اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي جلسة تشريعية في مجلس النواب وفي جدول أعمالها 5 مشاريع واقتراحات قوانين

نقاط على الحروف

التهويل الإعلامي من الحرب.. محاولة لهندسة الرأي العام
نقاط على الحروف

التهويل الإعلامي من الحرب.. محاولة لهندسة الرأي العام

176

في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية على الحكومة اللبنانية، برز خلال الأسبوع الأخير من تموز 2025، خطاب إعلامي لافت يشيع أجواء التهويل من احتمال اندلاع عدوان وشيك على لبنان. 

عدة وسائل إعلامية لبنانية أسهمت في تصدير هذا الخطاب، وعلى رأسها صحيفتا "نداء الوطن" و"النهار" وقناتا "MTV" و"الجديد". ومجرد قراءة عناوينها، تظهر مفردات تحذيرية وسيناريوهات كارثية تحت عناوين لا تخلو من التأطير المسبق.

السلاح أو الحرب

تكرّرت، في العناوين الصحفية، عبارة "نزع السلاح" بوصفها المدخل الوحيد لتفادي الحرب، وظهرت غالبًا في صيغة التهديد المباشر أو الإنذار الأميركي. ولم تُنقل العناوين فقط على أنها مواقف دولية، أيضا جرى تأطيرها ضمن خيارين لا ثالث لهما: إما الرضوخ الدولي وإما الوقوع في جحيم المواجهة..!

من بين تلك العناوين:
- "النهار" بتاريخ 21 تموز: "عودة براك تستحضر المسار السوري... ضغط أميركي لنزع السلاح أو الحرب؟"
- "نداء الوطن" بتاريخ 22 تموز: "الإنذار الأميركي الأخير: لا رجعة عن نزع سلاح الحزب في كل لبنان"
- "MTV" بتاريخ 27 تموز: "ساعات قبل الجواب... براك يطلب من الدولة والحزب تطبيق الأقوال بأفعال"

تهويل لغوي ممنهج

كما برز استخدام مكثّف لمصطلحات ذات طابع كارثي وإنذاري، مثل: "الانفجار الكبير"، "فوهة بركان"، "أيلول أسود"، "العاصفة الآتية".. هذه المفردات تتجاوز توصيف الأحداث إلى صناعة الإحساس بالخطر، ما يزرع في المتلقي قناعة بأنّ "الأسوأ قادم لا محالة".

هذا؛ وقد كانت "نداء الوطن" "رائدة" في هذا المجال:
- "المنطقة على فوهة بركان... الخطر يداهم لبنان" (21 تموز)
- "الاتصال الأخير بفرنسا... قبل الانفجار الكبير" (23 تموز)
- "معلومات دبلوماسية: وساطة براك فشلت وأيلول أسود يلوح" (26 تموز)

لبنان بلا حماية

صوّرت العديد من العناوين، خصوصًا في "النهار" و"نداء الوطن"، عدم رضا الموفد الأميركي توم براك عن الرد اللبناني، وأوحَت بأنه لم يعد أمام لبنان حلول، وكأن أميركا هي الضمانة الوحيدة لمنع العدوان الصهيوني، في الوقت الذي يستمر فيه العدو باعتداءاته من دون أن تحرك الولايات المتحدة ساكنًا. هذه الصيغة تُبيّن لبنان دولةً متروكة معزولة مهدَّدة، ما يزيد من منسوب التهويل النفسي بأن الحرب باتت واقعًا أكثر منها احتمالًا.

من تلك العناوين:
- "وساطة انتهت قبل أن تبدأ: براك 'دبّروا راسكم'" (نداء الوطن – 23 تموز)
- "خيبة أميركية وعربية من الرد اللبناني" (نداء الوطن – 25 تموز)
- "براك محبط... والوقت بيد جيران لبنان" (نداء الوطن – 24 تموز)

سلاح المقاومة من الردع إلى الإدانة

عدا عن استحضار الخطر الخارجي، لوحظ تركيز بعض الوسائل الإعلامية، لا سيما "نداء الوطن"، على ربط مؤشرات الأزمة الداخلية كلها بسلاح حزب الله، إذ يُحمّل السلاح مسؤولية الركود الاقتصادي والعزلة السياسية، وحتى خطر الحرب نفسه، في خطاب يغفل وجود عدوّ خارجي يعتدي على لبنان منذ العام 1978، ويحمّل طرفًا داخليًا مسؤولية الانهيار.

من أبرز العناوين:
- "فائدة سلاح الحزب ضد "إسرائيل" أو "داعش"... صفر!" (23 تموز)
- "بدل السيّاح طائرات حربية... حزب الله أفشل موسم الأمل" (26 تموز)
لم تخرج الوسائل الإعلامية المذكورة عن منطق الضغط والتهويل، ولو تفاوتت في درجات التصعيد. وما كشفته العناوين هو أن الخطاب الإعلامي اللبناني يمارس دورًا يتجاوز التغطية الإخبارية إلى المشاركة في صنع اتجاه محدد عند الرأي العام نحو الاختيار بين أمرين: قبول الحرب أو نزع سلاح المقاومة. 

هذا التوجّه القائم على التهويل والتصعيد النفسي يخدم أجندة العدو الذي يسعى لخلق بيئة شعبية مستعدة للتخلي عن سلاحها، من أجل تجنّب الحرب، ويخدم أيضًا استراتيجية الضغط الأميركي التي تلوّح بالحرب في حال عدم الرضوخ لمطالبه.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة