إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس 17 تموز/يوليو 2025، بالخطاب الأخير الذي ألقاه آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، يوم أمس الأربعاء، وبالأحداث السورية التي يظهر منها مساعي الكيان الصهيوني التوسعية والتقسيمية بشكل واضح في ظلّ انهزام النظام الجديد في سورية وعجزه التام عن المواجهة والدفاع.
لا تحارب هذا الكنز مرة أخرى!
بداية، كتبت صحيفة جوان: "تضمن الخطاب الجديد لقائد الثورة آية الله العظمى الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي عدة أوامر تنفيذية لا يمكن تبيينها بشكل غامض:
[...] أولًا: لم تغلق القيادة الطريق أمام التفاوض والدبلوماسية. كانت هذه رسالة واضحة متى دخلنا في المجالين الدبلوماسي والعسكري، فسندخل بأيدٍ كاملة، يجب على الجهات المسؤولة، في المجالين العسكري والدبلوماسي، أن تشارك في الاتّجاه الصحيح. هذا ما ذكره الإمام الخامنئي، وفي شرح هذه الحقيقة، يجب القول إن التفاوض والحوار كانا جزءًا من جميع الحروب الصعبة والعدوانية للغاية في تاريخ البشرية. الدبلوماسية لا تعنى بالضرورة ضعف أحد الجانبين وقوة الآخر، لأنه من حيث المبدأ، إذا كان الأمر كذلك لا يتم الحوار وسيستمر العمل بالقوّة. عندما تكون الدبلوماسية نشطة، فهذا يعني أن كلا الجانبين يعترف بقوة الآخر.
ثانيًا: يجب الحفاظ على الوحدة والتماسك اللذين تمَّ خلقهما، وقد حُدِّدَ واجب الجميع في الحفاظ على هذه (الوحدة العظيمة، هذه الوحدة الوطنية العظيمة)، والحفاظ عليها، الجميع، الصحفيون على حد سواء، والقضاة على حد سواء، والمسؤولون الحكوميون على حد سواء، ورجال الدين على حد سواء، وأئمة الجمعة على حد سواء؛ على الجميع واجب تجاه هذا الوضع، الحفاظ عليه.
[...] ثالثًا: الصراع على القضايا الصغيرة من صنيعة الصغار، أمثلة كثيرة على هذه الرسالة التي ألقاها الإمام الخامنئي، لا سيما عند بعض أعضاء البرلمان أو الناشطين السياسيين [...] من الضروري إزالة المغالطات التي تُرتكب أحيانًا. لكن من المضر إثارة اعتراضات غير ضرورية ومناقشتها وإثارة ضجة في القضايا الصغيرة. من هنا، يمكن التخمين أن كثيرًا من هذه الفئة، حتّى أولئك الذين يزعمون ظاهريًا التزامهم بالولاية، لا يغيرون من ممارساتهم ويُصوّرون عملهم على أنه إزالة المغالطات الضرورية".
رسوم التسوية
من جهتها، كتبت صحيفة وطن أمروز: "بعد أيام قليلة من بدء الصراع بين قوات الجولاني والمسلحين الدروز في جنوب سورية ومحافظة السويداء، استغل الجيش الصهيوني الذريعة التي حصل عليها وشن هجماته ضدّ الحكام الجدد لسوريا؛ وهي الهجمات التي زادت من تعريض استقرار وأمن سورية للخطر واستهدفت وحدة أراضي هذا البلد.
وقالت الصحيفة: "في السابق، كانت المناطق التي يسكنها الدروز في سورية مصدرًا لانعدام أمن مسلح ضدّ الحكومة المركزية في دمشق، وقد قدم العديد من المحللين الأمنيين النظام الصهيوني على أنه وراء هذه الحركات المناهضة للأمن، ولكن قبل ذلك، لم يكن مستوى التنسيق واضحًا ومباشرًا. بالتزامن مع تمرد الدروز ضدّ قوات الجولاني المتطرّفة والتكفيرية وذبحهم في السويداء وهجوم المتمردين الذين يحكمون دمشق في جنوب سورية، دخل الجيش الصهيوني الميدان بكامل قوته وأعلن دعمه للانفصاليين الدروز بغارات جوية على السويداء ودمشق. وهو دعم يشير إلى خطة النظام المحتل لتقسيم سوريا؛ سورية التي كانت في الماضي تشكّل التهديد الأكبر لحدود الأراضي المحتلة، وكانت كابوسًا للصهاينة بجيشها المتماسك، والتي كانت حتّى وقت قريب، من خلال كونها جزءًا من محور المقاومة، قد وضعت النظام المحتل في مأزق وحصار، الآن أصبحت لعبة في يد النظام الصهيوني الشرير والانفصالي".
