ترجمات

"فورين بوليسي": ترامب يعزّز مكانة الصين على حساب الولايات المتحدة
ذكَرت المجلة أنّ "سياسات الصين وسلوكها سيصبحان شيئًا فشيئًا مصدر قلق ثانوي، مقارنةً بالقلق الذي تسبّبه الولايات المتحدة".
قال الكاتب في مجلة Foreign Policy الأميركية، هوارد فرينش، إنّ "الصين لم تتمكّن من ترجمة قوتها التجارية إلى تَفوُّق جيوسياسي كما توقّع الكثيرون"، لكنّه حذر في الوقت نفسه من أنّ "الولايات المتحدة سمحت بتآكل عوامل التفوُّق التي كانت تتمتّع بها حيال الصين"، وأنّها "أضاعتها حتى".
وأضاف الكاتب، في مقال نشرته المجلة، أنّ "الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته انشغلوا، هذا الأسبوع، في تقويض مصادر القوة (الأميركية)، حيث تتردَّد إشارات بأنّ الولايات المتحدة أصبحت تُناصر عالمًا تكون الكلمة فيه للقوي، وحيث يستطيع الأقوياء فرض إرادتهم على الضعفاء".
وشدد فرينش على أنّ "ما يثير الصدمة أكثر هو النهج الصارم تجاه الدول الصديقة، بما في ذلك الحلفاء"، معتبرًا أنّ "ذلك يتجلّى بأوضح صوره في مجال التجارة".
وأضاف الكاتب: "ترامب بعث برسائل إلى قادة أكثر من 24 بلدًا أعلن فيها بشكل أحادي عن شروط جديدة للحفاظ على العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة"، وسلّط فرينش الضوء تحديدًا على رسالة وُجِّهت إلى رئيس كوريا الجنوبية، لي جاي ميونغ، هدّد ترامب فيها برفع الرسوم الجمركية على كوريا الجنوبية بنسبة 25 في المئة في حال قرّرت الأخيرة رفع الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة.
وعلّق الكاتب على رسالة ترامب إلى كوريا الجنوبية قائلًا: "إنّ الغريب في الأمر هو أنّه (ترامب) منفصل عن الواقع، حيث إنّ هناك أصلًا اتفاقية تجارية حرّة بين البلدين، ولا تفرض سيئول أيّ رسوم جمركية تُذكَر على واشنطن"، مبيّنًا أنّ "الرسائل كلها تضمّنت رسومًا جمركية مرتفعة، وقد غاب عن هذه الرسائل الامتيازات المفترضة التي تتمتّع بها الدول؛ لمجرّد أنّها تستطيع بيع المنتجات للأميركيين".
وفيما حذّر الكاتب من أنّ "هذا السلوك التعسُّفي يؤثّر في مستقبل الولايات المتحدة في عالم تُهمين عليه الصين في المجال التجاري"، اعتبر أنّ ذلك "يطرح السؤال عن مدى إمكان استمرار الوضع قبل أنْ تتخلّى دول مثل كوريا الجنوبية والصين وغيرها عن الروابط مع الولايات المتحدة وإنشاء شراكات اقتصادية وشبكات أمنية جديدة كبديل".
وبينما رأى أنّ "الإجابة على هذا السؤال غير واضحة"، نبّه الكاتب إلى أنّ "الوضع لا يخدم موقع الولايات المتحدة العالمي على الأمد الطويل"، متوقّعًا أنْ "يُغيّر حلفاء الولايات المتحدة مسارهم انطلاقًا من الحرص على ازدهارهم وبقائهم". كما تساءل عمّا "إذا كانت الدول التي ليس لديها روابط عميقة مع الولايات المتحدة ستأخذ الكثير من الوقت لاتّباع التوجّه نفسه، إذا ما بدأ حلفاء واشنطن بعملية إعادة تقييم شامل للمكاسب التي يحصلون عليها جرّاء التعامل مع الولايات المتحدة".
ووفق فرينش، فإنّ "بعض تداعيات أفعال ترامب بدأت تتجلّى، بدءًا من أوروبا، حيث أعلنت بريطانيا وفرنسا عن تنسيق ترسانات الأسلحة النووية في حال التعرُّض لهجوم خارجي"، مشيرًا في هذا السياق إلى "تعزيز العلاقات الدفاعية بين بريطانيا وألمانيا".
واعتبر الكاتب أنّ "رفع الرسوم الجمركية بشكل أحادي إلى مستويات غير مسبوقة منذ أوائل القرن العشرين، ربما هو فقط الخطوة الأولى في مسار منزلق".
وفي حين ذكَر أنّ "اليابان وكوريا الجنوبية حتى الآن هما أبطأ من أوروبا على صعيد إيجاد طرق لإحراز الأوراق في مواجهة الأسلوب الإمبريالي من واشنطن"، حذّر الكاتب من أنّ "سياسات الصين وسلوكها سيصبحان شيئًا فشيئًا مصدر قلق ثانوي، مقارنةً بالقلق الذي تسبّبه الولايات المتحدة".
واستنتج فرينش، في نهاية مقاله، بأنّه "فيما لو حصل ذلك مستقبلًا، تكون واشنطن قد حقّقت للصين ما عجزت الأخيرة عن تحقيقه عبر التفوُّق التجاري".