إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الاثنين 14 تموز/يوليو 2025، بالشؤون العالمية والإقليمية التي يظهر فيها التناقض والأحادية في الهيمنة الأميركية على حلفائها وعلى جميع العالم، ما ينذر بتبدل جذري في النظام العالمي.
استمرار مشروع ترامب لإذلال أوروبا
بداية مع صحيفة "رسالت" التي كتبت: "الأوروبيون لا يخفون غضبهم ورعبهم من قرار ترامب المتجدد بتصعيد حرب الرسوم الجمركية بين واشنطن وبروكسل. وقد التزم بعض المسؤولين الأوروبيين الصمت حيال قرار الرئيس الأميركي الأخير، بينما رآه آخرون متعارضًا مع مبدأ التعايش بين واشنطن وأوروبا في النظام الدولي".
وتابعت: "ما يزال أشخاص، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، ينتظرون قرارات البيت الأبيض المستقبلية، سواءً في مواجهة أم تفاعل مع الوجود الاقتصادي والجوهريّ لأوروبا الموحدة، بمزيج من المواقف المتفائلة والمستنكرة. وبالطبع، لا يتردّد ترامب في التعبير عن معارضته المتأصلة للاتحاد الأوروبي. إن دعم البيت الأبيض الواسع للأحزاب والجماعات القومية المتطرّفة، والتي تدعو جميعها إلى العودة إلى القرن العشرين وتفكيك النظام الاقتصادي والأمني الأوروبي الموحد، ليس خافيًا على أحد!"، وأشارت إلى أن: "الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن مؤخرًا أن الاتحاد الأوروبي والمكسيك سيواجهان تعريفة جمركية بنسبة 30% على البضائع المصدّرة إلى الولايات المتحدة ابتداءً من الأول من أغسطس\آب، وهدّد في الوقت نفسه بزيادة هذه النسبة في حال اتّخاذ إجراءات انتقامية. بمعنى آخر، بالإضافة إلى زيادة التعريفات الجمركية، حذّر ترامب الأوروبيين من مجرد التفكير في اتّخاذ إجراءات مضادة مع واشنطن".
أعرب الاتحاد الأوروبي في السابق، بحسب الصحيفة، الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة بـ 27 دولة، عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع واشنطن قبل الأول من أغسطس\آب. لكن هذا التفاؤل سرعان ما تحول إلى صدمة اقتصادية لأوروبا! حيث أجرت أسواق رأس المال في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي العديد من معاملاتها في الأسابيع الأخيرة على افتراض أن اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤكدة، لكنّها تواجه الآن واقعًا آخر يصعب على السياسيين والناشطين الاقتصاديين في القارة العجوز استيعابه.
وأردفت: "مُواصلًا نهجه المُعادي لأوروبا في حرب التعريفات الجمركية، يُشير ترامب إلى العجز التجاري الأميركي في المعاملات الاقتصادية. إنه يطلب من أوروبا تنازلات، أو بالأحرى فدية! الأوروبيون المُدمنون على هيمنة الولايات المتحدة، يدفعون أيضًا مثل هذه الفدية للبيت الأبيض واحدة تلو الأخرى على أمل أن ينتهي مشروع إذلالهم من قِبل واشنطن! لكن قرار الرئيس الأميركي الأخير أظهر أن مهلة إذلال أوروبا واعتمادها المُذلّ على واشنطن لم تنتهِ بعد.. إن الأوروبيين لطالما دفعوا ثمن قرارات واشنطن الأحادية الجانب والأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة بأبشع صورة. وتُعدّ الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة في العام 2006 - التي بدأت بأزمة الإسكان في ذلك البلد - وانتشارها إلى الاتحاد الأوروبي قضية أخرى لا تزال مؤسفة حتّى بالنسبة للاقتصاديين الأوروبيين. وقد أدّى إنشاء علاقات اقتصادية وتجارية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وعجز القادة الأوروبيين عن التعامل مع أزمة ديونهم الخارجية، إلى انتشار الأزمة الاقتصادية الأميركية إلى جميع الدول الأوروبية بأبشع صورة.
