عين على العدو

رأى الكاتب في مجلة "فورين بوليسي" إيراد مالكين أن "إسرائيل" تواجه عزلة دولية متزايدة، وعداءً أوروبيًا متناميًا، بفعل تأثير الأقليات المسلمة في السياسات الأوروبية، إلى جانب ما وصفه بـ"حملات التضليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الممولة قطريًا".
ووفق الكاتب، فقد طرح نتنياهو "الحل" بالاستعداد لواقع اقتصادي واستراتيجي جديد، يقوم على التكيف مع اقتصاد ذي طابع "اكتفاء ذاتي"، مشيرًا إلى أن الاحتلال هو "أثينا وأسبرطة في آن معًا"، بل ما سماه "أسبرطة العظمى".
مالكين قال أن هذا التشبيه "مغرٍ لكنه خطير"، موضحاً أن الحديث عن "أسبرطة العظمى" يعكس شعوراً بانعدام الأمن أكثر مما يعكس قوة، ويحمل في طياته تهديداً بمصير مماثل لأسبرطة التي انتهت بانهيار الدولة والمجتمع والهزيمة العسكرية. وأضاف أن أثينا مثلت الانفتاح والتبادل التجاري، في حين جسدت أسبرطة جنون العظمة والنزعة الحربية، ما يجعل الجمع بينهما رؤية تقوم على الانعزال والحصار، أقرب بكثير إلى نموذج أسبرطة.
وفي مقطع آخر من مقاله، لفت مالكين إلى أن خطورة استعارة نتنياهو لا تكمن فقط في الصورة الحربية، بل أيضًا في بعدها التاريخي، إذ إن أسبرطة – تماماً كما "إسرائيل" التوراتية – بررت وجودها على أرضها استناداً إلى "أساطير ميثاقية"، باعتبار نفسها جماعة وافدة استولت على الأرض بتأييد إلهي. وأكد أن هذه السرديات لا تنبع من الثقة بل من القلق، وأن نتنياهو يكشف بذلك – من دون قصد – حالة هشاشة وقلق عميقين.
كما شدد الكاتب على أن نموذج أسبرطة غير صالح إطلاقًا كخطة استراتيجية في القرن الحادي والعشرين، موضحًا أن "المعجزة الاقتصادية" الإسرائيلية قائمة على الاندماج بالأسواق العالمية، فيما يعتمد قطاع الصناعات الدفاعية نفسه على الشراكات الدولية وسلاسل التوريد والتصدير، وأردف: "أي دولة صغيرة، مهما بلغت قوتها العسكرية، لا يمكن أن تزدهر عبر عزل نفسها عن العالم".
واعتبر مالكين أن نموذج أسبرطة التاريخي لم ينجح حتى لأسبرطة نفسها، إذ قادت الحروب إلى هيمنة قصيرة الأمد لكنها ضمنت انحداراً طويل الأمد. وختم بالقول إن البديل عن "أسبرطة العظمى" هو الانخراط لا الانعزال، وإن بقاء "إسرائيل" لا يتوقف فقط على قوتها العسكرية، بل أيضًا على قدرتها على الحفاظ على تحالفاتها واستمرار اندماجها الاقتصادي مع العالم.