نقاط على الحروف
اتّخذت فعالية إضاءة صخرة الروشة أبعادًا أكثر من الحدث نفسه. أراد محبو السيد حسن نصر الله إحياء الذكرى الأولى لاستشهاده في قلب بيروت، وأمام صخرة الروشة، وإذ بهذا الحدث يتحول شيئًا فشيئًا إلى أزمة مفتعلة في البلاد، يقودها شخصيًا رئيس الحكومة نواف سلام. مشهدية إضاءة الصخرة، يبدو أنها قلبت التحالفات السياسية رأسًا على عقب، خاصة أولئك الداعمين لهذا العهد ولهذه الحكومة، فتحوّلت بعض القنوات اللبنانية إلى محكمة تفتيش بحقهما، وقامت بالتحريض على القوى الأمنية (لأنها حافظت على السلم الأهلي ربما)!. بيانات ومقالات بالجملة، بدت كأنها "دويلة فوق الدولة". أرادت محاسبة الحكومة على ما حصل في الروشة، لا بل ربطت هذه الفعالية بنظرة ما يسمّى المجتمع الدولي إلى لبنان، وبقضية "حصر السلاح"، وحتّى وصلت إلى التهويل باهتزاز مصير مؤتمر دعم الجيش اللبناني المزمع عقده في الرياض بعد شهرين، وبشن "إسرائيل" حرباً على لبنان. هكذا، تحوّل هذا الإعلام الذي يهاجم على الدوام المقاومة، ويصفها بـ"الدويلة ضمن الدولة" الى دولة تريد محاسبة الدولة لا بل تهدّدها إن لم تحاسب من أضاؤوا الصخرة، فالويل لها!.
الخطاب الاستعلائي وحفلات التهويل:
المراقب للإعلام المعادي للمقاومة، لا بد أن يلحظ خاصة في الأشهر القليلة الماضية، اللهجة المستخدمة داخله وكيفية مخاطبتها بلغة استعلائية مشروطة، سيما في الملف المتعلّق بـ"حصرية السلاح". اليوم يتكرّر الأمر مع ما بات يعرف بـ"واقعة الروشة" أو "أحداث الروشة"، والطلب من الحكومة محاسبة من أضاؤوا هذه الصخرة كرمى لصورتها و"هيبتها" أمام المجتمع الدولي!. ذهب الأمر أبعد من الخطاب الداخلي، إلى التلويح بإيقاف مؤتمر دعم الجيش في الرياض على خلفية هذه الفعالية. طبعًا، يكاد الأمر لا يصدّق كيف جرّ هؤلاء فعالية لها حيثية محدّدة إلى ما وراء البحار!. يمكن التوقف هنا، عند صحيفة "نداء الوطن"، التي عنونت في إحدى مقالاتها: "أيام مصيرية لهيبة الدولة: تعود أو لا تعود". يصف المقال صورة الدولة بـ"المخزية"، ويسأل عن صورة هذه الدولة لدى ما يسمّى بـ "المجتمع العربي والدولي". وكمن يعطي النصائح لهذه الحكومة "للعودة إلى السكة الصحيحة"، يدعو المقال الدولة إلى إعطاء "الأوامر السياسية للأجهزة الأمنية بشلّ حركة حزب الله العسكرية والمباشرة بعملية سحب السلاح". ويبث تهويله بخصوص مؤتمر دعم الجيش، عندما يدعي أن هذه الصورة أي صورة الدولة "العاجزة" ستؤثر على المؤتمر. ولم يكتف المقال بهذا التهويل، بل دخل إلى الخط الأميركي، وعاد إلى ملف السلاح، مع "العودة القريبة" للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي تتابع مع بلادها "كل ما يحصل على الساحة اللبنانية"، و"أدق التفاصيل الداخلية العسكرية المرتبطة بالحدود والجنوب". وخلص إلى أن هناك "عدم رضى أميركي على كلّ ما تقوم به السلطة اللبنانية وعملية البطء في التنفيذ"، بانتظار "التطبيق" على أرض الواقع، بعد أن برهن "حزب الله"، أنه يقوم بما "يحلو له دون حسيب أو رقيب".
على مقلب mtv، حلّ التناغم عينه، إذ ربطت المحطة أيضًا بين فعالية إضاءة صخرة الروشة، وبين مؤتمر دعم الجيش. نعود هنا، إلى مقدمة نشرة أخبارها يوم الأحد الماضي، التي دعت فيها إلى "تحرك بمفعول رجعي" عبر تحرك القضاء والأجهزة المعنية لإلقاء القبض على "المرتكبين والمخالفين". واعتبرت ان "اللفلفة" ستكون مكلفة على السلطة اللبنانية، وعلى "العهد". وانتقلت بعدها إلى التهويل بتحرك دولي، بما أن "الدول المعنية تتابع ما يحصل وسجلت ملاحظات سلبية على أداء القوى الأمنية"، من أبرزها كما تدعي "تباطؤ المجتمعين العربي والدولي" في عقد مؤتمر دعم الجيش. ولم تنس أيضًا استحضار الأخير وما وصفته بـ"استحقاق تقديم تقرير لمجلس الوزراء" عما "أنجزه" في "إطار عملية حصر السلاح".
الصخرة والحرب!
إذًا، ما يشبه الانقلاب حلّ على الأحزاب والشخصيات والمنصات الإعلامية التي قدمت دعمًا للحكومة، وها هي اليوم تقف عند نتائج فعالية إضاءة صخرة الروشة، لتصعّد في وجه الحكومة وتبث التهويل بالويل وبعظائم الأمور، وصولًا إلى التهويل بالحرب "الإسرائيلية" على لبنان، إذ ذهبت مخيلة المنصات الإلكترونية إلى هذا الحدّ. يمكن هنا، العودة إلى مقال منشور على موقع "المركزية" تحت عنوان: "صخرة الروشة كشفت جدية الحرب "الإسرائيلية".. إيران على خط المواجهة". إذ من غير المعلوم من أين أتى المقال بإحصاء آراء اللبنانيين الذين بحسب "المركزية" رأى حوالي 80 % منهم في "حادثة صخرة الروشة" "رسالة تحد ومكابرة واستمرار لهيمنة الدويلة على قرارات الدولة ومؤسساتها". المقال راح يهوّل بالحرب "الإسرائيلية"، بعد أن بلغت في غزّة "مراحلها الأخيرة"، ونية "إسرائيل" الانتقال إلى "خطة ب"، "بفتح جبهة شاملة مع حزب الله"، و"إعادة ترتيب قواعد الاشتباك". وفي السياق عينه، ربطت صحيفة "الشرق الأوسط" فعالية الصخرة بحرب "إسرائيلية" على لبنان، إذ ضمن مقال منشور على موقعها الإلكتروني تحت عنوان: "قبل إنارة صخرة الروشة وبعدها"، حذر من أن "التراجع أمام حزب الله" سيقود "الإسرائيليين" إلى "إنجاز مهمّة عجزت عنها الدولة اللبنانية"، من خلال حرب تخلف "موتًا أكثر واحتلالًا أوسع وإعمارًا أقل". وخُتم المقال بالقول "من يريد أن تكون يد "إسرائيل" مكفوفةً عليه الدفع باتّجاه نزع سلاح الحزب الذي يورّطنا في الخارج ويُهيننا في الداخل فارضًا نظام حرب أهليّة علينا".