عين على العدو

أشار مراسل موقع "كلكليست" يوفال أزولاي إلى أنَّ الاحتلال الكامل لقطاع غزة وإنشاء إدارة عسكرية فيه، وهو ما تسعى إليه الحكومة "الإسرائيلية" حاليًا بعد فشلها في تحقيق أهداف الحرب التي تدخل غدًا شهرها الثاني والعشرين، سيُحمّل "إسرائيل" تكلفة تُقدَّر بعشرات المليارات من "الشواكل" سنويًا، إلا أنَّه ذكر أنَّه في ظل غياب تقدير منظَّم لتكاليف احتلال القطاع والبقاء الطويل فيه، يبدو أن كل رقم مكوّن من خانتين وينتهي بـ"مليار شيكل" هو مرشح محتمل.
وأضاف: "سيتغير هذا الرقم حسب مدة الاحتلال، ومدى المسؤولية "الإسرائيلية" عن السكان المدنيين في غزة البالغ عددهم حوالي 2.1 مليون نسمة، وتكاليف القوى البشرية من جنود الخدمة النظامية والاحتياط الذين سيحتلون أزقة غزة ويسيطرون على الأرض، وغير ذلك. تضاف إلى هذه التكاليف أسعار الطعام، المياه، الأدوية، و"الخدمات الإنسانية" الأساسية التي سيلزم القانون الدولي "إسرائيل" بتوفيرها للسكان في غزة".
ولفت إلى أنَّه بصرف النظر عن أن هذه المبالغ الفلكية ستُقتطع من جيوب دافعي الضرائب "الإسرائيليين" الذين أنهكتهم الظروف أصلًا، لا أحد يعرف كم من الوقت ستستمر هذه الحالة. وقال: "معظم المباني في غزة دُمِّرت بالكامل أو تضررت على الأقل خلال هجمات الجيش "الإسرائيلي" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبالتالي سيلزم القانون الدولي "إسرائيل" أيضًا بتوفير مأوى لملايين الغزّيين. إن تبعات ذلك -سواء كانت بناء مساكن أو إنشاء مدن خيام- ستثقل كاهل الاقتصاد "الإسرائيلي"".
وأوضح أنَّ السيطرة على كامل أراضي غزة قد تُكلّف أيضًا المزيد من الدماء في صفوف الجنود، كما ستُفاقم خطر الموت الذي يتهدد الأسرى الذين نجوا حتى الآن من 22 شهرًا من الجحيم في غزة.
واعتبر أنَّ هذه المبالغ غير المعقولة التي سيتوجب على "إسرائيل" إنفاقها على غزة قد تُصبح، في وقت لاحق، مجرد تفصيل ثانوي مقارنة بالمشكلات الكبرى التي تنتظرها، مؤكدًا أنَّ "هذا الاحتلال سيتوجب على الجيش "الإسرائيلي" إدارته، وهو جيش يخوض حربًا مستمرة منذ 22 شهرًا. جنوده مرهقون ومنهكون بشكل يعرضهم للخطر ويقوّض قواعد الانضباط التي من المفترض أن تحافظ على حياتهم. تشكيل الاحتياط يرزح تحت ضغط كبير، إذ تم استدعاء مئات الآلاف منهم منذ بداية الحرب، مما أدى إلى فقدان وظائف وانهيار أعمال يديرونها، وفي حالات أخرى إلى تفكك الأسر".
وبيّن أنَّ احتلال غزة سيتطلب على الأقل أربع فرق عسكرية، وذلك في وقت تتطلب فيه باقي الحدود المحتلة أيضًا انتشارًا معززًا للقوات والموارد والانتباه. وأضاف: "نتحدث هنا عن الحدود الشرقية مع الأردن، التي تمتد لنحو 430 كيلومترًا وغالبًا ما تكون مكشوفة، والحدود مع سورية، بما في ذلك المنطقة الإضافية التي احتلتها "إسرائيل" في قمة حرمون بعد انهيار النظام السابق في نهاية العام الماضي، والحدود المتفجرة والخطيرة مع لبنان وكل ذلك بينما يواصل اليمنيون إطلاق الصواريخ، وتبذل إيران جهودًا جبارة لإعادة ترميم نفسها بعد حرب الأيام الـ12 مع "إسرائيل"، واستخلاص العبر منها، والاستعداد بسرعة للحرب المقبلة".
ورأى أنَّ "كل هذا يتطلب بطبيعة الحال المزيد من المال للأمن، وآلاف الجنود الإضافيين الذين يفتقر إليهم الجيش. منذ بداية الحرب أُصيب أكثر من 18 ألف جندي، وقُتل حوالي 900". وشدَّد على أنَّ جيش العدو يفتقر إلى نحو 12 ألف جندي إضافي في كل دورة تجنيد خلال السنوات المقبلة، لكن الحكومة التي تريد إرسال الجيش الآن لاحتلال غزة ترفض تجنيد عناصر جدد من القطاع الحريدي بموجب اتفاقيات ائتلافية بين نتنياهو والأحزاب الحريدية.
ولفت إلى أنَّ هذه الاتفاقيات صارمة إلى درجة أن نتنياهو سارع لإقالة وزير "الأمن" (الحرب) السابق، يوآف غالانت، ورئيس لجنة الخارجية و"الأمن" في الكنيست، يولي إدلشتاين، لمجرد مطالبتهما بتجنيد الحريديم، وحتى رئيس الأركان السابق، هرتسي هاليفي، الذي أصرّ أيضًا على تجنيد الشباب الحريدي، واجه مضايقات شديدة من نتنياهو حتى اضطر إلى الاستقالة.
وتابع: "قال نتنياهو في مراسم تعيين إيال زمير، الذي عُيّن من قِبله ومن قبل وزير الحرب إسرائيل كاتس بدلًا من هاليفي: "لقد جاء زمن زمير". والآن، أصبحت استقالة زمير أيضًا مطروحة، في ظل معارضته لاحتلال غزة. خلال الأسابيع الأخيرة، أشار زمير مرارًا وتكرارًا إلى أن الحرب في غزة وصلت إلى نهايتها، وسط فشل عملية "عربات جدعون" التي كان من المفترض أن تُحقق أهداف الحرب: "تحرير الأسرى، نزع سلاح غزة، وهزيمة حماس"".
كما أشار إلى أنَّه "في وقت تتعقد فيه الحرب دون أن تُحقق حتى الآن أيًا من أهدافها، ويبدو أن الجيش "الإسرائيلي" في طريقه للغرق في الرمال المتحركة لغزة، والحكومة عاجزة عن تقديم خطة استراتيجية منظمة لإدارة أكبر أزمة في تاريخ "إسرائيل" لا يمكن تجاهل الاشتباه بأن خطواتها تنبع من أجندات مسيحانية (دينية متطرفة) تسعى لإحياء مشروع الاستيطان في غزة. نتنياهو لا يقول ذلك صراحة، لكن شركاءه من اليمين المتطرف -وهم أصحاب القرار الحقيقيون في حكومته- يقولونه بوضوح".
وختم بالقول: "على الرغم من تجاهل حكومة نتنياهو لذلك، فإن مكانة "إسرائيل" الدولية لم تكن أسوأ مما هي عليه الآن. هنا على سبيل المثال، صفقة تتعلق بمسيرة لاعب كرة القدم شون فايسمان في فريق فورتونا دوسلدورف، وهناك صفقة أمنية تم إلغاؤها. في باريس، تُمنع الشركات "الإسرائيلية" المصنعة للأسلحة من عرض منتجاتها في معرض أمني، وفي أماكن أخرى من العالم يقطع أكاديميون العلاقات مع زملائهم من "إسرائيل"، فقط لأنهم "إسرائيليون"، بغض النظر عن آرائهم حول ما يحدث في غزة. في أجزاء واسعة من العالم، تتصاعد "معاداة السامية". وعندما تحتل "إسرائيل" القطاع بأكمله لن يكون هناك "إسرائيلي" لا يشعر بذلك".