اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي لازاريني يُطالب بمحاسبة "إسرائيل": "الغضب وحده لا يكفي" 

مقالات

من فيليب حبيب الى توم برّاك.. الغطرسة الأميركية ذاتها !
مقالات

من فيليب حبيب الى توم برّاك.. الغطرسة الأميركية ذاتها !

103

عندما وصلت المدمّرة الأميركية نيوجيرسي إلى لبنان، في العام ١٩٨٣، كتب جوزيف أبو خليل في جريدة "العمل" الكتائبية: "أين ربّ المستضعفين أمام جبروت نيوجيرسي؟".. لاحقًا جاء الجواب عبر تفجير مقرّ المارينز في بيروت، وقُتل ٢٤١ من جنودهم وجرى التوقيع على جثثهم: "هنا ربّ المستضعفين؛ فأينَ جبروت نيوجيرسي"؟

قبل تفجير المقر الأميركي، ومعه مقر "الكوماندوز" الفرنسي، كان جيش الكيان الصهيوني قد وصل إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وتولّى حينها المبعوث الأميركي فيليب حبيب ترتيب اتفاق خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان.. وبقي لبنان وقتها من دون درعٍ يحميه إلى أن بدأت عمليات المقاومة اللبنانية، ثمّ المقاومة الإسلامية، والتي أثمرت تحرير غالبية الأراضي اللبنانية المحتلة في العام 2000 وسمّي بــ"عام التحرير".. 

في ذلك الحين، تمادى الأميركي وتغطرس بما لا سابق له، وولد في عهد أمين الجميل اتفاق 17 أيار ميتًا، وأسقط في المجلس النيابي اللبناني..

في الزيارة السابقة لـــ"برّاك"؛ كنت بصدد كتابة مقال عنوانه: "توم برّاك من الإخضاع الى ربط النزاع"؛ بسبب المواقف المتوازنة التي أطلقها؛ ولكني عزفت عن الكتابة لمعرفتي ويقيني بأن الأميركيين هم رأس الأفعى، ويحترفون الكذب والنفاق، وكنت على يقين أن ما قاله حينها لم يكن إلا مجرد مناورات وتضليل لا يمكن أن يمّر على أصحاب العقول المتيقظة والقلوب المفعمة بحب الأرض والإنسان.

في الحاضر؛ تتوالى الجولات المكوكية لــ"ـمورغان أورتاغوس" بداية ثم "توم برّاك"؛ ليتحفنا الأميركي البارحة بقدوم وفد عرمرم ضمّ عتاة الليبرالية المتوحشة الممتلئة حقدًا وغلًّا على المقاومة : توم برّاك ومورغان أورتاغوس والسيناتور جين شاهين والسيناتور ليندسي غراهام والنائب جون ويلسون.. الجميع شاهد واستمع إلى تصريحات هؤلاء الذين أصّروا باستعلاء وفوقية وغطرسة أن البداية يجب أن تكون نزع سلاع الحزب بموعد أقصاه نهاية السنة الجارية.

أبشع المواقف كانت لــ"توم برّاك" الذي قال للصحفيين: "في اللحظة التي يصبح فيها الوضع فوضويًا وحيوانيًا، سنرحل"..ونصح المبعوث الأميركي الصحفيين بالتصرف بـ"تحضر ولطف وتسامح". وشبّه ما حصل من فوضى، خلال المؤتمر الصحفي بالوضع في "الشرق الأوسط" عامةً، ملمحًا إلى أن السبب نفسه يقف وراء الأمرين. لم يكن ليندسي غراهام أقل فوقية من برّاك، حين قال: " نحن نريد حزب الله منزوع السلاح". وأضاف: بعد نزع سلاح الحزب؛ نتحدث عندها مع “إسرائيل” التي سوف يكون معها حوارات مختلفة.. لا تسألوني ماذا ستفعل “إسرائيل” قبل أن تقوموا بنزع سلاح الحزب".

