اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي كاريكاتور "هآرتس": هذا هو وفد التفاوض "الاسرائيلي" الى الدوحة

مقالات

اغتيال الدوحة الفاشل:
مقالات

اغتيال الدوحة الفاشل: "إسرائيل" في مأزق أمام صمود غزّة

105

تظهر محاولة اغتيال قيادة حركة حماس في الدوحة أنّ العدوّ قرر توسيع نطاق المواجهة إلى ساحات لها خصوصية سياسية "إسرائيلية" وإقليمية وأميركية، وأن المرحلة التي يسوق لها العدوّ كما لو أنها مرحلة الحسم تطلبت الارتقاء إلى سقف جديد ينطوي على قيود ومخاطر سياسية. فمحاولة الاغتيال، بغضّ النظر عن نتائجها، ليست مجرد عملية أمنية محدودة بل تحوّلت إلى أداة سياسية ذات حمولة رمزية ورسائل إستراتيجية. في هذا السياق، لا بد من قراءة هذا الحدث ضمن منظومة أوسع: فشل العدوان العسكري، ومأزق الحملات السياسية، وتحوّل الحرب الطويلة إلى أزمة بنيوية لـ"إسرائيل" على المستويين الداخلي والإقليمي.

السياق العام ومحطات الفشل

الحرب "الإسرائيلية" ضدّ غزّة تجاوزت كلّ التوقعات من حيث طول المدة وعمق المأزق. فقد فشلت المراحل المتعاقبة من العمليات العسكرية ("عربات غدعون 1" ولاحت مؤشرات فشل "غدعون 2") في تحقيق أهدافها الأساسية: إخضاع المقاومة أو القضاء عليها. على العكس، أثبتت المقاومة صمودها، وتحوّلت غزّة إلى مستنقع يحذّر الجيش "الإسرائيلي"  نفسه من التورّط فيه. ومع الخسائر المتصاعدة في العمليات الميدانية، بما فيها عملية القدس الأخيرة التي شكّلت ضربة قاسية للداخل "الإسرائيلي"، بدا أن القيادة "الإسرائيلية" تبحث عن "قفزة نوعية" تغيّر قواعد اللعبة.

محاولة الاغتيال: خيار سياسي بامتياز

قرار استهداف قيادة حماس في الدوحة لا يمكن تفسيره فقط بمعايير أمنية أو استخبارية. فالتحدّي الأكبر يكمن في البعد السياسي: قطر دولة وسيطة تحظى بعلاقات مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، ما يجعل أي عمل عسكري على أرضها مغامرة محفوفة بالتبعات الدبلوماسية. لذلك كان لا بد من غطاء أميركي مباشر، وهو ما وفّره ترامب، بما يعكس التواطؤ الأميركي في توفير الشرعية لأي خيار "إسرائيلي" يتجاوز قواعد السيادة التقليدية.

الدلالات والرسائل الإستراتيجية

رسالة أولى: "إسرائيل" غير معنية بأي تسوية سياسية ما لم تضمن إخضاع المقاومة واجتثاثها، أي أنّها لا ترى في الوساطات سوى أدوات اختبار أو كمائن سياسية.

رسالة ثانية: سياسة الاغتيالات جزء من إستراتيجية صفرية ضدّ حماس، في الداخل والخارج، حتّى لو اقتضى الأمر تجاوز الخطوط الحمراء الدبلوماسية.

رسالة ثالثة: أي دولة في المنطقة، مهما كانت صديقة أو حليفة لواشنطن، لن تكون محصّنة أمام الاعتداءات "الإسرائيلية" متى ما اقتضت "مصالحها الأمنية".

رسالة رابعة: الإدارة الأميركية - في عهد ترامب - منخرطة في إعطاء ضوء أخضر لسياسات "إسرائيل" حتّى على حساب شركائها الإقليميين.

الأبعاد الإقليمية والدولية

هذه العملية تضع قطر أمام اختبار مزدوج: كيف توازن بين دورها كوسيط وبين كونها ساحة محتملة للاغتيالات؟ كما أنها ترسل إشارات إلى بقية الدول العربية بأن العلاقة مع "إسرائيل" لا تشكّل ضمانة للسيادة الداخلية. والأخطر أن الخطوة تعكس تحوّلًا نحو نمط من "الحروب بلا حدود"، حيث تُمحى الاعتبارات السيادية أمام منطق القوّة "الإسرائيلية" المدعومة أميركيًا.

في الخلاصة، إن محاولة اغتيال قيادة حماس في الدوحة تكشف عن مأزق إستراتيجي مزدوج: فشل "إسرائيل" في الميدان من جهة، واعتمادها على مغامرات سياسية/أمنية محفوفة بالمخاطر من جهة أخرى. لكنّها في الوقت ذاته تؤكد أن الصراع دخل مرحلة جديدة حيث تختلط الساحات: الميدان، والدبلوماسية، والعلاقات الإقليمية.

هنا تطرح أسئلة المستقبل نفسها بإلحاح:

هل ستؤدي هذه المغامرات، بالحد الأدنى، إلى تعميق عزلة "إسرائيل" السياسية، إلا أن هذا السيناريو مرهون بالإرادة السياسية العربية!

في المقابل، هل ستؤدي هذه العملية إلى نجاح "إسرائيل"  في فرض معادلات إقليمية بالقوّة... بحيث تصبح كلّ الدول العربية مستباحة أمام العدوانية "الإسرائيلية"؟

كيف ستتعاطى قطر والدول العربية مع انتهاك سيادتها بهذا الشكل الصارخ؟

كيف سينعكس ذلك على المستويين الميداني والسياسي والتفاوضي. وهل سينعكس ذلك على المشهد السياسي الإقليمي؟

ينبغي التأكيد على أن هذه الأسئلة تم طرحها، مع التجاهل لمدى احتمال أن يؤدي هذا العدوان إلى نتائج سياسية جدية عربية.

بهذه الأسئلة يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، لكنّها لن تخرج عن حقيقة أن المنطقة لا تزال في قلب عاصفة إستراتيجية متواصلة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة