اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي من التوقع إلى الاستدلال: التحول الجديد في نماذج الذكاء الاصطناعي

مقالات

بالأرقام .. ملحمة
مقالات

بالأرقام .. ملحمة "أولي البأس" الأسطورية

86

سعى العدوّ "الإسرائيلي" إلى توجيه ضربات قاضية للمقاومة في لبنان بعد تخطيط زمني طويل تعيده مراكز الدراسات والأبحاث إلى العام 2006 بعد الهزيمة النكراء التي تلقاها على يد المقاومة، وشكل العدوّ هجمة منظمة متسلسلة بدأها بجريمة البيجر ثمّ اغتيال الشهيدين الكبيرين، السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، على أمل توجيه ضربة قاضية، وهو ما لم يتحقق ولن يتحقق بسبب غرق العدوّ في الحسابات الخاطئة.

ومصدر خطأ الحسابات لدى العدو، هو أنه يتعاطى مع المقاومة باعتبارها منظومة تسليح وقيادة وتسلسل هرمي، وأن استهداف مخازن السلاح واغتيال القيادات التاريخية يمكن أن يبث الفوضى ويفكك المقاومة، وهو جهل فاضح بطبيعة المقاومة الإسلامية وبما غرسته هذه القيادات، لا سيما السيد نصر الله، من قيم روحية ومعارف علمية وإستراتيجية تكفل بقاء وديمومة المقاومة مهما كان الاستهداف وحجم الخسائر.

ومن يقارن بين موارد العدوّ الصهيوني وتسليحه والدعم المفتوح له من السلاح والمال والغطاء السياسي، مع حصار المقاومة واستهدافها على جميع الأصعدة ومن الداخل اللبناني نفسه، يعلم حجم إنجاز المقاومة.

ومن يتأمل صمود الشباب اللبناني بعد جريمة البيجر الغادرة وإصرارهم على المقاومة والتحدي رغم فقد أطرافهم وعيونهم، ويقارنه بحالات الانتحار في جيش الحرب الصهيوني والأعداد الضخمة من الجنود الصهاينة التي تخضع للعلاج النفسي من أثر الصدمات وطول فترة المعارك، يعلم الفارق بين مدرسة العدوان ومدرسة المقاومة ولماذا تثبت المقاومة وتصمد بما يشكّل معجزات حقيقية إذا ما قورنت بالحسابات التقليدية المادية.

ولهذا فإن المعركة الأسطورية التي خاضتها المقاومة لأكثر من 70 يومًا تستحق مسماها "أولي البأس"، حيث خاض المجاهدون المعركة بالدم والدموع على القادة الشهداء والرمز التاريخي الكبير وسيد المقاومة، وخاضت بيئة المقاومة معركة صبر وصمود، وصدقوا في الشعارات التي حملوها، "إنا على العهد"، و"ما تركتك يا حسين".

ولا شك أن الإحصائية التي قدمها الإعلام الحربي عقب وقف إطلاق النار، حول معركة أولي البأس، تكشف جانبًا من قوة واقتدار المقاومة. وقبل استعراض بعض أرقامها وتحليل دلالاتها، لا بد من ذكر ملاحظتين رئيسيتين:

1 - خاض العدوّ "الإسرائيلي"  هذه المعركة بيد طليقة ومتحررة من كلّ القيود القانونية والاعراف الدولية باعتبارها معركة وجودية وفي ظل صمت دولي وعربي، وفي لحظة صدمة للمقاومة وجمهورها بعد جريمة البيجر واغتيال سيد المقاومة واخيه الشهيد صفي الدين، وهو ما يعني وفقًا للحسابات المادية والمعنوية، أنها معركة مضمونة النصر للعدو، وهو ما لم يحدث ولم يفلح في احتلال الجنوب وفرض الهزيمة على المقاومة.