[...] لقد أصبح من الواضح الآن لحكام دمشق الحاليين أن هجمات النظام الصهيوني على البنية التحتية العسكرية والأمنية لسورية، خلال الأيام التي كانت فيها قوات الجولاني ترقص منتصرة في دمشق، لم تكن بلا هدف، وأن رسائلهم الدبلوماسية وخدماتهم الأمنية للصهاينة ليس لها تأثير على أهداف "تل أبيب" التوسعية الشريرة. إن طرد فصائل المقاومة الفلسطينية من سورية، واعتقال مقاتليها في البلاد، والمفاوضات المباشرة في الإمارات وجمهورية باكو وتركيا مع الصهاينة، وتقديم الضمانات الأمنية والتنازل عن مرتفعات الجولان، لم يمنع أيٌّ منها القصف غير المسبوق لدمشق؛ قصفٌ لم يسبق له مثيل حتّى في الأيام الأخيرة لبشار الأسد، واستهدف أهم المراكز الأمنية في هذا البلد الذي مزقته الحرب.
من ناحية أخرى، كان تقديم إيران وقوى المقاومة، والتي لم تعد تؤدي دورًا في سورية، أنهم الأعداء الوحيدون لسورية، وتجاهل التهديدات الجيوسياسية الواضحة للنظام الصهيوني لسلامة أراضي سورية ووحدتها، خطأً فادحًا ارتكبه الجولاني في الأشهر الأخيرة؛ خطأٌ وقع فيه الجولاني مع تطمينات الأميركيين في الرياض".
راقبوا سورية جيدًا
بدورها، كتبت صحيفة كيهان: "مرّت سبعة أشهر وتسعة أيام على رحيل بشار الأسد؛ ولم تشهد سورية يومًا سعيدًا واحدًا خلال هذه الأيام الـ 221 منذ رحيله. من قصف البنية التحتية العسكرية للبلاد واحتلالها من النظام الصهيوني والولايات المتحدة، وبالطبع تركيا، إلى الحروب الأهلية والقتل الوحشي لأبناء البلاد والأقليات، كانت هذه بعض التطورات التي شهدتها سورية منذ رحيل بشار الأسد.
[...] ماذا يحدث في سورية؟ هل نشهد تفككًا رسميًا لهذا البلد؟ ما هو رد فعل الغربيين الذين كتبوا بعد رحيل الأسد: "أهلًا بسورية حرة؟" كيف هو الوضع؟ كيف يتوافق تصريح ترامب بأنه سيرفع العقوبات إذا استمعت إيران كما استمعت سورية مع هذا الوضع؟ هل سبب فرح الغربيين برحيل الأسد نابع من الجهل وضعف القدرة التحليلية أم لا؟
[...] يبدو أن ما يحدث في سورية محاولة رسمية من النظام الصهيوني لتقسيم البلاد. يحتل النظام الصهيوني بالفعل جزءًا من الأراضي السورية، بما في ذلك الجولان، ولكنه خلال هذه الأيام الـ 221، حقق تقدمًا إضافيًا في سورية واستولى على العديد من المناطق الحساسة والإستراتيجية. كما أنشأ هذا النظام عدة قواعد عسكرية في سورية خلال هذه المرحلة، واليوم نفهم السبب جيدًا! ربما يسعى الصهاينة إلى إقامة دولة للدروز في قلب سورية، [...] ليس السبب في ذلك ولاء النظام الصهيوني لدروز سورية، فالجميع يعلم أن وضع الدروز في الأراضي الفلسطينية المحتلة ليس جيدًا، ويُعدّون مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة في "إسرائيل" [...] بل قد يكون هدف هجمات النظام الصهيوني أمس على سورية ومبانيها الحكومية هو تقسيم البلاد. وتقسيم سورية جزء من مخطّط كبير، ألا وهو تغيير الحدود وإعادة رسم النظام الإقليمي.
[...] اليوم، يسعى النظام الصهيوني والولايات المتحدة إلى تحقيق الهدف نفسه في المنطقة الذي سعوا إليه بالأمس بأدوات داعش، وهو تغيير النظام الإقليمي لصالح النظام الصهيوني، بتحويل دول المنطقة الكبرى إلى دول صغيرة ضعيفة ومُقسَّمة. وإيران من هذه الدول الكبيرة والقوية التي سحقت الصهاينة، ولولا ذلك لما توقفت هجماتهم لحظة. لو لم تكن صواريخنا قوية، هل كانت "إسرائيل" والولايات المتحدة ستطالبان بوقف إطلاق النار؟! سورية اليوم لا تمتلك مثل هذه الصواريخ والطائرات المسيّرة، لأنه بعد يومين من رحيل الأسد، دمر النظام الصهيوني جميع صواريخها وطائراتها المسيرة وبنيتها التحتية العسكرية! لهذا السبب هو أعزل تمامًا ومُهان للغاية".