عين على العدو

افتتحت أمس الاثنين (20 تشرين الأول 2025) دورة الكنيست الشتوية بعد عطلة استمرت قرابة ثلاثة أشهر، غير أنها شهدت أجواء مشحونة وحالة من الصخب، بعد أن قدّم رئيس الكنيست أمير أوحانا، رئيس المحكمة العليا يتسحاق عاميت، على أنه قاض فقط، متجاهلًا منصبه الرسمي كرئيس للمحكمة العليا.
هذا التصرف أثار حفيظة أعضاء المعارضة الذين خرج بعضهم من القاعة، بينما قال رئيسها يائير لبيد إنّ "إسرائيل" تسلك طريقًا سيئًا للغاية إذا كان اليوم التالي شبيهًا بما حصل في الكنيست.
بدوره، خرج رئيس الكيان الصهيوني اسحاق هرتسوغ عن نص خطابه المعدّ مسبقًا، وقال في كلمته إنّه يرحب برئيس المحكمة العليا، مؤكدًا احترامه الكامل لمكانة القضاء، مطالبًا أوحانا بضرورة احترام جهاز القضاء والحفاظ على هيبته.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" شبّهت ما حصل في الكنيست بأنه كسر للأدوات بين الحكومة والمحكمة العليا، لافتة إلى أن مسؤولين كبارًا في الجهاز القضائي قالوا إن تصرف رئيس الكنيست أمير أوحانا تجاه رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، وهجومه على السلطة القضائية، يشكلان استمرارًا لعملية كسر الأدوات التي ينتهجها مسؤولون حكوميون كبار باسم "الحوكمة"، بدافع الرغبة في إبقاء الأغلبية في الكنيست ووزراء الحكومة من دون أي رقابة قضائية.
وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن ما يجري يمثل مساسًا خطيرًا جدًا بالمؤسساتية "الإسرائيلية" وبعملية نزع الشرعية المستمرة تجاه مجمل الجهاز القضائي، وليس فقط تجاه المحاكم نفسها.
وأضافوا: "خلف الانتقادات الموجهة لما يسمّى بـ"تهميش الأغلبية" والدعوات إلى "تحقيق توازن بين السلطات" – التي يقودها الائتلاف الذي صاغ ما يُعرف بـ"الثورة القضائية" – هو هدف واضح: إلغاء صلاحيات السلطة القضائية وحراس العتبة، بحيث يصبح حكم الأغلبية مطلقًا بلا أي رقابة".
وأشار المسؤولون إلى مخاوفهم من أن يؤدي الجدل العام المتجدد مع انحسار القتال، وخاصة مع اقتراب سنة الانتخابات، إلى تصعيد في حدة العنف اللفظي، الذي قد يتطور إلى عنف جسدي.
وأوضحوا أن القضايا الجوهرية التي تنتقل الآن من المجال السياسي إلى المجال القضائي، تضخ وقودًا خطيرًا في الخطاب العام. ومن بين هذه القضايا: قانون الإعفاء من التجنيد، والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق وطنية (التي سيتعين على رئيس المحكمة العليا عميت التعامل معها)، وملف المحكمة العليا للنظر في لجنة اختيار القضاة، والالتماسات ضد المستشارة القانونية للحكومة، وملف تعيين رئيس جهاز الشاباك.
بدوها، قالت المحللة السياسية في الصحيفة سيما كدمون إن أوحانا تلقى أمس ضربتين متتاليتين: الأولى جاءت في خطاب لابيد الذي تناول الطريقة التي توجّه بها أوحانا إلى رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، وبهذه الطريقة اختار أوحانا - الذي من المفترض أن يمثّل جميع أعضاء الكنيست - أن يُكرّم حضور رئيس المحكمة العليا في الجلسة الافتتاحية لدورة الكنيست بفجاجة وغطرسة وسلوك متنمّر.
أما الصفعة الثانية، بحسب كيدمون، فجاءت من هرتسوغ، الذي أثبت أمس أنه عندما يريد، يستطيع. ومع ذلك، فإن الأمر كان محبطًا قليلًا. فإذا كان يقدر، فأين كان حتى الآن؟ لماذا صمت؟ كم من الفرص سنحت له منذ أيام الانقلاب القضائي وحتى اليوم ليعبّر عن موقفه، ليوبّخ وينتقد، ليستخدم سلطته ومكانته، ولم يفعل، وفق تعبيرها.
وتابعت: "ربما كان ذلك ما دفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في مطلع خطابه، إلى أن يتوجّه بدوره إلى الرئيس عميت ويقول للمرة الأولى ما هو معروف أصلًا: إن يتسحاق عميت هو رئيس المحكمة العليا، وهذه حقيقة، وهكذا تلقّى أوحانا الصفعة الثالثة في اليوم ذاته".