اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي عبد القادر.. قائدٌ قرآني وعسكري لا يتكرّر

مقالات

اعتداءات صهيونية تحت غطاء الإنذارات ورسائل أميركية في الأفق
مقالات

اعتداءات صهيونية تحت غطاء الإنذارات ورسائل أميركية في الأفق

72

ها هو الجنوب اللبناني يعود ليكون هدفًا لـ"إسرائيل"، ليس بصواريخ عشوائية فحسب، بل باعتداءات مدروسة ترافقها إنذارات وتحذيرات واضحة للسكان المحليين. 

عصر الخميس، شنت طائرات "إسرائيلية" غارات مركزة على قرى ميس الجبل، دِبّين، وكفرتبنيت، تلتها مساءً غارات مماثلة على بلدات الشهابية وبرج قلاويه.

وقد أصدر العدوّ "الإسرائيلي" إنذارات مسبقة لسكان هذه القرى بإخلاء منازلهم، مبرّرًا ذلك بأن الأهداف المحدّدة، تتعلق بمعاقل ومعدات يزعم أنها تابعة لحزب الله. 

هذه الإنذرات ليست "رحمة عسكرية" كما تروّج دعاية كيان العدو، بل هي تكتيك مدروس: ضرب البنية التحتية لحزب الله حسب ادعاءاته الكاذبة، مع إرسال رسائل سياسية واضحة، مفادها أن "تل أبيب" تمسك بخيوط اللعبة، وتستطيع أن تضرب متى تشاء وأين تشاء.

لكن لماذا الآن؟ ولماذا بهذه الطريقة من الإنذارات؟.

الإنذارات التي يستخدمها العدوّ "الإسرائيلي" سلاح نفسي ورسالة سياسية إذ لا يسعى كيان الاحتلال لتدمير المواقع التي يستسيغها فقط، بل لإعادة رسم قواعد الاشتباك.

فالإنذارات التي سبقت الاعتداءات تحمل ثلاثة أبعاد:

1. تكريس التفوق العسكري: "نضرب ونحذّر، ومن يرفض أن يخرج من المنطقة المحدّدة فليتحمّل النتيجة".

2. توجيه اللوم للضحية: إذا أصيب أي مدني أو استشهد، فالمسؤولية ليست على الطائرات المعتدية بل على من بقي في منزله.

3. إيصال رسالة مزدوجة: للداخل الصهيوني أنها حكومة قوية لا تترك "فراغًا أمنيًا"، وللخارج عبر إيصال صورة إعلانية كاذبة بأنها ملتزمة "أخلاقيًا" رغم العدوان.

لكن خلف هذا المشهد، ثمة ما هو أعمق: الاعتداءات ليست مجرد ردّ فعل عسكري، بل جزء من مسرحية أكبر تتزامن مع زيارة مورغان أورتيغوس إلى لبنان أو أي وفد أجنبي وحتّى عند أي استحقاق داخلي، ولبنان احيا الذكرى السنوية الأولى لتفجيرات البيجر ونحن على بعد أيام من ذكرى استشهاد سيد شهداء الأمة والسيد الهاشمي.

أورتيغوس في بيروت: دبلوماسية مشروطة وصدى أميركي للاعتداءات

المبعوثة الأميركية ستصل محمّلة بـ"وثيقة شروط" مكرّرة وممزوجة بتهديدات ظاهرة ومبطنة أبرزها: لا مكان لحزب الله في الحكومة اللبنانية. الزيارة تأتي في توقيت دقيق، وكأنها الغطاء السياسي والدبلوماسي لتصعيد ميداني من النوع الذي شهدناه أمس.

العدو "الإسرائيلي" ينفذ اعتداءاته، والولايات المتحدة تُلوّح بضغط سياسي واقتصادي. وبين المطرقة والسندان، يقف لبنان: دولة ضعيفة، حكومة هشة، وشعب يواجه النزوح والدمار - لكنّه صامد ويتمسك بثوابته وبمقاومته -  بينما القوى الدولية تستخدمه كأرض اختبار للنفوذ والرسائل.

إلى أين يتّجه الجنوب؟ السيناريوهات المحتملة

اعتداءات العدوّ "الإسرائيلي" ليست نهاية مشهد، بل بداية فصل جديد. تقديرات السيناريوهات تفتح ثلاثة مسارات محتملة:

1. تصعيد محدود ومراقَب (الأكثر احتمالًا)

اعتداءات "إسرائيلية" متقطعة مع إنذارات إخلاء.

نزوح محدود وضغط دبلوماسي متزايد على الحكومة اللبنانية.

2. تصعيد متدرّج وتوسّع الجبهة (احتمال متوسط التحقق)

استمرار القصف وتوسيع نطاق الاعتداءات.

يعود لبنان ليواجه نزوحًا أوسع وتعطيلًا اقتصاديًا، فيما تتدخل وساطات إقليمية.

3. حرب مفتوحة / مواجهة إقليمية (الأسوأ)

ضربة كبيرة تستهدف مدنيين بأعداد ضخمة.


لبنان في قلب العاصفة

الحكومة اللبنانية اليوم أمام خيارات محدودة: إما التصعيد السياسي عبر الأمم المتحدة، أو محاولة استدعاء وساطات دولية، أو الانكفاء والصمت، وهو ما يعني ترك حزب الله يحدد إيقاع المواجهة.

لكن المعادلة لا تحتمل الكثير من المناورة: فزيارة أورتيغوس التي تحمل شروطًا أميركية واضحة، سبقتها الرسائل التهديدية من خلال الاعتداءات الصهيونية التي جسّدت هذه الشروط بضوء أخضر أميركي على الأرض بالنار والحديد.

الجنوب اللبناني ليس مجرد جبهة عسكرية، بل منصة رسائل سياسية متقاطعة:

"إسرائيل" تريد فرض خطوط حمراء جديدة.

أميركا تضغط عبر أورتيغوس لإعادة رسم المشهد السياسي في بيروت.

لبنان عالق بين مطرقة الاعتداءات وسندان الإملاءات.

في النهاية، تبقى الحقيقة المرة أن الإنذارات لا تُخفي فداحة العدوان، وأن الزيارة الأميركية لا تُنقذ لبنان بل تزيده انكشافًا. 

المشهد اليوم يقول: الجنوب ولبنان بشكل عام على فوهة بركان، والشرارة قد تُشعل ما لا يمكن إطفاؤه.. لكن مهما كان ما تحمله لنا الأيام القادمة، تبقى المقاومة عمود الدعم الأساس لحماية لبنان من الغطرسة الصهيو - أميركية.

أخيرًا على الدولة اللبنانية أن تعلم أن كلّ المناشدات الرسمية (وآخرها ما صدر البارحة على لسان رئيس الحكومة) لرُعاة اتفاق وقف النار هو صراخ لم ولن يصل إلى آذان أحد من هذا المجتمع الدولي الذي تراهن عليه الحكومة اللبنانية لا بأساليبها الدبلوماسية ولا حتّى بالاستنكار وعلى الدولة حسم خيارها الوطني وليعلم العديد منهم أن رهاناتهم لن تحصد سوى مزيد من الإملاءات الخارجية.

الكلمات المفتاحية
مشاركة