في الوقت نفسه، تأثرت بعض دول جنوب وشرق أوروبا - مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وغيرها - أكثر من غيرها. يُذكر أن الدول الأوروبية خارج الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو - وخاصةً النرويج وسويسرا - كانت أقل تأثرًا بأضرار الأزمة الاقتصادية من غيرها من الدول الأعضاء في اليورو والاتحاد الأوروبي. ويُعدّ تعلق أوروبا الضعيفة بأميركا المتسلطة قضيةً أثارت غضب مواطني مختلف الدول الأوروبية. كما يُذكر أن ترامب حذّر الأوروبيين مؤخرًا في رسالته من أنهم سيواجهون رسومًا جمركية أعلى وإجراءاتٍ أشد صرامةً إذا أقدموا على أي ردٍّ انتقامي على قراره الأخير! يعكس هذا التهديد طبيعة العلاقة التي نشأت بين أوروبا وواشنطن".
وقف إطلاق النار.. فرصة إعادة الترميم أم للانتقام السياسي؟
من ناحيتها، كتبت صحيفة "إيران": "في ظلّ تأجج نار الحرب في المنطقة في أي لحظة، وحرص أعداء الوطن على تقويض الأمن الوطني وتماسكه، يُظهر بعض الناشطين السياسيين في الداخل عدم فهمٍ لهذا الوضع الخطير. وكان التوقع السائد أن تُفضي الظروف الجديدة إلى إدراك ضرورة تغيير النهج الداخلي، بما في ذلك طبيعة المنافسات السياسية. لكن على عكس هذه الضرورة، وجد بعض السياسيين في أجواء وقف إطلاق النار غير المستقرة فرصةً لتكثيف المنافسات السياسية. وكانت قد تعرّضت الحكومة والرئيس نفسه لتهميش سياسي، تفاقمت حدّته أكثر من أي وقت مضى في ظلّ الظروف الحالية، لدرجة أن بعض أعضاء البرلمان يرسمون صورةً خائنةً للرئيس في خطاباتهم، وهو الذي كان في قلب الميدان، بل وبين الشعب طوال الحرب وبعدها، رغم كلّ التهديدات والمخاطر".
ولفتت إلى أن: "إثارة المطالبات بإقالة الرئيس، ورسم صورة متناقضة للحكومة والنظام بأكمله في إستراتيجيات مثل المفاوضات أو وقف إطلاق النار، وإثارة الخلافات بين سلطات النظام، واتهام الحكومة بالتعسف في صنع القرارات الإستراتيجية، ليست قضايا يمكن تجاهلها بسهولة من خلال إثارتها في الساحة العامة وإثارة حماس بعض السياسيين وحتّى أعضاء البرلمان. إن هذا النوع من التحركات والتلميحات العامة دليل على وجود خطر سياسي رهيب. إن تيارًا داخل البلاد يرحب حتّى بالفوضى وانعدام الأمن الناجم عن العدوان الأجنبي لتحقيق أهدافه قصيرة المدى.
وهذا في وضع يجب أن يُنظر فيه إلى وقف إطلاق النار كفرصة ثمينة لإعادة بناء القوّة الوطنية ورأب الصدع بين الأمة والحكومة. وبالمثل، تستغل "إسرائيل" وحلفاؤها وقف إطلاق النار كفرصة لتجديد قواتهم والاستعداد لهجمات مستقبلية".
وقالت: "في حين أن البلاد بحاجة إلى وحدة شاملة على مستوى المجتمع من خلال بعض التغييرات في الممارسات السياسية والاجتماعية، فمن المستفيد من إضعاف الوحدة القائمة على مستوى الحكم؟ أليس هذا سوى تمهيد الطريق للأعداء المتربصين لزعزعة أمن البلاد وإضعاف المجتمع من خلال الاغتيالات المستهدفة والهجمات الإلكترونية وتحريض الجماعات بالوكالة؟ نحن نتعامل مع نظامٍ يتجاهل اتفاقيات السلام الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ولم يلتزم قط بأي وقف لإطلاق النار.. فبأي حكمة سياسية وبصيرة افترض البعض أن الوضع غير المستقر الناجم عن وقف إطلاق النار هو وقت لتصفية الحسابات والانتقام السياسي وتعزيز سلطتهم الداخلية؟".
