اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي تهديدات كبيرة أمام "إسرائيل": أميركا و"الكابينت"

مقالات

مقالات

"المنطقة الاقتصادية" جنوب لبنان وتشابك خيوطها مع خطة "ريفييرا غزّة"

95

رغم غزارة اجتماعات الرئيس الأميركي بشكل عام، وتكثيف اجتماعاته مؤخرًا بشأن غزّة وجنوب لبنان، إلا أن اجتماعه الأخير بشأن مستقبل غزّة بدا لافتًا للغاية، بسبب انضمام شخصيات استثنائية لا بد من أن يثير اجتماعها الريبة وتوقع الشر والمؤامرات الخبيثة.

فقد ضم الاجتماع بين ترامب وفريق عمله ثلاث شخصيات لكل واحد منها دلالة، ولاجتماعهم معًا ربط لازم يشي بما يحاك للمنطقة وليس لغزّة فقط والتي تصدرت عنوان الاجتماع.

وهذه الشخصيات هي توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق والذي تحوّل لأكبر سمسار سياسي واقتصادي وأنشأ معهدًا باسمه لإدارة هذه العمليات والتي تتّخذ من السلام والاستقرار غطاء للخطط والمؤامرات الخبيثة والسياسات القذرة.

والشخصية الثانية هي جاريد كوشنير صهر ترامب والذي كان مستشارًا في فترة ترامب الأولى واكتفى بالعمل وراء الكواليس في الفترة الحالية.

والشخصية الثالثة التي انضمت بشكل وصف بالمفاجئ، هي رون ديرمر، وزير الشؤون الإستراتيجية "الإسرائيلي" والمستشار الأقرب لنتنياهو، وهو أميركي تخلّى عن الجنسية الأميركية كشرط لعمله مبعوثًا اقتصاديًا للكيان لدى الولايات المتحدة، ثمّ عمل سفيرًا للكيان لدى أميركا وهو من يوصف بالصندوق الأسود لنتنياهو.

وما يجعلنا نقول إن لكل شخصية دلالة، هو أن الاجتماع ناقش مستقبل غزّة اقتصاديًا وسياسيًّا، وقد أعد معهد توني بلير تصورًا منبثقًا من خطة ترامب للسيطرة على غزّة وجعلها "ريفييرا الشرق الأوسط"، كما أن توني بلير عرّاب السياسات ونظُم الحكم وعلى صلة وثيقة بدول الخليج وترتيباتها وطموحاتها للنخب الحاكمة التي تحقق أجندتها الإقليمية، ناهيك عن علاقته التاريخية بمحمد دحلان والإمارات، ولا يخفى أن دحلان هو رجل الإمارات المفضّل لتولي زمام الأمور لما يتبقى من فلسطين، إذا تبقى منها شيء وفقًا للمخطّطات التي يتم وضعها.

كما أن جاريد كوشنير صهيوني ويعمل كحلقة وصل بين السعودية والشركات "الإسرائيلية" الناشئة كمقدمة للتطبيع بين المملكة والكيان الصهيوني، وصديق شخصي لولي العهد، وتستثمر المملكة مليارات الدولارات في شركته التي أنشأها بعد خروجه من البيت الأبيض.

أما رون ديرمر فقد كان حاضرًا منذ أيام فقط في مناقشات منطقة ترامب الاقتصادية في جنوب لبنان، وهو ما يؤكد صلة ملف غزّة بملف لبنان، وأن المنطقة الاقتصادية بالجنوب على ترابط مع "ريفييرا غزّة"، والأهم أن رون ديرمر كان في اجتماع حديث مع وزير خارجية النظام السوري الجديد وجمعهما لقاء مع المبعوث الأميركي إلى لبنان توم برّاك، وهو ما يؤكد أن هناك ترتيبًا جماعيًّا يضمّ سورية ولبنان وغزّة، وهو متصل بما ذكره نتنياهو حول "إسرائيل  الكبرى".

وهنا يمكن الإضاءة بشكل مختصر حول هذه العناوين لتوضيح المخطّط التصفوي للقضية الفلسطينية عبر تهجير أهل غزّة ومحاولة الربط "الجيوسياسي" والاقتصادي لجبهات المقاومة وتحويلها لجبهات اقتصادية خادمة لأميركا وموظفة في إطار مشروع "إسرائيل الكبرى":

أولًا: مركز أبحاث توني بلير وتمويله

عمل "مركز أبحاث توني بلير" منذ أشهر على مشروع يطور خطة لمرحلة ما بعد الحرب في غزّة، تضمنت إنشاء منطقة سياحية على البحر الأبيض المتوسط عند ساحل غزّة، فضلًا عن منطقة صناعية.

وقد وُضع هذا المشروع، على خلفية رؤية ترامب للاستيلاء على غزّة وتحويلها إلى منتجع سياحي، وقاده رجال أعمال صهاينة واستخدم نماذج مالية طورتها شركة الاستشارات الأميركية "مجموعة بوسطن الاستشارية" (BCG).

ويتلقى "معهد توني بلير" تمويله من جهات عدة مثل وزارة الخارجية الأميركية، والسعودية، ومؤسسة لاري إليسون (أكثر من 52 مليون جنيه استرليني في 2023) بالإضافة لجهات أخرى مثل مايكروسوفت ومؤسسة بيل وميليندا غيتس. 

ويواجه المعهد اتهامات ترتبط بوقوفه قرب الأطراف السلطوية في دول مثل السعودية وأذربيجان، والرعاية من الشركات التكنولوجية التي قد تؤثر على أجنداته.
 
والتقارير غنية بوساطات توني بلير العقارية وخاصة لصالح قطر والعمولات الضخمة التي تلقاها، ومنها مشروعات بالضفّة الغربية مثل مشروع "روابي" لصالح صندوق الثروة القطري، وغيرها.

ثانيًا: كوشنير وتطابق الرؤية مع ترامب:

اتفقت التبريرات لحضور كوشنير الاجتماع، على أن السبب هو تطابق رؤيته مع أفكار ترامب بشأن غزّة، في تحويل القطاع إلى منتجع سياحي ساحلي بعد تهجير سكانه.
وسبق أن وصف كوشنير الصراع العربي "الإسرائيلي" بأكمله بأنه "ليس أكثر من نزاع عقاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، وقال في فعالية في "هارفرد" في شباط/فبراير 2024: "إنه وضع مؤسف بعض الشيء هناك، لكنني أعتقد من وجهة نظر "إسرائيل" أنني سأبذل قصارى جهدي لإجلاء الناس ثمّ تنظيف المكان".

ثالثًا: خطة بلير والأطراف الإقليمية المستفيدة

يتطلب البحث عن المستفيدين إلقاء بعض الضوء على ما تسرّب من تفاصيل خطة "معهد بلير"، حيث وضعت خطة أُطلق عليها خطة "The Great Trust"، ووفقًا لتقرير "فايننشال تايمز"، شاركت مؤسسة بلير في مناقشات أولية تضمنت تطوير منطقة اقتصادية ومنتجع سياحي فاخر باسم "Trump Riviera"، مستلهم من نماذج دبي.
وكذلك إطلاق منطقة صناعية ذكية على الحدود تُسمّى "Elon Musk Smart Manufacturing Zone".، وإنشاء موانئ عميقة، وجزر اصطناعية، ومناطق اقتصادية خاصة ذات إعفاءات ضريبية، إضافة إلى مبادرات تكنولوجية مثل أنظمة تجارة تعتمد على "البلوكتشين". 

وتضمنت الخطة مساحة لنقل فلسطينيين من غزّة، يُقدَّر عددهم بين ربع إلى نصف مليون، كجزء من إعادة التطوير.

 وهنا توجد قرائن لاستفادة الإمارات والسعودية من هذا المخطّط، ويمكن رصد بعض هذه القرائن:

1.الاجتماع السري بين الإمارات و"إسرائيل" والولايات المتحدة في أبو ظبي وكان يهدف إلى تحديد الأطر القانونية والاقتصادية لإعادة إعمار غزّة، وكان ذلك في نهاية (2024 ) والإمارات كانت المستثمر الرئيسي المتوقع للمشاريع الكبرى في غزّة مثل المناطق الصناعية والمنتجعات السياحية وفقًا لوكالة "رويترز".

2.موافقة الإمارات على مشروع "ريفيرا ترامب"، وهناك تصريح إماراتي شهير عن عدم وجود بدائل لخطة ترامب.

3. نوعية المشروعات التي أبدت الإمارات عزمها لتنفيذها في إعادة اعمار غزّة بعد تحقق شروطها بإنهاء حكم حماس وإصلاحات السلطة، تتوافق مع مشروعات "ريفييرا"، حيث أبدت الإمارات استعدادها للعب دور رئيسي في إعادة بناء غزّة عبر الاستثمارات في المشروعات السياحية والتجارية، وكان جزء من هذه الاستثمارات يستهدف تطوير الأراضي لتكون مناطق اقتصادية حرة، تشمل مرافق سياحية ومناطق صناعية جديدة، وهو ما يتناسب مع الرؤية التي طرحها "معهد توني بلير".

4 - صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشراكته مع كوشنير، وكذلك التمويل السعودي لمعهد توني بلير.

باختصار شديد، فإن خيوط تهجير غزّة والاستيلاء عليها تتشابك مع خيوط المنطقة الاقتصادية في جنوب لبنان وترتيبات الأوضاع في سورية مقابل إدخال سورية في الترتيبات الاقتصادية التي يمولها الخليج لصالح الأجندة الأميركية القائمة على مشروع "إسرائيل  الكبرى"، وهو ما يشترط - برأيهم - القضاء على المقاومات ونزع سلاحها، وبالتالي هناك صدام حتمي بين المقاومات والشعوب الحرة، مع كلّ رعاة هذا المشروع وسماسرته وخدامه.

الكلمات المفتاحية
مشاركة