نقاط على الحروف
لم تخفت وتيرة التهويل بحرب "إسرائيلية" قاسية على لبنان طيلة الأشهر الماضية، بل زادت وتيرتها أخيرًا، خاصة مع وقف إطلاق النار في غزّة. تركزت الأنظار أكثر فأكثر على لبنان، وطغت أصوات التهويل على غيرها من أصوات.
جاءت المناورات العسكرية "الإسرائيلية" الأخيرة على الحدود الفلسطينية - اللبنانية، ومعها البروباغندا العبرية حول جهوزية العدوّ للحرب وسكان المستوطنات كذلك لترفع من وتيرة التهديد بالحرب، لا بل إن بعض الإعلام العربي ذهب أبعد من ذلك ليصف ما يحضّره العدوّ بـ"المفاجآت" للمقاومة.
إذًا، ضغوط متلاحقة تحوم حول سلاح المقاومة، وتختبىء خلف الترسانة العسكرية "الإسرائيلية" لتهدّد من خلالها مكوّنًا لبنانيًّا "بالسحق" وتهدّد معه بلدًا بأكمله بالتدمير وبالتشريد، كرمى لعيون "إسرائيل".
"مفاجآت اسرائيل"!
كان لافتًا في التغطيات الإعلامية الأخيرة، ما ردّدته شبكة "سكاي نيوز" الإماراتية، التي يبدو أنها باتت رأس حربة في التهويل الإعلامي على اللبنانيين. تحت عنوان: "إسرائيل" تجهّز مفاجأة كبرى لحزب الله.. ومحاكاة لحرب شاملة على الحدود".
استخدمت الشبكة الإماراتية عبارة "مفاجأة" لتصف حربًا مدمرة ولها أثمان بشرية ومادية على لبنان. في المضمون، تنعى الشبكة التفاوض مع الاحتلال، وتحذّر من "تجدد المواجهات مع إسرائيل". تدعي أن الأخيرة تخبّىء لـحزب الله "مفاجآت".
وكما جرت العادة تحمّل المقاومة مسؤولية هذا العدوان بقولها إن "حزب الله لن يسلم سلاحه حتّى لو كلف لبنان حربًا مدّمرة تعيد لبنان عشرات السنين إلى الوراء". ومن باب زيادة وتيرة التهويل بالحرب، اتكأت الشبكة على "مصادر أوروبية" لتدعي أن "حربًا موسعة ضدّ لبنان قد تكون مسألة وقت فقط". وأيضًا على ما وصفته بـ"المصدر الأمني الإسرائيلي"، الذي هدّد بالقول: "إما نزع سلاح المقاومة أو "إسرائيل" من ستقوم بذلك"، معلنًا أن "كل ناشط في حزب الله هو هدف لإسرائيل". لم تنس "سكاي نيوز" المناورات الأخيرة "الإسرائيلية" على الحدود، وروّجت أنها "تحاكي سيناريو حرب كبرى مع حزب الله"، في إطار "هجمات برية وبحرية مشتركة".
الإعلام المحلي واتفاقات "أبراهام"
محليًا، لم تهدأ الأصوات التهويلية بالحرب "الإسرائيلية" على لبنان، بل ارتفعت مع وقف إطلاق النار في غزّة. محطات عدة استغلت لتمرير رسائل التخويف والتهويل بالحرب. برزت هنا قناة mtv، ضمن القنوات المحلية. يمكننا هنا التوقف عند محطتين، الأولى في ذكرى السنوية الأولى للحرب "الإسرائيلية" على لبنان، ضمن تقرير بث في نشرة الأخبار، تحت عنوان: "هل تعود الحرب الموسعة من جديد؟"، تضمّن استذكارًا لأعداد الشهداء وللخسائر المادية.
استندت المحطة هنا، إلى ما وصفته بـ"المصادر الديبلوماسية"، التي بحسب المحطة "أخذت بعين الاعتبار "تهريب الأموال إلى حزب الله أو محاولة إعادة التموضع العسكري" فذلك يعتبر "خطًا احمر" بالنسبة لها. المحطة نقلت عن "ديبلوماسيين"، أن "إسرائيل" تريد إنهاء المهمّة في لبنان" بمعنى شنها حربًا واسعة، لإنهاء سلاح المقاومة".
أما المحطة الثانية، فاستغلت فيها المحطة وقف إطلاق النار في غزّة، لتروج لحرب "إسرائيلية" على لبنان. تقرير بعنوان: "هل الحرب الموسعة وشيكة؟"، تضمّن في ختامه تهديدًا واضحًا للحكومة اللبنانية، فإما أن "تبسط سيادتها، وتسيطر على الميليشيات" أو "تدخل لبنان بحرب مدّمرة جديدة وتحوّل مشهد لبنان إلى ما يشبه غزّة"!
لعلّ البارز في التغطيات المحلية، ما أوردته "نداء الوطن" والتي ذهبت أبعد حتّى من العدوّ نفسه في التهديد والدعوة إلى حرب واسعة على لبنان. مقال معنون: "هل تنفذ "إسرائيل" ضربة قاضية على الحزب؟"، يسأل عن "التحضير لضربة ثانية على حزب الله على قاعدة أن الاجتياح الكامل للبنان هو الحل".
المقال يحذر من "خطورة تنفيذ "إسرائيل" عملية عسكرية ضدّ "إسرائيل" لأنها ستكون ضدّ لبنان كله"، وثمن هذه العملية أكبر على هذا البلد. يروج المقال لفكرة أن هذه الحرب "الإسرائيلية" ستقضي على "كل مقدرات الحزب وتشتت من يبقى من قياداته وتمنع أي عملية استنهاض لأي تنظيم معارض لها أيًا كان".
وبرأي المقال، إن من شأن هذه الحرب إخضاع الدولة اللبنانية لقائمة "الدول العربية والإسلامية التي ستنضم إلى اتفاقيات أبراهام والى السلام معها". ويقترح في نهاية المقال، "البحث عن أسلحة حزب الله ومخازنه" لمصادرتها "لتجنب الوصول إلى تهديد "إسرائيلي" أميركي مماثل لتهديد حماس".