اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي النمر: المقاومة أقوى حضورًا وأشد عودًا

خاص العهد

المساس برخصة
خاص العهد

المساس برخصة "رسالات".. كيدية سياسية لا تطبيق قانون

75

في ظل الأزمات المتعددة التي يمر بها لبنان وتهدّد مجتمعه واقتصاده وأمنه، فوجئ اللبنانيون بتحويل إضاءة صخرة الروشة إلى مسألة مصيرية ومعركة حاسمة، بينما البلد بأمسّ الحاجة إلى تركيز الجهود على وقف العدوان الصهيوني ومعالجة مِحنه.

في خضمّ كل المشاكل، تبرز حادثة إضاءة صخرة الروشة التي يتعامل معها رئيس الحكومة نواف سلام كقضية قانونية تمس هيبة الدولة كما يصوّرها الأخير الذي وصل به الأمر الى طرح الموضوع على جلسة مجلس الوزراء بهدف سحب الترخيص من الجمعية اللبنانية للفنون "رسالات"، المسؤولة عن هذا النشاط. فماذا يقول القانون هنا؟

نشابة: القرار الحكومي يفتقر إلى الأساس القانوني

يقول المتخصص بالعدالة الجنائية الأستاذ الجامعي الدكتور عمر نشابة، إنّ ما يجري اليوم من تصعيد سياسي وإعلامي حول جمعية "رسالات" يطرح علامات استفهام كبيرة حول منهجية التعامل مع القضايا العامة، وتحديدًا حين تؤخذ خارج سياقها الطبيعي لتطرح، كأنها مسألة مصيرية تهدد الكيان الوطني، في وقت يعاني فيه البلد من أزمات جوهرية تتعلق بالوضع الأمني، وبالبنية التحتية، وملفي الكهرباء والمياه، والأمن الاجتماعي، والانهيار الاقتصادي.

وفي حديثه لموقع "العهد" الإخباري، يسأل: "لقد تم التداول باتهامات بحق الجمعية، مفادها أنها وعدت بشيء وأخلّت به. لكن أين الإثبات؟"، موضحًا أن "أيّ ادعاء بخرق أو مخالفة يجب أن يستند إلى مستندات أو تقارير رسمية تُثبت ذلك". 

ويوضح نشابة أن المادة 13 من الدستور اللبناني تكفل حرية تأليف الجمعيات، وينظمها قانون الجمعيات الصادر سنة 1909، والذي ينص على أنه لا حاجة للحصول على ترخيص مسبق لتأسيس جمعية بل فقط تقديم علم وخبر، إذ يكتفى بإبلاغ وزارة الداخلية عن إنشاء الجمعية. وفي الحالات العادية، تتولى وزارة الداخلية مراقبة الجمعيات.

ويؤكد أن حل أي جمعية مرخصة وفق الأصول لا يتم بقرار سياسي، ولا بإثارة إعلامية، بل عبر تحقيق إداري شفاف تتولاه وزارة الداخلية، يشمل توجيه إنذار، والاستماع إلى الجمعية، وإعداد تقرير مفصّل عن المخالفة، قبل اتخاذ أي إجراء، ولا يمكن حل أي جمعية إذا لم تكن قد ارتكبت جرمًا تستحق عليه الحل. 

ويتابع أن تجاوز رئيس الحكومة نواف سلام كل هذه المراحل، يعدّ إضرارًا بمبدأ سيادة المؤسسات، ومحاولة لتجييش فئة من اللبنانيين ضد فئة أخرى، وهذا يخل بوظيفته الدستورية. وبالتالي، فإن القرار الحكومي يفتقر إلى الأساس القانوني، ويشكل تعديًا على الحريات التي كفلها الدستور، ويعتدي على صلاحيات السلطة القضائية، مما يتعارض مع مبدأ فصل السلطات.

يرى نشابة أن المقلق في الأمر أن هذه القضية تحولت إلى مادة سياسية وإعلامية، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى تهدئة النفوس لا تعبئتها، لافتًا إلى أن الدفع بهذا الملف إلى داخل مجلس الوزراء، لا يخدم وحدة الحكومة، بل قد يؤدي إلى انقسامات داخلية بين الوزراء.

أما في ما يتعلق بصخرة الروشة، فلا بد من التذكير أنها ملك عام، بينما المطلوب من الدولة فقط صيانة الأملاك العامة والحفاظ عليها. وبالتالي، لا يحق لأي جهة، مهما كانت، أن تمنع فئة من اللبنانيين من التعبير الرمزي على هذا المعلم الوطني، طالما أن ما يُعرض لا يتعارض مع القانون أو النظام العام، فإذا استندت الحكومة إلى أن الاحتفال خالف شروط الترخيص، يتبين أنه لم تحصل المخالفة، وفقًا لنشابة.

يشدد نشابة على أن ما يحصل اليوم لا يجب أن يكون مناسبة لتأجيج الأحقاد، فلبنان لا يُبنى بالمزايدات، بل بالاحتكام إلى الدستور، واحترام كرامات جميع المواطنين، خصوصًا أولئك الذين قدّموا أنفسهم وأولادهم وأرزاقهم وعيونهم وأصابعهم فداءً للوطن.

المطلوب من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أن يكونا على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وأن يتصرفا بما يُمليه عليهما موقعهما الدستوري كرمزين للوحدة الوطنية، لا كطرفين في سجال سياسي.

ويدعو نشابة الحكومة اللبنانية وعلى رأسها نواف سلام إلى تغليب صوت العقل، واحترام المؤسسات، وتوجيه الجهود نحو القضايا الأساسية التي تهدد كيان الدولة ومصلحة المواطن، بدل الانشغال بمعارك جانبية لا طائل منها سوى زيادة الشرخ في بلد يحتاج أكثر من أي وقت إلى لملمة الجراح وتحصين السلم الأهلي.

ويختم: "أنا على يقين أن جمهور المقاومة سيتعامل بكل وعي ونضوج مع هذا القرار، ولن ينجر إلى الزواريب السياسية والأحقاد الدفينة".

يمين: لا يحق لرئيس الحكومة حل الجمعيات

بدوره، يشدّد المحامي والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين على أن رئيس الحكومة ليس صاحب اختصاص إطلاقًا لأخذ قرار حل أي جمعية.

وفي حديثه لـ"العهد"، يوضح يمين أن القانون ينص بوضوح على أن حل الجمعيات ليس أول الإجراءات التي يُلجأ إليها عند وقوع المخالفات، بل تسبقه خطوات عدة مثل التنبيه والإنذار، مع ضرورة منح الجمعية المعنية حق الدفاع عن نفسها، وشرح موقفها قبل اتخاذ أي إجراء جذري بحقها.

ويشير يمين إلى أن الاستناد إلى مخالفة القوانين كحجة لحلّ جمعية معينة يتطلّب أولًا إجراء مسح شامل لكل الجمعيات العاملة في لبنان، للتثبت ممّا إذا كانت الجمعيات الأخرى تلتزم بالقوانين أم لا، مؤكدًا ضرورة تطبيق المعايير القانونية بشكل متساوٍ وعادل على الجميع.

ويضيف: "بحسب قانون الجمعيات، يمكن لمجلس الوزراء أن يتخذ قرارًا بحل جمعية في حال ثبت أنها قامت بأعمال جرمية أو مخالفة جسيمة عرضت الانتظام العام للخطر، أما المخالفات الإدارية الطفيفة أو المحدودة، فلا يمكن أن تكون مبررًا كافيًا للحل".

"رسالات": التصرف معنا كان مخالفًا للقانون منذ البداية

من جانبه، يقول المدير العام لجمعية "رسالات" الحاج محمد خفاجة: "من وجهة نظرنا، التصرف معنا منذ البداية كان مخالفًا للقانون، أثناء النشاط، وحتى في الوقت الراهن، في ما يتعلق بمحاولة حل الجمعية". وتابع: "نحن في انتظار ما ستسفر عنه جلسة اليوم، إلا أنه في حال صدور أي قرار يقضي بسحب العلم والخبر أو بحل الجمعية، فإننا سنمضي في المسار القانوني حتى النهاية، مقدمين الطعن اللازم". 

ويؤكد خفاجة لـ "العهد" أن جمعية "رسالات" هي كيان ثقافي في جوهره، وليست إطارًا سياسيًا، مردفًا: "رسالات تعبّر عن صلب العمل الثقافي، وتمثل قضايا الناس الثقافية، وليست جمعية منفصلة عن الناس أو معزولة عن همومهم".

ويدعو الحكومة إلى التعاطي مع الملف بعقلانية، وألا تنجر إلى اتخاذ خطوات تُعد اعتداءً على الحريات وحق التعبير عن الرأي.

خفاجة يشير إلى أن: "نشاط إضاءة الصخرة كان ثقافيًا بحتًا، إلا أن الحكومة منحته بُعدًا سياسيًا وأعطته هذا الزخم الإعلامي"، لافتًا إلى أن "الجمعية معروفة بنهجها وعملها، ولم يسبق لها أن ارتكبت أي مخالفة للقانون".

ويختم: "مستمرون في نشاطنا الثقافي، لأننا أصحاب رسالة واضحة ومسؤوليتنا كبيرة".

الكلمات المفتاحية
مشاركة