقوفه بصلابة الى جانب المقاومة الشجاعة في قطاع غزة في وجه حرب الإبادة، ولا يمر يوم دون ان تكون هناك مظاهرات ومسيرات وندوات وجمع تبرعات في هذا الإطار.

الرئيس ترامب لا يعرف ان موريتانيا كانت الدولة العربية الوحيدة التي لم تكتف بإغلاق السفارة الإسرائيلية، وطرد السفير الإسرائيلي وطاقمه في ليلة ليس فيها قمر فقط، بل قام شعبها بأغلبيته الساحقة بتدمير السفارة، واقتلاع مبناها من جذوره تطهيرا للأرض الموريتانية من الدنس.

الرئيس ترامب لا يعرف ان الدولة الموريتانية، وبدعم شعبي، أقامت مجسما لقبه الصخرة في الميدان المواجه لسفارة بلاده في قلب العاصمة، وأطلقت عليه لقب ميدان القدس والشارع المقابل شارع فلسطين.

هذه الغطرسة المصحوبة بالوقاحة وقلة الأدب، والأخلاق السوقية التي تتوفر جميعها في شخص الرئيس ترامب داعم حرب الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة، تؤكد انه رجل غير سليم عقليا، ويجب ان يتم وضعه تحت حجر صحي، ومقاطعته، ولقاءاته من جميع الزعماء في العالم، وخاصة في القارة الافريقية والعالم الإسلامي.

نعم، أمريكا دولة عظمى، ولكنها دولة تخسر هيبتها بشكل متسارع لرضوخها للحكم الصهيوني، واملاءاته الدموية والعنصرية، وتعيش على مص دماء الشعوب الفقيرة، في القارات الثلاث الافريقية والآسيوية والأمريكية الجنوبية.

ختاما نكرر ونقول ان أمريكا لا تفهم الا لغة القوة، والمقاومة والتعاطي معها بنظرية الند للند، وهي ليست معصومة من الهزائم، واسألوا الطالبان في أفغانستان، والمقاومة في العراق، والصامدين في قطاع غزة، والشجعان الابطال في يمن الكرامة والصمود والصواريخ الفرط الصوتية، الذين اصبحوا متخصصين في إعطاب حاملات الطائرات الامريكية واجبارها على الهروب، واستجداء حكومتها وقفا لإطلاق النار، وتمسكهم بصلابة بوحدة الساحات، وتقديم الأرواح والدماء الزكية الطاهرة لأهلنا في قطاع غزة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة