اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي "أنا وكافل اليتيم في الجنة".. لجنة الإمداد تدعو لتكفل الأيتام 

مقالات

ترامب بين الخيبة والقلق
مقالات

ترامب بين الخيبة والقلق

78

"كانت بيننا علاقة رائعة، أشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه الرئيس بوتين"، مضيفًا: "آلاف الأشخاص يموتون، إنها حرب لا معنى لها". في سياق آخر قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنّه لا يشعر بالقلق إزاء إنشاء تحالف محتمل بين روسيا والصين، وذلك بعد لقاء بين الرئيسين الصيني والروسي في بكين الثلاثاء عشية العرض العسكري الضخم الذي سيُقام في الصين. وقال: "لست قلقًا على الإطلاق".  وأضاف "لدينا أقوى قوات عسكرية في العالم وبلا منازع، ولن يستخدموا قواتهم العسكرية ضدنا أبدًا، صدقوني، سيكون ذلك أسوأ قرار يتخّذونه على الإطلاق". 


مع بداية وصوله إلى الحكم حاول ترامب أن يحسم الكثير من القضايا حول العالم ليتفرغ للمسألة الأساسية وهي إعادة تصحيح النظام الرأسمالي في أميركا بسبب تخطيها مرحلة الليبرالية والوصول إلى مرحلة " المافياوية " وهو ما يتجلى بسلوك ترامب داخل أميركا وخارجها. 


يبقى أن الفجوة في أميركا تتمثل في عدم التماهي بين طبيعة النظام المالي "المفلوش" والذي توسع بشكل غير طبيعي وبين متطلبات السوق، فأميركا لم تعد مركز إنتاج بل مركز إدارة مالية تفقد التحكم بمفاتيحه يومًا بعد يوم وهذه الفجوة جعلت أميركا الأكثر مديونية عبر التاريخ. 
مقابل ذلك نشاهد في الصين تماهيًا بين النظام المالي ونظام السوق كون الصين تحولت إلى مصنع العالم، ولأن معركة ترامب الرئيسية هي مع الصين كان يأمل من خلال رفع الرسوم الجمركية أن تسارع الصين للتفاوض معه وهو ما لم يحصل، خصوصًا أن أكبر 10 إلى 15 شركة أميركية كانت موعودة من ترامب بالوصول إلى نتيجة تعيد التوازن إلى الاقتصاد الأميركي. 


إضافة إلى ذلك يجب أن نعلم ماذا يريد ترامب من الصين وهو أمر ليس شديد السرية، فترامب يريد من الصين مسألتين: 


المسألة الأولى: إقفال الشركات الأميركية التي تنتج في الصين وإرجاعها إلى أميركا. 
المسألة الثانية: الوصول إلى شراكة مع الصين في اقتصاد المستقبل المرتبط بتخزين الطاقة وليس إنتاجها والمقصود هنا بشكل خاص سيطرة الصين على استخراج وإنتاج الليثيوم والسيليكون وغيرهما، وهو ما يفسر تسرُّع ترامب في عقد صفقة المعادن الثمينة مع أوكرانيا ورغبته في إنهاء الحرب خشية أن تبلع روسيا كامل أوكرانيا إذا لم تتوقف الحرب. 


لهذه الأسباب واكبنا مجموعة من الاحتكاكات في أكثر من مكان تركزت في جغرافيا حلفاء الصين وبشكل أخص الهند وباكستان وأيضًا إيران بهدف وضع الصين في الزاوية وإجبارها على الذهاب إلى شراكة كاملة مع أميركا.  مشكلة ترامب الحالية أنه وعد الشركات الكبرى في أميركا بإيجاد حلول لكن حسابات الحقل لم تتوافق مع حسابات البيدر. 


في روسيا والعلاقة معها لم يصل ترامب إلى مبتغاه بشكل سريع بسبب حسابات بوتين المتعلّقة بالأمن القومي الروسي وكون أوكرانيا لا تزال تشكّل مخاطر كبيرة لا يمكن حلها على طريقة ترامب. 
انطلاقًا من معرفتي بتفاصيل "الأزمة الأوكرانية" ولا اعرف إن كان مصطلح "الأزمة" ينطبق على ما يحصل بعد العملية العسكرية الروسية التي أصنّفها بالاستباقية، والتي لن تتحقق أهدافها على المستوى العسكري إلا بالوصول إلى مقاطعة اوديسا وقبلها السيطرة على مقاطعة نيكولاييف.  إضافة إلى ذلك أعتقد أن السيطرة على منطقة شرق نهر الدينبر كاملة ستكون هدفًا روسيًّا إستراتيجيًّا. 

والمؤشرات على هذا التوجّه الروسي تبدو جليّة من خلال تقدم الجيش الروسي في مقاطعات هي خارج الأراضي التي أصبحت بموجب الاستفتاء الشعبي أراضيَ روسية. 
أقصد هنا تقدم الوحدات الروسية في مقاطعات سومي وخاركوف ودنيبرو بيتروفيسك حيث تتزامن هذه العمليات مع عمليات جمهورية دونيتسك وخصوصًا تقدم الجيش الروسي في مقاطعة دنيبروبيتروفيسك والهدف برأيي هو الوصول إلى مدينة زاباروجيا وقطع الإمداد عن القوات الأوكرانية التي تقاتل في جمهورية دونيتسك. 
يبقى أن عدم الوصول إلى اتفاق يصب في مصلحة روسيا بتحقيق أمن قومي مستدام يعني استكمال الجيش الروسي مهامه والتحول من نمط العملية العسكرية الحالي إلى نمط أوسع وأكبر والوصول إلى مقاطعة أوديسا التي قال عنها الرئيس بوتين في أحد لقاءات منتدى فالداي بجوابه لأحد المفكرين المشاركين عن رأيه بمدينة أوديسا حيث قال بوتين: "أوديسا من اجمل المدن الروسية". 


يبقى أن أزمة ترامب الحالية ستأخذه مع روسيا إلى الطريق المسدود بسبب حاجته لحل الكثير من القضايا التي لا يمكن لروسيا أن تتساهل فيها وخصوصًا وضع آليه للقضاء على النازية في أوكرانيا. 
وبسبب الوضعية الحالية المعقّدة من المرجح أن تتّجه الأمور على مستوى القرار في أميركا إلى: 


1 -     إما حصول انهيارات اقتصادية واسعة يواكبها احتجاجات وظهور دعوات الانفصال لدى بعض الولايات وهو أمر قديم قد يتصاعد إذا وصلت الانهيارات إلى مستويات عالية. 
2 -     أو الهروب إلى الأمام بالذهاب إلى مواجهة مع الصين.


ربطًا بما تقدّم سنشهد في العالم والإقليم متغيرات دراماتيكية لن يصمد فيها إلاّ القوى المتماسكة. 
وبما يرتبط بلبنان والمنطقة المعيار الأساسي للبقاء هو الصمود.

الكلمات المفتاحية
مشاركة