إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأربعاء 03 أيلول 2025 بمشاركة إيران بقمة شنغهاي ومفاعليها مقابل الغرب، كما اهتمت بالمساعي الإيرانية المستمرة لتطوير القدرات الداخلية والاقتصادية وغيرها، في مقابل حملات العقوبات الغربية الشرسة.
شنغهاي: الموازنة مع العقوبات
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة كيهان: "وضعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الاتفاق النووي مع الغرب على جدول أعمالها لأكثر من عقدين، وبذلت قصارى جهدها لإثبات حقها النووي وامتثال الدول الغربية لهذا الحق، ومع ذلك، حاولت الدول الأوروبية إيقاعها في مأزق في أوقات مختلفة من خلال نكث الوعود، وكان الهدف من الاتفاق النووي، على سبيل المثال، إخراج إيران من هذا المأزق وإقامة علاقات سياسية واقتصادية مع أوروبا، بينما حاولت إيران في مرحلة جديدة من التفاعل مع الغرب نسيان ما شهدته خلال سنوات الحرب المفروضة عليها، والتي شهدت شرور الدول الغربية في دعم نظام صدام البعثي، وفي مجال السياسة الخارجية، ورغم دعمها للعراق في حرب السنوات الثماني، سعت إلى إعادة بناء علاقاتها مع هذه الدول بما يسمح لها بتحقيق مصالحها الوطنية دون أي عوائق من خلال توسيع سياستها الخارجية، تفاؤلًا بسلوك أوروبا في خطة العمل الشاملة المشتركة، وأملًا في انفتاح العلاقات مع الغرب".
وتابعت: "باستعراض بسيط لتاريخ العقدين ونصف الماضيين، يتضح أن مختلف الحكومات في جمهورية إيران الإسلامية، على الرغم من اختلاف آرائها وتوجهاتها واختلاف قواعدها الاجتماعية، سعت دائمًا إلى تحسين علاقاتها مع الغرب، ولكن رغم كل الجهود والخطوات التي اتخذتها إيران لبناء الثقة، فإن تراجع أوروبا كان دائمًا في مسار لا يحقق لإيران فيه أي مكاسب تُذكر من هذه العلاقات".
وأردفت: "في هذا السياق، ينبغي تقييم انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وتوسيع تعاونها مع روسيا والصين، وتصميم علاقاتها الخارجية على أساس النأي بالنفس عن الدول الغربية، لا سيما أن الدول الشريكة لإيران، وتحديدًا روسيا بعد حرب أوكرانيا والصين بعد تعريفات ترامب الجمركية، كانت تخضع، إلى حد ما، لعقوبات أو ضغوط جمركية من الولايات المتحدة".
ورأت أن التحالف الاستراتيجي الذي تشكل بين هذه الدول، وخاصةً في الشهر أو الشهرين الماضيين، عندما أثارت ثلاث دول أوروبية نقاش آلية الزناد وإعادة ستة قرارات عقوبات من مجلس الأمن الدولي ضد إيران بهدف الضغط عليها، وخاصةً في الأيام الأخيرة من رفع بعض قيود خطة العمل الشاملة المشتركة بعد عشر سنوات من القيود المفروضة على الجمهورية الإسلامية، قد تأثر بالتأكيد بالأداء السلبي للغرب، وخاصةً عدم التزامه، مشيرة إلى أنه "في حين أن أوروبا وشريكتها الشريرة الولايات المتحدة قد توصلت الآن إلى الاعتقاد بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مثل بعض الدول الأخرى، لا يمكن اللعب بها، وأن إيران، التي هي بطبيعتها قوة إقليمية مستقلة عن القوى العظمى، لن تقبل أي مسار يؤدي إلى العبودية أو الاستغلال أو أي شيء من هذا القبيل".
وأكدت أن النظر إلى الشرق، وإيلاء اهتمام خاص لمنظمات مثل شنغهاي، والنهج المتبع تجاه القوى الاقتصادية العالمية الجديدة التي اجتمعت اليوم في شكل منظمة البريكس للسعي إلى التنمية الاقتصادية ليس في ظل الولايات المتحدة، ولكن بقدراتها الداخلية الخاصة ولتشكيل عالم جديد، هو نفس المسار الذي يمكننا أن نسلكه الآن بخيبة أمل من الغرب المارق وأميركا العدوانية، شريطة ألا نتراجع عن المسار الذي تم اختياره.
سورية مفتاح المنطقة
من جانبها، ذكرت صحيفة وطن أمروز: "في الشرق الأوسط، لا شيء يعود إلى الوراء، بل كل شيء مرتبط بالماضي والتاريخ؛ هذه المفارقة العجيبة لا نجدها إلا في غرب آسيا. أي مستقبل ينتظرنا؟ كيف سيبدو النظام السياسي في الشرق الأوسط، وماذا تريد القوى الإقليمية والدولية؟ قد تكمن الإجابة عن كل هذه الأسئلة اليوم في سورية، حيث قد تُصبح الأحداث الجارية والمرعبة هناك مهدًا لمقاومة جديدة في بلاد الشام".
وقالت: "قبل قرن من الزمان، قرر المنتصرون في الحرب العالمية الأولى، المعروفة باسم الحرب العظمى، تفكيك رجل أوروبا المريض، الإمبراطورية العثمانية المنهارة، وغرس وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا، من خلال اتفاقية سايكس بيكو السرية، التي سُميت في البداية اتفاقية آسيا الصغرى، جذور أزمة لا نهاية لها في المنطقة، وقد أسست الحدود المصطنعة التي قُسِّمت بين القوتين الاستعماريتين الأوروبيتين منطقةً لطالما اتسمت بعدم الاستقرار".
وتابعت: "بعد مئة عام، تشهد غرب آسيا من جديد منعطفًا جيوسياسيًا تاريخيًا، بينما يتحدث الصهاينة عن تغيير حدود الشرق الأوسط وإعادة تشكيل المنطقة، ويتحدث بنيامين نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى"؛ تطورات يُطلق عليها المراقبون اسم سايكس بيكو 2. ويمكن استخلاص الدليل من تصريح توماس برّاك، المبعوث الأميركي إلى سورية ولبنان، الذي صرّح قبل أيام بأن لـ "إسرائيل" موقفًا جديدًا تجاه الحدود بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، ويعتبر الخطوط المرسومة في اتفاقية سايكس بيكو بلا معنى".
وأردفت: "منذ تأسيسها بعد الحرب العالمية الأولى، كانت الجمهورية العربية السورية دائمًا مركزًا للتطورات الكبرى في المنطقة. ينبض نبض الشرق الأوسط بأحداث هذا البلد، وأي تغيير في النظام السياسي والترتيبات الأمنية الجديدة في المنطقة يمر عبر بوابة دمشق، وفي الوقت نفسه، كان الاستقرار هو الحلقة المفقودة في هذا البلد العربي المهم. تُظهر نظرة على التاريخ السوري أنه في مرحلة واحدة فقط، بعد تولي حافظ الأسد السلطة في سبعينيات القرن الماضي، نجحت الحكومة البعثية السورية في تشكيل حكومة مركزية قوية في أكثر الوحدات السياسية تنوعًا في الشرق الأوسط. ورغم خسارة سورية في عهد حافظ الأسد مرتفعات الجولان في حرب الأيام الستة عام 1967، إلا أنها ظلت قوة إقليمية ذات مصداقية بجيش قوي لثلاثة عقود على الأقل، وشكلت عقبة أمام طموحات الكيان الصهيوني. وقد أثّر توحيد مصر وسورية وإنشاء جامعة الدول العربية على المنطقة".
وكانت دمشق الطرف الأكثر نفوذًا في لبنان، بحسب الصحيفة، وبوقوفها إلى جانب إيران في الحرب مع العراق، غيّرت ديناميكيات الشرق الأوسط جذريًا. ومع ذلك، فإن مسار التطورات في سورية، الذي أدى إلى عام 2011 وبداية حرب عالمية في دمشق، أضعف وتآكل أسس البلاد لدرجة أن تركيا استغلت هذه الفرصة في النهاية، ومن خلال استغلال التطورات بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، رأت الأرض مناسبة لتحقيق طموحاتها طويلة الأجل لسورية، والآن عاد كل شيء إلى نقطة البداية ويريد التاريخ أن يبدأ من الصفر.