2 - خاضت المقاومة هذه المعركة بروح كربلائية بعد فقدان خيرة قادتها وفي ظل اختراق أمني خطير يمكن أن يتسبب في انهيار جيوش كبرى، ومع ذلك أبدت المقاومة تماسكا وصلابة، وأبدى جمهور المقاومة صبرًا وبطولة وحفاظًا على العهد رغم التهجير والدمار وفقد الأحبة والأهل من الشهداء، وهو ما يعطي الأرقام والإحصائيات قدرًا أكبر من قيمتها الرقمية.

وبالعودة للإحصائيات الكاشفة لمعركة أولي البأس، فقد أعلنت المقاومة الإسلامية أنها نفذت (1666) عملية عسكرية، بمعدل (23) عملية يوميًا، وأوقعت أكثر من (130) قتيلًا إسرائيليًا وأكثر من (1250) جريحًا، وذلك خلال (72) يومًا من "معركة أولي البأس".

وهو ما يعني قدرة بالغة على امتصاص الصدمة وترابط القيادة والاتّصالات وسط قصف إجرامي صهيوني لايستثني المدنيين والقرى، كما أن نجاح المقاومة في ايقاع قتلى وجرحى يبرز قدرات المقاومة ويدها الطولى في العمق الصهيوني بعد أن أخلى العدوّ مستوطناته في شمال فلسطين المحتلة.

كما أوضحت المقاومة أنها نفذت (540) عملية قصف لمستوطنة، و(420) نقطة عسكرية و(211) قاعدة عسكرية، و(147) موقعًا حدوديًا.

وهو ما يعني دقة صواريخ ومسيرات المقاومة وامتلاكها لبنك أهداف قوي وأنها لا تقصف قصفًا عشوائيًا دون هدف.

 كما تصدّت المقاومة لـ (31) عملية تقدم برية، وهو ما يعني بطولات كبرى امام فرق العدوّ العسكرية والتي وصلت إلى خمس فرق احتشدت لغزو الجنوب في لحظة ظن العدوّ أنها مواتية لتنفيذ أوهامه وضغائنه المتراكمة منذ هزيمته في 2006.


وكما تألمت المقاومة فإن العدوّ تألم كثيرًا، فقد أوضح الإعلام الحربي أنه تم استهداف (76) آلية عسكرية، و(55) مركزًا قياديًا و(32) مربض مدفعية، و(17) مصنعًا وشركات عسكرية، و(14) معسكر تدري، و(10) عمليات استهداف لقواعد جوية، و(9) لطائرات مسيّرة، و(4) مخازن عسكرية، و(8) دشم وتحصينات، و(4) مخازن عسكرية، و(1) مشاغل عسكرية و(2) تجهيزات فنية.

وأكد الاعلام الحربي أن عدد المستوطات المخلاة بلغ أكثر من (100)، وعدد المستوطنين النازحين بلغ أكثر من (300) الف، في حين أن شعاع المنطقة المخلاة بلغ (30 كلم)، وعمق منطقة الاستهداف يبلغ (150 كلم). 

إضافة إلى العمليات النوعية باستهداف منزل نتنياهو ومعسكر لواء جولاني في بنيامينا، وهي عمليات تتطلب جهدًا استخباراتيًّا ودقة تنفيذ لم يتوقعها العدو.

والخلاصة، إن المقاومة مرت بظرف دقيق يندر أن يتكرّر بعد اختراق غير متوقع واغتيالات لخيرة قاداتها ورموزها وعلى رأسهم سيد شهداء المقاومة، واستطاعت الصمود والاحتفاظ بقدراتها، ولم يستطيع العدوّ إعادة مستوطنيه إلى الشمال، وبالتالي فإن التلويح باستهداف المقاومة أو تفكيكها هو وهم لأنها لن تفرط في سلاحها وثوابتها وعهدها، وكما تفاجأ العدوّ بعمليات نوعية وأسلحة متطورة، فإن ما خفي ولا يزال يخفى أعظم كثيرًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة