اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني: الحرب لم تنتهِ وإذا تطلب الأمر سننفذ الخطط

مقالات

أجندات واشنطن البائسة لتفكيك الحشد الشعبي
مقالات

أجندات واشنطن البائسة لتفكيك الحشد الشعبي

103

كرست الولايات المتحدة الأميركية في الآونة الأخيرة جهود الكثير من مؤسساتها الداخلية، والأوساط الإعلامية والسياسية الخارجية القريبة منها، لعرقلة إقرار قانون الحشد الشعبي من قبل مجلس النواب العراقي. ورغم أنه لم يتم حتّى الآن إقرار القانون، إلا أن مجمل الشواهد والمؤشرات تذهب إلى أن هذا القانون سيرى النور خلال وقت قريب.

في واقع الأمر، تمثل المحاولات الأميركية لمنع إقرار قانون الحشد الشعبي جزءًا من مشروع إنهاء الحشد، سواء عبر دمج أفراده في المؤسسات والمفاصل الأمنية الرسمية، وبالتحديد وزارتي الدفاع والداخلية، أو من خلال إغلاق ملفه، تحت ذريعة انتفاء الظروف التي استدعت إيجاده، وبالتالي تحويل أفراده إلى المؤسسات المدنية الحكومية بحسب اختصاصاتهم الأكاديمية والمهنية.   

وإذا كانت واشنطن قد تجنّبت في أوقات سابقة الحديث العلني والمباشر عن رؤيتها تجاه الحشد الشعبي، حتّى لا تبدو وكأنها تتدخل بالشأن العراقي الخاص، فإنها باتت الآن تتحدث بلا أي حرج أو تردّد، ومن أعلى المستويات، عمّا تخطط له وتريده، وأقرب مثال ومصداق على ذلك، إشارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال المحادثة الهاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في الثاني والعشرين من تموز/يوليو الماضي، بحسب بيان للخارجية الأميركية، إلى "مخاوف الولايات المتحدة بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي ما يزال قيد المناقشة في مجلس النواب"، مشددًا على أن "تشريع هذ النوع من القوانين سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق"!.

  ومن بين طيات وثنايا مثل هذا الكلام، يمكن أن يُفهم -أو يُتأكد- أن الولايات المتحدة تتعاطى مع مجمل عناوين وحقائق الوضع العراقي من زاوية مصالحها وحساباتها السياسية والأمنية الخاصة، إذ إنها في الوقت الذي تقدم دعمًا ماليًا وتسليحيًا ولوجستيًا متواصلًا منذ أعوام عديدة، وبمئات الملايين من الدولارات سنويًا، لقوات "البيشمركة" الكردية، ولجهات سياسية وغير سياسية عراقية مختلفة، نراها تلقي بكلّ ثقلها لإنهاء الحشد الشعبي، علمًا أنها استهدفت خلال الأعوام المنصرمة، الكثير من مقراته وقياداته وعناصره، تحت ذريعة تهديدهم للقوات الأميركية المتواجدة في العراق وسورية تحت مظلة "التحالف الدولي".

  وفي هذا الاتّجاه، فإن مؤسسات بحثية وأكاديمية أميركية قريبة من مراكز القرار، مثل "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، لا تتوقف عن التحذير والتخويف من مخاطر وجود الحشد الشعبي، في إطار توجه ممنهج ومدروس لشيطنة تلك المؤسسة، وتصويرها وكأنها خارج منظومة الدولة العراقية ومتمردة عليها، وأكثر من ذلك تابعة وخاضعة لأطراف خارجية.

  ففي مقال كتبه "مايكل نايتس" المتخصص بشؤون العراق وإيران والخليج في المعهد المذكور، في شهر نيسان/إبريل الماضي، تحت عنوان (خطورة السماح بتمرير قانون هيئة الحشد الشعبي العراقي)، قال إنه "يتعين على إدارة ترامب أن تشير بهدوء، ولكن بحزم إلى بغداد بأن إضفاء الطابع الرسمي على قوات الحشد الشعبي بوصفها "حرسًا ثوريًا عراقيًا"، سيُمثل تحديًا غير مقبول للمصالح الإستراتيجية الأميركية"، ويضيف أيضًا: "ينبغي للقادة في بغداد أن يدركوا أن الولايات المتحدة لن يكون لديها الكثير من وسائل الضغط الهادئة المتبقية في ذلك السيناريو، وستضطر إلى اللجوء إلى وسائل ضغط صاخبة، مثل فرض عقوبات على الحشد الشعبي بالكامل، كما فعلت مع الحرس الثوري الإيراني. وهي خطوة قد يكون لها تأثيرات مالية واسعة على بقية النظام المالي العراقي، نظرًا لأن الحشد الشعبي هو قوة تدعمها الحكومة ماليًا".

ولا يختلف هذا الكلام من حيث المضمون عمّا قاله روبيو للسوداني خلال المكالمة الهاتفية بينهما، ناهيك عن أن بعض منصات التواصل الاجتماعي سربت مؤخرًا معلومات غير مؤكدة عن تحذيرات أميركية وصلت إلى عدد من الزعماء السياسيين العراقيين الشيعة من تبعات ومخاطر تمرير قانون الحشد من قبل البرلمان.  

 ويبدو أن واشنطن التي كانت تبحث عن تطمينات من بغداد، أو تحديدًا من كبار الشخصيات السياسية والحكومية، انصدمت برد السوداني على روبيو، وكذلك ردود أخرى وصلت إليها عبر قنوات غير رسمية عراقية. إذ إن رد السوداني كان واضحًا وقاطعًا، حينما أكد لوزير الخارجية الأميركي "أن طرح قانون الحشد الشعبي أمام مجلس النواب يأتي ضمن مسار الإصلاح الأمني الذي انتهجته الحكومة، وهو جزء من البرنامج الحكومي المعتمد من مجلس النواب، وقد شمل هذا المسار إقرار قوانين مماثلة لأجهزة أخرى ضمن قواتنا المسلحة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني، وأن الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تعمل في ظل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة".

 وحتّى الآن، لا يوجد في الأفق ما يشير إلى أن الضغوطات الأميركية يمكن أن تفلح في ثني مجلس النواب العراقي عن إقرار قانون الحشد، حتّى في ظل مقاطعة ممثلي المكونين الكردي والسني، ووجود بعض المسائل الفنية المختلف عليها بين قوى المكون الشيعي.

 هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن تهويل البعض من ردود الأفعال الأميركية، ربما يندرج في إطار حملات ومساعي إفشال تمرير مشروع القانون، أو في افضل الحالات، ترحيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة، باعتبار أنه لم يتبق سوى ثلاثة شهور وبضعة أيام على موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.  

  وإذا كانت رسائل واشنطن واضحة حول الحشد، فإن رسائل بغداد هي الأوضح في خضم كلّ اهتزازات واضطرابات أحداث ووقائع المنطقة والعالم.

الكلمات المفتاحية
مشاركة