ووفقًا للصحيفة، كما هو الحال في التاريخ، مهّد الانقسام والصراع الداخلي الطريق مرارًا وتكرارًا للتدخلات الأجنبية والهزائم الوطنية، فإن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى كوارث مماثلة. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج إيران إلى العقلانية السياسية والتماسك الوطني والتوافق بين القوى الفاعلة داخل البلاد. كلّ صوت غير مسؤول يرتفع باتّجاه الانقسام والوحدة مع الأعداء يُكمل في الواقع، عن قصد أو عن غير قصد، جزءًا من مشروع زعزعة الأمن في إيران. وهذا لا يعني إسكات صوت الناقد وإنكار التعددية الداخلية، بل يعني تحمل المسؤولية السياسية".
فضيحة عالمية
صحيفة "وطن أمروز" كتبت من ناحيتها: "لقد هزّ سلوك دونالد ترامب غير المتوقع وقراراته المتناقضة خلال ولايته الثانية ثقة شركاء الولايات المتحدة التقليديين بشدة. وقد دفع هذا الوضع، لا سيما في مجال السياسة الخارجية والالتزامات العسكرية، حلفاء واشنطن القدامى إلى إعادة النظر في اعتمادهم على الولايات المتحدة. وقد يدفع عدم الاستقرار في السياسات الأميركية بعض الدول نحو توثيق العلاقات مع الصين أو حتّى السعي وراء برامج الأسلحة النووية، بينما قد تسعى دول أخرى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الإستراتيجي.
ومن أبرز الأمثلة على هذا، تتابع الصحيفة، انعدام الثقة العلاقات الأميركية مع أوكرانيا. ووفقًا لبعض التقارير التقى دونالد ترامب في 25 يونيو/حزيران بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي. وخلال الاجتماع، تحدث زيلينسكي عن حاجة بلاده الملحّة لأنظمة الدفاع الصاروخي، وخاصة باتريوت، لمواجهة الهجمات الجوية الروسية المتزايدة. وأكد أن أوكرانيا مستعدة لشراء هذه المعدات ودعم مصنعي الأسلحة الأميركيين. ردّ ترامب بإظهار استعداده لتوفير الأنظمة، ولكن بعد أيام قليلة، في الأول من يوليو/تموز، أعلن البنتاغون إيقاف جميع شحنات صواريخ باتريوت، وصواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وقذائف المدفعية، وصواريخ سبارو إلى أوكرانيا. أثار هذا القرار صدمةً بين شركاء الولايات المتحدة، إذ كان العديد من الأسلحة مخزنًا في بولندا، وجاهزًا للشحن إلى أوكرانيا.
ولفتت إلى أن انعدام الثقة هذا امتد إلى ما وراء أوروبا. فقد واجهت كندا، أحد أكثر حلفاء أميركا ولاءً في القرن الماضي، تصريحاتٍ عدوانيةً حول استقلالها عن البيت الأبيض. وتواجه الدنمارك التي وقفت إلى جانب الولايات المتحدة خلال حرب غرب آسيا تهديداتٍ غير مباشرة بضم غرينلاند.
[...] إن هذا الوضع لم يضرّ بالعلاقات الثنائية مع دول مثل أوكرانيا وكندا والدنمارك فحسب، بل عرّض أيضًا تحالفات متعددة الأطراف مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحلف الناتو للخطر. إذا استمر هذا التوجّه، فقد يشهد العالم توجهًا إستراتيجيًا نحو الصين أو سعيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي العسكري. ستشكّل هذه التطورات تحديات خطيرة ليس فقط لشركاء أميركا، بل أيضًا لمكانة واشنطن العالمية".