اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي صلح: كتلة الوفاء للمقاومة مع إقرار قانون حماية النساء والفتيات من العنف الرقمي

مقالات

ماذا ينتظر المنطقة ولبنان في المرحلة القادمة؟
مقالات

ماذا ينتظر المنطقة ولبنان في المرحلة القادمة؟

84

يتعرض لبنان والمنطقة لحرب من نوع جديد اسمها "الحرب الإدراكية"، وهي حرب يُستخدم فيها كلّ أدوات الحرب الإعلامية والنفسية لإقناع الجميع بأن "إسرائيل" حققت النصر وأن المقاومة هُزمت ولن تقوم لها قيامة أبدًا، وهو دأب كلّ من يشارك في هذه الحرب سواء كانوا أشخاصًا أو جهات أو مؤسسات. 


منطقيًا وفي ظل حالة الصراع المستمرة لا يجب استبعاد أي عدوان "إسرائيلي" واسع في أي لحظة، علمًا أنّ العدوان مستمّر يوميًا عبر عمليات القصف والاغتيال التي تتراوح بين عمليات عبر المسَيّرات وقصف عنيف عبر الطائرات الحربية. 


في العناوين الرئيسية للصراع لا شكّ أن كثيرًا ممّا يكتبه أو يصرّح به البعض حول عدوان واسع هو حقيقة دامغة، إلاّ أنّ المنفِّر في الأمر هو تحديد توقيت وحجم ومدى وسيناريوهات هذا العدوان بشكل يوحي للمتابع أن المتحدث أو الكاتب يتواجد في غرف العمليات وهو أمر غير دقيق وغير صحيح. 


ويبقى التحليل عبر ربط الوقائع والمعطيات والخروج بخلاصة أقرب إلى الحصول هو الأفضل بدل الادّعاء بامتلاك المعلومات، لأنه وبحكم تجربتنا الطويلة فإنّ الكثير من المعلومات تتغير بين ليلة وضحاها بالنظر إلى تبدُّل الظروف والأهداف بسبب تحولات الصراع التفصيلية نفسها ما يؤثر على جدول الأولويات وتصبح المعلومات المُعلنة مجرد لغو وثرثرة. 


في مقاربة منطقية وواقعية لما ينتظر لبنان يجب الانطلاق ممّا يعلنه ترامب ونتنياهو بما يمثّل خلاصة السياسة الأميركية و"الإسرائيلية" بدءًا من العناوين ونزولًا نحو التفاصيل مرورًا بالوضعية الحالية. 
ولتكوين صورة دقيقة عن الاحتمالات يجب تحديد الأولويات بالنسبة للأميركيين والإسرائيليين وترتيبها انطلاقًا ممّا هو معلن. 


بالنسبة للأميركيين لم يتغير شيء في المشروع الأميركي سوى آليات التنفيذ التي تتغير بشكل دائم ولكنها تبقى ثابتة بما يرتبط بأساسيات المشروع وعنوانه الرئيسي الهيمنة على ثروات ومقدرات المنطقة. 
بالنسبة للكيان "الإسرائيلي"  لم يعد مشروع "إسرائيل الكبرى" مجرد طرح نظري حيث انتقل به نتنياهو إلى مرحلة إعلانه عبر نشره خريطة توضح الأراضي المراد السيطرة عليها وهي ترجمة لشعار: "حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل". 


بداية لا بدّ من الإشارة إلى أن "إسرائيل الكبرى" هي مشروع توراتي يستحضر الموروث التلمودي لتبرير سياساته التوسعية، خاصة وأنه توعّد قبل أعوام بقيادة "إسرائيل" إلى ما سماه "قرنها المئوي"، وفاجأ الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر/أيلول 2023 بعرضه "خريطة إسرائيل".


تضم خارطة "إسرائيل الكبرى" التي أعلنها نتنياهو: كامل فلسطين التاريخية، ومساحتها 27 ألف و27 كيلومترا مربعًا، ولبنان ومساحته 10 آلاف و452 كيلومترًا مربعًا، والأردن ومساحته 89 ألف و213 كيلومترًا مربعًا. وأكثر من 70 بالمئة من مساحة سورية البالغة 185 ألفًا و180 كيلومترًا مربعًا وهي الأراضي غرب الفرات، ونصف مساحة العراق البالغة 438 ألفًا و317 كيلومترًا مربعًا أي الأراضي الواقعة على الضفّة الغربية للفرات، ونحو ثلث الأراضي السعودية البالغة مساحتها مليونين و149 ألف و690، وربع مساحة مصر البالغة نحو مليون كيلومتر مربع، وكامل الكويت البالغة مساحتها 17 ألفا و818 كيلومترًا مربعًا، وجزءًا من تركيا هو في الحقيقة لواء إسكندرون المسلوخ من سورية. 


ربطًا بما طرحه نتنياهو لا بدّ من التذكير بما قاله توم براك وهو كلام يتماهى مع أحلام نتنياهو حيث قال إنه لا يعترف بالشرق الأوسط منطقة سياسية شرعية، وأنها ليست سوى لمجموعة من القبائل والقرى التي جرى تقسيمها على أيدي القوى الأوروبية. 


وهو ما قاله براك في مناسبة سابقة من أن "إسرائيل" غير مهتمة بالالتزام بحدود الشرق الأوسط بموجب “اتفاقية سايكس بيكو” خلال الحرب العالمية الأولى، ولديها “القدرة أو الرغبة” في السيطرة على لبنان وسورية وأن "إسرائيل" تفعل ما تشاء وكما تشاء وأين تشاء. 


بهذا المنطق وبمنطق ترامب الأخير بعد عرضه لخطة غزّة حيث قال بوضوح إذا لم توافق حماس فنتنياهو يعرف ماذا عليه فعله. 


الأولوية حاليًّا بالنسبة لنتنياهو برأيي هي غزّة ويليها لبنان وربما بالتوازي مع غزّة كونه يعتبرهما منطقتين رخوتين . 


وفي كلا الحالتين لا يمكن الابتعاد عن فرضية أن يكون لبنان ضمن أولويات الكيان "الإسرائيلي"  كونه لا يزال في التصنيف "الإسرائيلي"  على رأس قائمة المخاطر والتهديدات ربطًا بقربه جغرافيًا من فلسطين المحتلة وهو ما يشكّل مخاطر من احتمال احتلال الجيش "الإسرائيلي"  لمنطقة جنوب الليطاني وربما حتّى نهر الأولي، مع احتمال تنفيذ عمليات تقطيع أوصال يمكن للجيش "الإسرائيلي" بعد تموضعه الأخير في جبل الشيخ ووصوله إلى منطقة رخلة في سورية تنفيذها بشكل أسرع ممّا كانت عليه الأمور سابقًا. 


هذا إذا افترضنا أن من سينفذ العمليات هم الإسرائيليون وحدهم، أما إذا اتّخذ ترامب قرار المشاركة في العمليات وهو أمر حصل بالهجوم على إيران ويمكن أن يحصل في أي وقت فسنكون حينها أمام وضعية حرب شاملة كذلك ربطًا بما قاله توم براك باعتباره قوى المقاومة أفاعي يجب قطع رأسها. 


مسألة أخرى يجب عدم الاستهانة بها وهي النظرة الأميركية للدولة اللبنانية وخصوصًا مؤسسة الجيش حيث تُوَجّه اتهامات لقيادة الجيش بعدم القدرة على تنفيذ حصر السلاح واتهام بعض قادة الجيش بالتعاون مع حزب الله، وآخرها اتهام مدير المخابرات في الجيش بوضع سيارته بتصرف الحاج وفيق صفا للانتقال إلى منطقة الروشة واتهامات أخرى للجيش وللدولة بشكل عام. 


هذه الاتهامات مضافًا لها أن أميركا لم ولن تقوم بتسليح الجيش بما يمكنه من مجابهة الجيش "الإسرائيلي"  تطرح مخاوف حقيقية على لبنان وهو ما يستدعي وجود فهم لبناني رسمي لطبيعة المخاطر والتعامل معها بصورة استباقية درءًا للمخاطر وتخفيفًا من احتمالات خطيرة جدًا.

 

الكلمات المفتاحية
مشاركة