عربي ودولي

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس (04 أيلول 2025)، بنتائج قمة شنغهاي، فقد عدّت استعراضًا للقوة الشرقية مقابل الهيمنة الأميركية. وأيضًا اهتمت الصحف بالأوضاع الداخلية الإيرانية الأمنية والاقتصادية مع تزايد احتمالات الحرب والتوترات.
رسالة قمة شانغهاي لأميركا: أقلقوا!
في هذا الصدد، ذكرت صحيفة كيهان: "حظيت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، والتي عُقدت هذا العام في الصين بتغطية إعلامية واسعة النطاق، فقد كتبت وسائل الإعلام أن الرسالة الرئيسة للقمة كانت موجهة إلى الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن النظام القديم الذي تقوده الولايات المتحدة يحتضر ونظامًا جديدًا آخذ في الظهور".
وقالت: "اجتمع قادة 20 دولة من العالم، في تيانجين- الصين، في وضع يشهد فيه النظام الليبرالي الذي تشكّل بعد الحرب العالمية الثانية بالأفعال الأحادية للولايات المتحدة، وفقًا للعديد من الخبراء". وأضافت: "ومن هنا، تتراجع مؤسسات وأنظمة النظام الليبرالية السابق، مثل منظمة التجارة العالمية وأنظمة العقوبات وأنظمة نزع السلاح، بينما تكتسب مؤسسات ومنظمات مثل مجموعة البريكس وشنغهاي قوة. وقد كانت إجراءات الرئيس الأميركي ترامب، خلال الأشهر الثمانية الماضية، مثل فرض العقوبات وحرب التعريفات الجمركية على العديد من دول العالم، بما في ذلك دول أعضاء في شنغهاي (الهند والصين وإيران وروسيا) مؤثرة للغاية في عقد قمة هذا العام على نحوٍ مهيب، ما أثار غضب ترامب. وتناولت العديد من الخطب، في قمم هذا العام، مواجهة الإجراءات الأحادية الأميركية والسعي إلى إرساء نظام جديد وعالم متعدد الأقطاب".
هدف الغرب من الحرب على إيران
من جهتها، لفتت صحيفة وطن أمروز إلى أنه: "في عالم السياسة، تتغير أشياء كثيرة: تتغير الشعارات، وتأتي الحكومات وتذهب، وتصبح الأيديولوجيات جريئة وضبابية، لكن الخريطة تبقى كما هي؛ الجبل يبقى جبلًا والمضيق يبقى مضيقًا". وقالت: "لو بدأتُ باستعارة، لقلتُ إن التاريخ يُكتب على ورق الجغرافيا، مهما كان النص، فعندما تُمزق الورقة، ينهار النص أيضًا. إذ من دون الجغرافيا السياسية، لا معنى للتاريخ والهوية والثقافة والأيديولوجيا. منذ الحقبة الاستعمارية وحتى اليوم، لم تكن مشكلة الغرب الحديث الرئيسة مع الدول والحضارات غير الغربية أفكارها؛ بل جغرافيتها السياسية"، مضيفة: "تجدر الإشارة إلى أنه حيثما تُشكل الجغرافيا عائقًا تكون الأيديولوجيا مجرد ذريعة، وبالطبع، النقطة الدقيقة في الأمر هي أنه إذا كانت لديهم مشكلة مع فكرة ما، فلأنها قادرة على خلق جغرافيا سياسية".
وتابعت: "كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سياسيًا، وكان في يوم من الأيام من أبرز شخصيات الحركة المؤيدة للغرب في الاتحاد السوفياتي السابق، وكان عضوًا في مجموعة بوريس يلتسين زعيم روسيا بعد انهيار الاتحاد، ومارس السياسة. توقع بوتين جذب انتباه الغرب بتخليص روسيا من أيديولوجية الماركسية، ولكن مهما فعل سياسيًا، لم يستطع الاقتراب من الدائرة الرئيسة للحركة الغربية، وظل دائمًا غير موثوق به. مع تقدم الناتو يوميًا نحو حدوده، أدرك تدريجيًا أن القضية جيوسياسية في جوهرها، وليست أيديولوجية. مشكلة الغرب تكمن في وجود عجلة القوة؛ لا تردعه التحولات الأيديولوجية عن العداء".
وأشارت إلى أنه لا يُزيل الغرب الحديث عادةً العقبات الجيوسياسية بتغيير الحكومات، بل يسعى إلى تقويض القدرة على تشكيل قوى مستقلة وقادرة جذريًا بتغيير حجم الدول وتفكيك وحدات المقاومة. ورأت أن: "إيران اليوم، كما كانت بالأمس، تقع على محور جيوسياسي. من جهة، يقع بحر قزوين، ومن جهة أخرى، يقع الخليج ومضيق هرمز، وهو طريق الطاقة الحيوي في العالم، ويتجه تدفق النفط والغاز الرئيسي عبره إلى الأسواق الآسيوية. من الواضح أن أي خلل في هذا الاختناق يُزعزع توازن القوى في الاقتصاد السياسي العالمي بأسره".
وأردفت: "لذلك؛ إذا كان للغرب صراع مع إيران، فهو قبل كل شيء قضية جيوسياسية، فالأفكار مهمة بقدر قدرتها على تنظيم السلطة وتأسيس جغرافية سياسية مستقلة، وهذا أيضًا سبب معارضتهم للثورة الإسلامية".
وشددت على أن هدف العدوّ ضد إيران، والتي تُشكّل عائقًا جيوسياسيًا له، هو محو جغرافيتها السياسية، وليس مجرد تغيير حكومة أو تأجيل شعار. لذلك، في الأيام والشهور والسنوات القادمة يجب أن نلجأ إلى الذكاء الجيوسياسي، لأن الحفاظ على الخريطة التي تُشكّل أساس كتابة النص هو اليوم الأولوية الأساسية للإيرانيين".
تحديات غير متوقعة
من جانبها، كتبت صحيفة رسالت: "لطالما اتسم الاقتصاد الإيراني بعدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ في العقود الأخيرة؛ وهي قضية لم تؤثر فقط على الحياة اليومية للناس، طرحت أيضًا مسار التنمية والاستثمار بصعوبات بالغة. ومن أهم العوامل في هذا الوضع التقلبات الحادة في أسعار الصرف والتغييرات المتتالية في السياسات الاقتصادية، وظلال العقوبات الأجنبية".
وقالت: "لقد أدى الارتفاع المفاجئ في سعر الصرف أو انخفاضه غير المتوقع إلى جعل التخطيط طويل الأجل مستحيلًا عمليًا للجهات الفاعلة الاقتصادية. ويشعر التجار والمنتجون، وحتى المستهلكون، دائمًا بالقلق بشأن تغييرات الغد؛ وهو تغيير يمكن أن يحوّل ربح النشاط الاقتصادي إلى خسارة فادحة. ويؤدي هذا الوضع إلى انخفاض الحافز للاستثمار وهجرة رأس المال إلى أسواق غير منتجة. أما التحدي الثاني؛ فهو السياسات الاقتصادية المتغيرة. فقد أدت التغييرات السريعة، في قوانين الضرائب ولوائح الاستيراد والتصدير والسياسات المصرفية، وخاصة من دون دعم الخبراء الكافي، إلى إرباك بيئة الأعمال. ويُفضّل العديد من رواد الأعمال والشركات تقليص أنشطتهم أو الانتقال إلى أنشطة قصيرة الأجل ومنخفضة المخاطر، لأنهم لا يرون مستقبلًا مشرقًا ومستدامًا أمامهم".
وتابعت: "من العوامل المهمة الأخرى العقوبات الأجنبية والقيود التي تفرضها. لقد حدّت هذه العقوبات من الوصول إلى الأسواق العالمية والموارد المالية الدولية والتقنيات الحديثة، وأدّت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض القدرة التنافسية، وتزايد الضغط على معيشة الناس. وفي ظل هذه الظروف، يصعب حتى على السياسات المحلية الفعّالة أن تُحدث تأثيرًا كاملًا"، مردفةً: "من ناحية أخرى، أدّى التضخم المزمن، نتيجة مباشرة لهذا الاضطراب، إلى انخفاض القدرة الشرائية للأفراد وتفاقم التفاوت الاجتماعي. وبينما تواجه الطبقات المتوسطة والدنيا في المجتمع صعوبات متزايدة، تُحقق فئات صغيرة أرباحًا طائلة باستغلال تقلبات السوق؛ وتُصبح هذه الفجوة الاجتماعية بحد ذاتها عاملًا إضافيًا في إضعاف ثقة الجمهور ورأس المال الاجتماعي. ويتطلب الخروج من هذه الدوامة مجموعة من الإصلاحات الجذرية. ومن أهم الخطوات تحقيق الاستقرار في صنع السياسات الاقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد بجدية وتهيئة بيئة استثمارية مستقرة".
وختمت الصحيفة: "يتمتع الاقتصاد الإيراني بإمكانات هائلة، في مجالات الطاقة والزراعة والسياحة والموارد البشرية. لكن استغلال هذه الإمكانات يصب في مصلحة بناء الثقة والاستقرار الاقتصاديين. وما دام الناشطون الاقتصاديون والجمهور عاجزين عن التنبؤ بمستقبل اقتصاد البلاد، فسيظل الأمل في نمو مستدام ضئيلًا".