اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي غالبية الأميركيين ضدّ استمرار الدعم لـ"إسرائيل".. التأييد في أدنى مستوياته تاريخيًا

نقاط على الحروف

عن
نقاط على الحروف

عن "أشرف النّاس" في محضر الذكرى الأولى 

83

في محضر الذكرى، تجمّعت القلوب من كلّ الجهات والجبهات، وهل ذكرك المعطّر بدموع السلام عليك، سوى واحة اجتماع القلوب وتآلفها؟! حلّ يوم السابع والعشرين من أيلول هذا العام كأنّ عامًا لم يمرّ، وبدت أرقام السّاعة وهي تشير إلى السادسة وإحدى وعشرين دقيقة رصاصة زنتها ثمانون طنًّا تتفجّر في القلوب، وتستمطر من العيون حشرجات شوق ودموع فقد ونظرات يتم كلّما مرّ عليه الوقت ازداد اتسّاعًا وثقلًا، وتسيل وفاءً وعزّة!  ألا يا نور عين الفاقدين الصابرين، أرأيتَ أمّتك الحنون وهي تسقي بماء عيونها تراب الأرض وتناديك في سمائك أن إنّا على العهد؟ أرأيتَ الجموع وقد فاض قلبها بين يدي ذكراك، تجدّد العهد لنهجك وتلقي على روحك المقدّسة أسمى السلام؟! أرأيتَ كيف سكن ضجيج العالم في تلك اللحظة، وبدا كلّ ما في الأرض محدّقًا بأهلك، بأيتامك، بأحبائك أشرف الناس وهم يثبتون مرّة ثالثة في عام أنّهم أهل الوعد الصادق والبيعة الأصدق! في تشييعك ودونما قصد كان الحضور استفتاء القلوب والنفوس في الولاء لنهج المقاومة. وفي ذكراك كان الحضور تجديد عهد يؤكّد المؤكد، كالشّمس التي يريد العِدا ومن معهم حجبها بخطابِ كراهية باللغة العربية، وباللهجة اللبنانية، وبينهما، كانت الانتخابات البلدية محطّة انسكب فيها الوفاء أصواتًا في صناديق الاقتراع. 

إذًا، اشتعل جمر الحزن في مواقد الضاحية، مدينتك الوفية. هي لم تخلع بعد ثوب حدادها وإن وفاءً لدمك العزيز عادت إلى الحياة فور وقف إطلاق النار ورغم المعركة الإعلامية المتواصلة ضدّها وضدّ كلّ ما ومَن يرتبط بالمقاومة. في صباح يوم الذكرى، كان كلّ ما فيها يحدّث عنك. صوتك يصدح من مكبّرات الصوت ومن السيارات ومن البيوت. لم تغادرها برهة، وفي ذلك الصباح كنت ضيفًا حبيبًا في جميع بيوتها. حتى صورك التي تملأها حُبًّا وحياة وكرامة، بدت يومها وكأنّها تحدّث الناظرين عن ثلاثين عامًا من جهادك، عن عمرٍ أفنيته طوعًا وحُبًّا كي لا يُضام من أهل الحقّ أحد. في مكان استشهادك احتشدت القلوب الفاقدة، المعزّزة بسكناك فيها وإن مرّ ألف دهر من غياب. وقرب مرقدك الشريف انتظمت الجموع، حتّى بدا أنّ ضريحك شمس يطوف في فلكها كلّ شرفاء العالم. لم تخجل عين من ذرف الدموع ولم يُخفِ أيّ من الحاضرين عظيم حزنه. فالحزن عليك عزّة وثورة، ليس ضعفًا، ليس وهنًا، وليس استكانة، هو الحزن الحيّ، الحزن الذي كما وصفه سماحة القائد آية الله العظمى السيّد علي الخامنئي من سنخية الحزن على الإمام الحسين (ع)، حزن ثوريّ لا يُضعِف ولا يَضعف، ولا تبرد حرارته في قلوب المؤمنين أبدًا.
وكما في الضاحية، كذلك في الجنوب وفي البقاع. أوقدت القرى تنّور شوقها، وخبزت من طحين الفقد وماء العيون خبزًا، رغيف حزنٍ يظلّ ساخنًا وطازجًا، يفوح بما حوت القلوب من حبّ ووفاء، ويخبرك يا صادق الوعد أنّ القرى الأبيّة الممنوعة من إعادة الإعمار تردّد في كلّ يوم أن "يا ريت كلّ الرزق راح وبقيت إنت يا سيّد"، وتهمس كلّما حلّ المساء أن لن نخضع لأيّ ابتزاز لإعادة إعمار بيت هدمه العدوّ انتقامًا من عزّتنا. وفي قرى الحافّة، حيث التراب شاهد على عزم رجالك، وحيث الركام يحدّث عن همجية قاتليك، كان مشهد ذكراك أشدّ حنانًا من كلّ أمومات الأرض؛ فالقرى الجريحة هذه لم تزل تستذكر ساعات التحرير عام ٢٠٠٠، وتراك في بنت جبيل قائدًا حرّر الأرض وأهلها من رجس الاحتلال. لم تزل تأوي إلى ظلّ صوتك الحيدريّ البتّار وتحتمي في كنف صورك من كلّ المواجع.. وتعاهدك، أن قسمًا بالدم الذي روى هذا التراب وأعزّ أهله،. قسمًا بجراح رجال الله وهم يردّون قوات نخبة العدوّ في شمع وفي الخيام، في مارون وفي عيترون، في كلّ ضيعة وحقل، إنّا على العهد يا نصر الله.

وفي محضر الذكرى، حلّ الوجوم ثقيلًا على وجوه من عادوك، ومن لم يعرفوا حقّك ولم ينصفوك، من شمتوا في دماك شهيدًا ومن كرهوا، لسواد في قلوبهم، حضورك. فهؤلاء ظنّوا كما ظنّ العدا، أن بقتلك تنتهي، فوجدوك أكثر حضورًا من أيّ وقت، وجدوك يا سيّد شهداء الأمّة لم تزل حاضرًا في كلّ ساح.. لا تترك السلاح!

الكلمات المفتاحية
مشاركة