اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي مقال في "هآرتس": نتنياهو قرّب "إسرائيل" من جنازتها.. وعليه أن يرحل

نقاط على الحروف

ترامب.. هل هو حقًّا رجل سلام؟ 
نقاط على الحروف

ترامب.. هل هو حقًّا رجل سلام؟ 

97

منذ عودته لرئاسة أميركا لم يفاجئ ترامب أحدًا بسلوكه القائم على الاستعراض. ولكنه هذه المرّة طالعنا بنظرية جديدة وهي فرض "السلام بالقوّة"، وهو ما يؤكد عليه في كلّ مرّة يُلقي فيها كلمة في كلّ المناسبات، وآخرها ما قاله في "الكنيسيت الإسرائيلي" وفي شرم الشيخ، حيث أكّد على أهمية القوّة واستخدامها المُفرط في إجبار الأعداء على الرضوخ والانصياع. 

في "الكنيسيت" كتب ترامب في سجلّ الضيوف: "هذا شرف عظيم لي، يوم عظيم وجميل. بداية جديدة".

في كلمته في "الكنيسيت" قال ترامب: "إن العالم يشهد اليوم الفجر التاريخي للشرق الأوسط الجديد"، وطالب بالعمل على تحقيق "السلام والازدهار لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها"، في وقت تعهد فيه نتنياهو "بتحقيق السلام وفقًا لرؤية ترامب".

ووصف نهاية الحرب في قطاع غزّة بـ"انتصار لا يُصدق لـ"إسرائيل" والعالم"، وأكد أن "إسرائيل" حققت النصر بقوة السلاح. 

ودعا ترامب إلى ترجمة "الانتصارات ضدّ الإرهابيين في ساحة المعركة إلى الجائزة الكبرى المتمثلة في السلام والازدهار لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها".

وأضاف "قوى الفوضى التي ابتليت بها المنطقة هُزمت تمامًا من غزّة إلى إيران".

وقال إن الولايات المتحدة "ستطبق السلام من خلال القوّة"، وأكد أن بلاده تمتلك "أسلحة لم يحلم بها أحد وآمل ألا نضطر لاستخدامها".

ووجه خطابًا للمستوطنين الصهاينة قائلًا إن الولايات المتحدة "لن تنسى ولن تسمح بتكرار 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ".

وأضاف: "نتنياهو كان يتصل بي مرارًا ويطالب بشتى أنواع الأسلحة وأنتم أحسنتم استخدامها". 

أمّا وأن كلام ترامب ينطلق من فهم "السلام" مرتبطًا بإخضاع الآخر سواء كان صديقًا أو عدوًا، وهو ما ارتكز عليه ترامب في طروحاته كونه جرّب الإخضاع والإحراج مع حلفائه أولًا الذين لم يعاملهم كحلفاء أبدًا بل كأتباع وهو ما يمكن أن نورد آخر مثال عليه ما حصل مع رئيس الوزراء البريطاني ستارمر في شرم الشيخ ليقطع كلمته ويستدير فجأة ويخاطب ستارمر: "أين بريطانيا.. أين صديقنا؟"، وجرّه للمنصة فاعتقد رئيس الوزراء البريطاني أنه يقدمه ليلقي كلمة، لكن ترامب يعيده إلى مكانه قائلًا: "من الجميل أنك هنا".

لم يقتصر الأمر على إحراج ستارمر بل وصل إلى مرحلة القول إن كلّ من حضر تم ابلاغهم بالحضور قبل 20 دقيقة وغيرهم الكثير ممن لم يحضروا في إشارة إلى قدرته على التحكم وممارسة التسلط وأنه هو المايسترو الأوحد الذي يُدير حركة العالم.

هذا هو ترامب بنزقه وولعه بالاستعراض والإخضاع لدرجة الهذيان مستندًا إلى القوّة العسكرية المفرطة لأميركا. 

أمر آخر قاله ترامب بخصوص "نزع سلاح حماس" إنّ "حماس قالوا له بأنهم سيسلمون سلاحهم وإن لم يفعلوا فسنفعل ذلك وبعنف". 

أمام ما ورد أعلاه يجب التأكيد أن كلّ ما يطرحه ترامب يتعارض مع عمق الصراع وتجذره فهو يمسح نضال الفلسطينيين وكلّ  من يقاتل للتحرّر في المنطقة ببضع كلمات ويحاول أن يُلغي عقودًا من التضحيات بهذيان لا سابق له. 

ما طرحه حول ما أسماه بـ"خطته للسلام" هو في الحقيقة مجرد اتفاق يرتبط بوقف المعركة في قطاع غزّة. وهنا يجب التأكيد أن ما حصل حتّى اللحظة تحقق بموجب مفاوضات، والمفاوضات من ضمن قوانين الصراع هي جلوس فريقين أو أكثر بشكل مباشر أو عبر وسطاء للوصول إلى أنهاء القتال ووقف المعركة، وهو ما شهدناه ويجب أن يكون ملزمًا لكل الأطراف وأن تكون أميركا بمقتضى ما هو متعارف عليه ضامنة لتنفيذ مضامين ما تم الاتفاق عليه لا فريقًا منحازًا إلى جانب الكيان "الإسرائيلي" وهو ما تعودناه من أميركا في كلّ حقباتها منذ نشوء الكيان "الإسرائيلي". 

كذلك لا بدّ من التأكيد أن النصر الذي يتحدث عنه ترامب وكذلك نتنياهو هو هراء بهراء فلا المقاومة انتهت ولا الأسرى "الإسرائيليون" تحرروا بالقوّة العسكرية وبذلك لم تتحقق أهداف نتنياهو كما طرحها. 

أمام كلّ هذا السلوك الترامبي بالتأكيد على الانحياز للكيان وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كيف يمكن لعاقل أن يقتنع بأن ترامب هو رجل سلام؟

في كلمته أمام "الكنيسيت الإسرائيلي" أصّر ترامب على اعترافه بالقدس عاصمة للكيان واعترافه بالحقوق التاريخية للصهاينة في الضفّة الغربية ما يمكن اعتباره ضوءًا اخضر أميركيًا لضم الضفّة كمقدمة للسير باعتداءات مستقبلية وتمسكه بموافقته على ضم الجولان السوري المحتّل وهو ما أكّده نتنياهو في كلمته أمام "الكنيسيت".

أمر آخر تجب مقاربته وهو عدم إشارة ترامب إلى خريطة "إسرائيل الكبرى" التي أعلنها نتنياهو ما يجعلنا نؤكد على أنّ "الشرق الأوسط" الذي يتكلم عنه ترامب هو "إسرائيل الكبرى " التي أعلنها نتنياهو وهو ما يجب أن نثَبّته بأن المدير الحقيقي للصراع هو أميركا وليس "إسرائيل". 

بما يرتبط بلبنان فقد قال ترامب علنًا إن حزب الله لم يعد الخنجر الذي يهدّد الكيان بغضّ النظر عن الحقائق وما إعلانه عن الأمر إلاّ لتأكيد الغطرسة والاستكبار. 

ختامًا لا بدّ من التأكيد على حقائق تاريخية ثابتة أن لا أحد عبر التاريخ تمكّن من تحقيق الهزيمة بأهل الأرض والأمثلة كثيرة وإن الحقيقة تتمثل في هزيمة المعتدي والمحتل ربطًا بوجود مقاومة وهي موجودة لا بل تتصاعد وتتعلم من تجاربها وتعرف كيف تغيّر أنماط المواجهة لتحقيق النصر.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة