اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الهيئات النسائية في جبل لبنان تُكرّم الملتزمات بالعباءة الزينبية 

نقاط على الحروف

توم برّاك.. من إهانة الإعلاميين إلى إهانة الدولة اللبنانية!
نقاط على الحروف

توم برّاك.. من إهانة الإعلاميين إلى إهانة الدولة اللبنانية!

223

لم يكن وصف المبعوث الأميركي إلى سورية توم برّاك للبنان، في كلمته أمام منتدى حوار المنامة السبت 1/11/2025، بـ"الدولة الفاشلة" سوى مرآة لسياسة أميركية فاشلة تحاول أن تُخفي مسؤوليتها عن انهيار البلاد خلف لغة الوعظ والاستعلاء، وهذا ما يؤكد أن هذه اللغة، من رجل يُفترض أنه "دبلوماسي"، تبيّن النهج السياسي المتعمّد للبلاد التي يمثلها، والذي يقوم على إهانة الشعوب التي ترفض الخضوع، وتطويع الخطاب الدبلوماسي لخدمة منطق الوصاية والهيمنة.

حين يصف برّاك لبنان بهذا الوصف، وهذا ليس بجديد بعد أن سبق له أن أطلق تصريحات مهينة بحق صحفيين لبنانيين في قصر بعبدا، فهو يتناسى – أو يتجاهل عمدًا – أن الولايات المتحدة هي التي وضعت لبنان في هذا المأزق عبر حصار اقتصادي ممنهج، وعقوبات طاولت مؤسساته وقطاعاته الحيوية، وعبر تعطيلها لكل مبادرة دولية أو إقليمية لتوفير الطاقة أو دعم البنى التحتية. بل أكثر من ذلك، تغطي وتبرر وترعى واشنطن يوميًا العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، وتغضّ الطرف عن الانتهاكات الصهيونية اليومية لسيادتنا وأرضنا. فالولايات المتحدة التي تزرع الفوضى ثم تتحدث عن الفشل، تشبه من يهدم بيتًا ثم يعظ سكانه عن ضرورة الترميم.

إذًا، هنا حريّ بنا القول، إن من حاصر الكهرباء والاقتصاد، ومن حال دون استجرار الطاقة، ومن فرض على لبنان معادلات مالية وسياسية تخنق سيادته، لا يحق له أن يتحدث بلغة المتعالي، ولا أن ينصّب نفسه قيّمًا على مصير بلدٍ صمد رغم كل هذا الحصار.

الأخطر في تصريحات براك ليس مضمونها فحسب، بل لهجتها المتعجرفة التي تُكمل سلسلة من الإهانات الدبلوماسية التي سبقتها، وليس آخرها ما صدر عنه في مؤتمر قصر بعبدا، حين وصف الصحفيين اللبنانيين بـ "السلوك الحيواني".

في العمق، تعكس هذه التصريحات أزمة النظرة الأميركية إلى لبنان. فالإدارة الأميركية تتعامل مع لبنان منذ سنوات كملف أمني لا كدولة ذات سيادة، في مسعى لها لأن يبقى الشعب اللبناني محاصرًا ويعيش في ضائقة دائمة كي يقبل الوصاية.

دعونا عن برّاك وتصريحاته، أين هم دعاة "السيادة" في لبنان من إهاناته؟ أين أصواتهم التي لا تُسمع إلا حين يكون التصريح إيرانيًّا أو الموقف من محور المقاومة؟ هل السيادة تُستحضر عند بعض القوى في لبنان بشكل انتقائي، حيث تُغيّب حين يأتي الاستفزاز من واشنطن؟  

إن الصمت أمام هذا الكم من الإهانات يُعتبر خيانة للكرامة الوطنية، ومن يلوذ بالصمت اليوم يبرّر غدًا مزيدًا من الإذلال والتبعية.

والجدير ذكره، أنه في اللحظة التي كان فيها المبعوث الأميركي توم باراك يلقي عظته المتعجرفة عن "السيادة" و"فشل الدولة" و"نزع السلاح"، كانت القوات الصهيونية تتوغّل في مناطق جديدة عند ريف القنيطرة في سورية، تلك التي تزعم واشنطن أنها "الضامنة" فيها للهدوء والاستقرار!
 
هي وقاحة سياسية تفضح سقوط الدبلوماسية الأميركية، وتؤكد أن من يعتدي لا يملك حق الوعظ بالسيادة.

لكن ما فشلت واشنطن في فهمه هو أن لبنان، برغم كل جراحه، ما زال يمتلك مقاومة سياسية وشعبية قادرة على حماية كرامته، وأن منطق التهديد والإملاء لم يعد يجدي في مرحلة بات الشعب أكثر تمسكًا بالوعي الوطني.

الكلمات المفتاحية
مشاركة