اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي منظمة التعاون الإسلامي: لتعليق عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة

نقاط على الحروف

والثناء
نقاط على الحروف

والثناء "الإسرائيلي" عارٌ ليس يُمحى! 

70

سقى الله أيّامًا كان مجرّد التقاطع مع خطاب العدوّ فيها مدعاة شعور بالعار الشديد بحيث يسارع صاحب الخطاب إلى التراجع عنه والتبرؤ منه وتوضيحه كي لا تلاحقه وصمة العمالة طيلة عمره. وأيّامًا كان يكفي أن يمتدح العدوّ جهة لبنانية فتُهرع ولو شكليًا لإدانة المديح واعتباره توريطًا وأذىً متعمّدًا. سقى الله أيامًا كان فيها التماهي مع العدوّ يُخفى تحت ستار الشعارات الوطنية الرنّانة، وكان فيها قليلٌ من الخجل ولو الشكليّ يظهر بحال تشابهت المفردات والمصطلحات والمضامين مع تلك التي تصدر "بالعبرية". سقى الله أيّامًا كان فيها العملاء يُعرفون بطأطأة رؤوسهم وبتلعثم أصواتهم إذا ما مرّوا بمحاذاة شريف أو مؤمن بالحق. وأخيرًا سقى الله أيامًا كانت فيها مواد القانون اللبناني المتعلّقة بجرم الخيانة تشكّل رادعًا لمن تسوّل له نفسه التبسّم في وجه الصهاينة.

يوم البارحة، صدر عن مكتب رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو تصريح متعلّق بملف نزع سلاح المقاومة في لبنان، وباختصار، أقلّ ما يُقال فيه إنّ مضمونه يشكّل تحقيرًا منقطع النظير لسيادة لبنان وإهانة لسلطة إقرار الأوراق الأميركية: إهانة تمثلّت بإعلانه عن أهداف مشتركة بينه وبين حكومة لبنان، توجب التعاون مع "إسرائيل" لتحقيقها، وتمثّلت أيضًا بكيله المديح والثناء على أداء الحكومة في لبنان في ما يتعلّق بقرارها نزع سلاح المقاومة. وللإمعان في الإهانة الكفيلة بإدانة الساكتين عنها بجرم الخيانة العظمى، وضع تنفيذ هذا القرار كشرط أساسيّ لانسحاب ممكن من النقاط المحتلّة. والإهانة هنا ليست في توجيه كلامٍ نابٍ إليهم أو توبيخهم. على العكس، هي تكمن في كيفية ابتلاع هؤلاء ألسنتهم وقبولهم بالثناء الوارد باللغة العبرية، وكأن التطبيع الذي يتمنّون قد حدث فعلًا وما المدّاح العارض للمساعدة عليهم سوى رئيس حكومة صديقة! 

كيف تلقّف المعنيون بالثناء "الإسرائيلي" هذا التصريح الذي ظاهره مديح يدين صاحبه، وباطنه تحقير وإعلان عن مشتركات تجمع "الحكومة اللبنانية" مع كيان معادٍ بحسب الدستور والقوانين؟ 
في الواقع، لم يشعر هؤلاء أن عليهم ولو شكليًا الاعتراض على هذا العدوان الكلاميّ الذي يفضح تورّطهم فردًا فردًا بجرم العمالة، سواء فعلوها قاصدين ومدركين، أم سُذجًّا وجاهلين. لم نسمع أحدًا من أهل سلطة الوصاية الأميركية يعترض أو يدين الوقاحة "الإسرائيلية" المشهودة المتمثّلة بشروط مهينة أضافتها "إسرائيل" على الورقة الأميركية ومنها الإسراع في نزع سلاح المقاومة وإيجاد منطقة عازلة في الجنوب، تتضمّن العديد من قرى الحافَة المقاتلة. لم يخرج أحدٌ منهم ولو بتصريح خافت يرفض الشروط "الإسرائيلية" المذلّة والتي زادت الورقة الأميركية وقاحة فوق وقاحة، وذلّة فوق ذلّة! ولا شكّ بأنّهم معذورون فمتابعة شأن "التدخّل الخارجي" تؤرقهم وتلهيهم، والتدخّل الخارجي المقصود هنا هو بالطبع كلّ تصريح أو رأي يعبّر عنه أيّ متحدّث إيراني حول الوضع اللبناني. زيارة السيّد لاريجاني إلى بيروت على سبيل المثال كانت قد استثارت موجة رافضة للتدخّل الإيراني، غير الموجود أصلًا. وكذلك حين يصرّح سفير الجمهورية الإسلامية في بيروت السيد مجتبى أماني، ولو كان تصريحه يتحدّث عن مهامه الاعتيادية كسفير، ستجد من يطالب باستدعائه إلى مكتب خارجية البكاء ودبلوماسية الدموع ووزيرها المنشغل بتكرار لازمة "لا أريد لقاء لاريجاني" مع العلم أن الأخير لم يطلب أن يلتقيه أصلًا! وربّما، كان البعض سيطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية. والمضحك المبكي أنّ الإعلام العوكري في لبنان تلقى وبثّ تصريح نتنياهو ببهجة وافتخار، وعمد إلى تظهيره كتنازل "إسرائيلي" تحقق بالدبلوماسية وكإنجاز يطمئن اللبنانيين ويزيدهم فخرًا! 

إلى ذلك، لم يستطع هذا الإعلام إخفاء بهجته بالشروط التي ألقاها نتنياهو وكذلك بثناء أورتاغوس الافتراضي على هذا الردّ، إذ تناقل الإعلام المنبطح لأورتاغوس وما تمثّل خبرًا إستراتيجيًا فحواه قيامها بالإشارة إلى رد نتنياهو عبر حسابها على منصّة "إكس"، "تويتر" سابقًا. 

وبعد، تنافست المحطات التلفزيونية المشهورة بالعداء للمقاومة على نقل مقتطفات من تصريح نتنياهو على شكل أخبار عاجلة تبشّر لبنان بالرّضا "الإسرائيلي"! وبدا من الطبيعيّ جدًّا، للأسف، أن تقرأ عناوين محليّة وعربية تظهّر الردّ "الإسرائيلي"  وكأنّه مجرّد "نتنياهو يريد مساعدة لبنان!" وهو ما فعلته قناة "العربية" وتبعتها إليه "الحدث" ثمّ المؤسّسات اللبنانية المغرقة في الهوى الأميركي مثل MTV وجريدتي "النهار" و"نداء الوطن" وغيرهما.

بالمناسبة، هذه ليست المرّة الأولى التي يكيل فيها نتنياهو المديح والحبّ للحكومة اللبنانية، ففي الأسبوع الماضي سطّر لبنان سابقة تاريخية بتسليمه أسيرًا "إسرائيليًا" عبر الناقورة عوض استخدامه كورقة ضغط لمبادلته ولو بواحد من الأسرى اللبنانيين المخطوفين في سجون الاحتلال! والمفارقة، هذه الفعلة التي قرأها كيان العدوّ كبادرة حسن نية وتقدير له وبشارة لما هو آت، جاءت في الوقت الذي يُصوّر فيه هذا المسخ كصورة عن أبشع ما شهدته هذه الأرض!

الكلمات المفتاحية
مشاركة