كما أضاف: "حزب الله ليس وفيًا مع الشعب، و"إسرائيل" لن تنظر إلى لبنان بطريقة مختلفة إلا إذا قام لبنان بأمر مختلف". والمقصود هنا واضح وهو محاولة لشق الصفوف والتحريض على الحزب من خلال استخدام نظرية العصا والجزرة، عندما طرحت مسألة التعويض المالي على كل من يسلم سلاحه. وهذا في الحقيقة سخافة وتفاهة، ولا تدّل إلا على عدم معرفة هؤلاء بالمقاومة وبيئتها، وبيئة المقاومة للتوضيح ليست الشيعة وحسب، بل كل من لا يزال مؤمنًا بأن اميركا وربيبتها "إسرائيل" عدو، ويجب مقاومتهما.

في مقاربة مباشرة لما يحصل؛ من الواضح أن هناك سوء تقدير للموقف وجهلا لطبيعة حقائق الصراع عند الأميركيين الذين أعمتهم غطرستهم وفوقيتهم عن رؤية الواقع كما هو.

في السلوك؛ لا بدّ من توصيف واضح لسلوك الموفدين الأميركيين الذين يتعاطون وكأن المسائل المطروحة قابلة للتنفيذ من دون أي مواجهة، وهو الأمر الذي سيصطدم به هؤلاء عندما تدق ساعة الحقيقة.

في التوصيف الدقيق؛ إن ما يحصل هو إملاءات واضحة لا لبس فيها وهدفها الإخضاع، وليس ربط النزاع، والهدف هو حماية الكيان "الإسرائيلي".

وللتأكيد؛ فإن مسألة نزع السلاح لا تقتصر على لبنان، فهو أمر حاضر في الإملاءات الأميركية في إيران والعراق واليمن وفلسطين. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا الاجتهاد الأميركي لنزع سلاح المقاومات يدّل على أن الكيان ضعيف وليس قويًا كما يدّعون، ولهذا نراهم في وضعية التسريع والضغط.

إضافة لما تقدّم، ومن خلال قراءة المشهد كاملًا، أعتقد أنّ ما يحصل هو مشاغلة لا أكثر تحضيرًا لأمر ما  تظهر مؤشراته تباعًا، سواء بما يرتبط بالنوايا الأميركية – الصهيونية أم بما يرتبط بخصوم المقاومة في الداخل.

على المستوى الأميركي – الصهيوني يتحدث البعض عن تحضيرات لتنفيذ عمليات كبيرة في لبنان أميركية – صهيونية للقضاء على الحزب. وهذا يحتاج إلى مراكمة المعلومات الدقيقة للخروج بتقدير موقف واقعي، ولكن يبقى أن العناوين الرئيسة، وعلى رأسها إعلان نتنياهو عزمه على إنشاء "إسرائيل الكبرى"، يبقى المسألة الأساسية التي يجب أن يعدّها كل من يفاوض أميركا أن الأميركي يكذب ويشاغل، و"الإسرائيلي" يخادع ويناور. والدليل المضاف عإى كذب الاثنين ما يقال عن "المنطقة الاقتصادية" في الجنوب "منطقة ترامب"، والتي ستكون على حساب مئات الآف اللبنانين في قرى الحدود الأمامية، وما بعدها في عمق لبنان، والتي قد تصل إلى نهر الليطاني.. وهذا يعني عملية "إسرائيلية" تصل إلى الليطاني، وربما إلى "النهر الأولي".

على المستوى اللبناني؛ هناك فريق يتحضر لإطلاق مواقف مكثفة في حال عدم تحقق عملية نزع سلاح الحزب لإعلان دويلته، وهو مشروع قديم جديد تحت ذريعة أنهم لا يريدون العيش مع شعب المقاومة..!
في الأحوال كلها؛ إنّ ما هو آتٍ ينبئء بمرحلة معقدة لا، وحتى شديدة التعقيد.. وعلى الجميع في لبنان تحكيم المنطق والعقل ومقاربة المسائل بالبعد المصلحي، أي وضع مصلحة لبنان على رأس الأولويات والعودة إلى مناقشة قرار نزع السلاح انطلاقًا من مضمون خطاب القسم للرئيس العماد جوزاف عون، والذي تكلم عن وضع استراتيجية أمن وطني تضع مصلحة لبنان أولًا، وتستفيد من الإمكانات المتاحة كلها، بما فيها سلاح الحزب، وهذا هو الممّر الطبيعي لحماية لبنان وحفظ سيادته.

الكلمات المفتاحية
مشاركة