الاقتصاد المقاوم من خلال قدرة الموانئ
في سياق آخر، أكدت صحيفة رسالت أن وسائل النقل البحري، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي، تتمتع بمكانة فريدة في تطوير التجارة والتبادلات الدولية. واليوم، يُجرى جزء كبير من تجارة البضائع العالمية عن طريق البحر، مما ضاعف الأهمية الاستراتيجية للموانئ والبنية التحتية البحرية. وبالنسبة لإيران الإسلامية، التي تقع في إحدى أهم النقاط الجيوسياسية في العالم، فإن تطوير الموانئ والنقل البحري ليس ضرورة اقتصادية فحسب، بل فرصة عظيمة لتعزيز الازدهار الاقتصادي وزيادة القوة الإقليمية أكثر من ذي قبل، إذ تتمتع جمهورية إيران الإسلامية، بمنطقتيها المائيتين الشاسعتين، وهما الخليج العربي وبحر عُمان جنوبًا وبحر قزوين شمالًا، بإمكانيات لا مثيل لها لتصبح مركزًا إقليميًا للنقل. وقد جعل هذا الموقع الجغرافي المتميز بلدنا أقصر وأكثر طرق عبور البضائع أمانًا بين شرق العالم وغربه.
وقالت: "في هذا الصدد، كان تطوير الموانئ وتعزيز النقل البحري دائمًا محورًا للمساعي السابقة، بما في ذلك السياسات العامة لاقتصاد المقاومة وخطة التنمية السابعة. واتخذت وزارة الطرق والتنمية الحضرية وهيئة الموانئ والملاحة البحرية خطوات قيّمة في هذا المجال في السنوات الأخيرة. ومن بين هذه الإنجازات زيادة سعة التحميل والتفريغ لموانئ البلاد إلى أكثر من 300 مليون طن، وإطلاق محطات جديدة، وتعميق قنوات الوصول. ولم تُحسّن هذه الإجراءات مكانة البلاد في شبكة النقل الدولية فحسب، بل وفرت أيضًا مسارًا جديدًا لتنمية الصادرات غير النفطية، وزيادة حصة البضائع العابرة، وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي. لذلك، يمكن اعتبار تطوير النقل البحري وموانئ البلاد القوة الدافعة للتجارة الخارجية؛ وهو مسار يمكن أن يخلق، من خلال التصميم العام والاعتماد على القدرات المحلية، مستقبلًا أكثر إشراقًا واستدامة لاقتصاد البلاد".
وتابعت: "تُظهر هذه الإجراءات أن جمهورية إيران الإسلامية، بالاعتماد على الطاقة المحلية والاستفادة من القدرات الإقليمية، قد اتخذت خطوات كبيرة نحو تحقيق أهداف الاقتصاد المقاوم. وتجدر الإشارة إلى أن تطوير الموانئ والنقل البحري لن يسهم فقط في ازدهار الصادرات غير النفطية، بل سيجعل بلدنا أيضًا لاعبًا مهمًا في شبكة النقل الدولية من خلال زيادة حصة البلاد في النقل الإقليمي. باعتبارها بوابات للتجارة الخارجية، فتحت موانئ البلاد آفاقًا جديدة لكسب النقد الأجنبي، وخلق فرص العمل، وتعزيز مكانة البلاد على الساحة العالمية. ومن خلال تطبيق سياسات داعمة واستخدام تقنيات جديدة، يمكن تعزيز القدرات الحالية أكثر من أي وقت مضى، وتمهيد الطريق للبلاد نحو استقلال اقتصادي أكبر وتقدم أكثر استدامة. لذلك، يمكن القول بثقة إن تطوير الموانئ والنقل البحري ليس مجرد مشروع تنموي، بل هو أيضًا استراتيجية اقتصادية وتجارية؛ استراتيجية من شأنها، بتعاون الإدارة ودعم القطاع الخاص، أن تخلق مستقبلًا أكثر إشراقًا لاقتصاد البلاد من أي وقت مضى".