خاص العهد

أجرى نائب وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، على مدى يومين، سلسلة مباحثات ولقاءات مع كبار المسؤولين والساسة العراقيين في العاصمة بغداد، تمحورت حول آليات تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وإيران في مختلف الجوانب والمجالات، وسبل مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه دول وشعوب المنطقة، في ظل العدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني، واليمن وسورية، وكيفية العمل على ترسيخ الأمن والاستقرار عبر تعاون وتكاتف كلّ الأطراف الإقليمية، لا سيما المؤثرة والفاعلة منها.
وخلال لقائه نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، استعرض نائب وزير الخارجية الإيراني، "ظروف الحرب الفعلية في أثناء عدوان الكيان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية، وتأثيراتها في السياسة والمجتمع الإيراني"، مؤكدًا - بحسب بيان للمكتب الإعلامي للخارجية العراقية - "أن تلك الأوضاع انعكست على إعادة صياغة المفاهيم الأمنية والعسكرية، فضلًا عن المقاربة السياسية في علاقات إيران الدولية".
وأشار المكتب الإعلامي في بيان له، إلى "أن الجانبين تناولا نتائج المفاوضات الإيرانية - الأوروبية، والحوار الجاري مع دول الترويكا الأوروبية (بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا)، إضافة إلى مناقشة المواقف المطروحة في مجلس الأمن الدولي، ولا سيما ما يتعلق بالدورين الصيني والروسي في الملفات المرتبطة بإيران". في الوقت ذاته، أكد الوزير حسين، "حرص العراق على دعم الحوار والتفاهم بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي".
وبينما أكد خطيب زاده خلال لقائه مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، "أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم جهود الحكومة العراقية في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار، والتطور الاقتصادي، والتوجّه نحو التنمية"، أشاد الأعرجي "بالحنكة السياسية التي تتمتع بها حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مبينًا "أن هذا يجعل المنطقة تتّجه إلى الحوار والقنوات الدبلوماسية، وهي السبيل الأمثل لحل المشاكل".
ووفق ما جاء في بيان خاص بالمكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي العراقي، فقد "جرت مناقشة تطوّرات الأوضاع في المنطقة، والجهود المبذولة لترسيخ دعائم الاستقرار وتجنب الصراعات، كما جرت مناقشة عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث شهد اللقاء التأكيد على أن الحوار والدبلوماسية هما الركيزة الأساسية لحل جميع المشاكل العالقة، سواء في المنطقة أو العالم".
وفي إطار تقييم زيارة المسؤول الإيراني للعراق، قال الإعلامي والباحث في الشؤون السياسية؛ حافظ آل بشارة، في تصريحات خاصة لموقع "العهد" الإخباري: "تعد زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني للعراق، استمرارًا للزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، والتي تعتبر ضرورية لتطوير العلاقات الثنائية والتعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية والثقافية بين البلدين الجارين. وقد جاءت هذه الزيارة عقب انتهاء زيارة الأربعين التي شهدت مشاركة أكثر من ثلاثة ملايين مواطن إيراني. إضافة إلى التنسيق والتفاهم بين البلدين حول الأحداث والتطورات المهمّة التي تشهدها المنطقة، وضرورة اتّخاذ مواقف تخدم مصالح البلدين على الأصعدة كافة".
وأضاف آل بشارة، "أن هذه الزيارة جاءت أيضًا متزامنة مع استمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم الإبادة في غزّة، وتهديدات نتنياهو بغزو بلدان المنطقة في إطار ما يُسمّى مشروع ("إسرائيل" الكبرى)، في وقت ما زال الكيان الصهيوني يهدّد بتوجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية بدعم أميركي وأوروبي، وكذلك التهديد العلني بإثارة الفوضى في العراق، والسعي لحل الحشد الشعبي، وهذا يعني إعلان الحرب على المنطقة"، مشددًا على ضرورة "أن يستمر التواصل بين البلدين الجارين لمواجهة المخاطر المشتركة التي لم تعد سرًّا، بل أصبحت أجندة علنية".
من جانبه علق الأكاديمي في جامعة السليمانية؛ الدكتور صلاح الأركوازي على الزيارة، قائلًا: "لا ينبغي أن ننظر إلى زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني من الجانب البروتوكولي فقط، بل لا بد من التأكيد على التوقيت وأهميته في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية، والتي تتشابك فيها الأحداث في المنطقة وعموم العالم".
وأوضح الأركوازي في حديثه لـ "العهد"، أن "المصير المشترك والأهداف المشتركة بين البلدين قد فرضت ثقلها الإقليمي والعالمي في ظل الصراعات والتوجّهات الشريرة ضدّ محور المقاومة".
وتجدر الإشارة إلى أن زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني بغداد، جاءت بعد نحو أسبوعين من الزيارة المهمّة التي قام بها الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني؛ علي لاريجاني إلى العراق، ضمن جولته الإقليمية التي شملت لبنان أيضًا، وهو ما يعكس حرص القيادة الإيرانية على توسيع آفاق العلاقات الإستراتيجية في شتى المجالات مع العراق، عبر استثمار وتوظيف مختلف مساحات ونقاط الالتقاء بين الطرفين الجارين.