خاص العهد
في خطوة أمنية وُصفت بالنوعية، كشفت وزارة الداخلية اليمنية عن عملية معقّدة أطلقت عليها اسم "ومكرُ أولئكَ هو يبور"، تمكّنت خلالها من تفكيك شبكة تجسسية واسعة مرتبطة بـ"غرفة عمليات مشتركة" تضم المخابرات الأميركية و""الإسرائيلية"" والسعودية، وتتّخذ من الأراضي السعودية مقرًّا لإدارتها. وجاء هذا الإعلان ليؤكد ما يتعرض له اليمن من حرب استخباراتية ممنهجة تستهدف أمنه واستقراره، في إطار العدوان المستمر ومحاولات النيل من موقفه الداعم للمقاومة الفلسطينية. هذه العملية التي جرت على مراحل دقيقة من الرصد والمتابعة، كشفت عن أساليب عدوانية متطورة في التجسس والتخريب، وأعادت تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه الأجهزة الأمنية اليمنية في إحباط المؤامرات الخارجية وحماية الجبهة الداخلية.
في هذا السياق، أكد رئيس لجنة المتحدثين العسكريين في القوات المسلحة اليمنية؛ العميد مجيب شمسان في تصريح لموقع العهد الإخباري أن "الغرفة الاستخباراتية المشتركة التي أعلن بيان وزارة الداخلية اليمنية عن ضبط شبكاتها، تضمّ ضباطًا من المخابرات الأميركية (CIA) والموساد "الإسرائيلي" والمخابرات السعودية، وقد تمّ إنشاؤها خصيصًا لخدمة الأهداف الصهيونية والأميركية ضدّ اليمن، في سياق العدوان والتصعيد الذي رافق العمليات العسكرية اليمنية الداعمة لغزّة".
وأوضح العميد شمسان، أن الهدف الأساس لهذه الغرفة هو إدارة عمليات تجسسية واستخبارية واسعة النطاق ضدّ اليمن، وأن هذه الغرفة "أنشئت خلال فترة المساندة اليمنية الموسعة لغزّة، بعد أن فشل الأميركيون في التأثير في مجريات العدوان أو كسر صمود اليمن. وأضاف مسترسلًا "عندها لجؤوا إلى تشكيل خلايا تجسسية لجمع المعلومات عن القدرات العسكرية اليمنية ونقاط الضعف في الجبهة الداخلية، وإثارة النعرات والبلبلة لإضعاف تماسك الشعب اليمني".
وتابع شمسان: إن "الغرفة المشتركة تولّت تنسيق وتوجيه تلك الخلايا التي تلقت تمويلًا مباشرًا من النظام السعودي، فيما جرى تدريب عناصرها على أيدي ضباط أميركيين و"إسرائيليين" وسعوديين داخل الأراضي السعودية، واستخدمت أجهزة متطورة لا تُمنح إلا للتشكيلات العسكرية المتقدمة". وأشار إلى أن "هذا يعبّر عن مستوى عالٍ من التخطيط والإشراف المباشر على العمليات العدوانية التي تستهدف اليمن جوًا وأرضًا وميدانيًا واستخباريًا".
ولفت العميد اليمني إلى أن "السعودية ورّطت نفسها مجددًا في هذا الملف"، مذكّرًا بخلية سابقة تم الكشف عنها قبل فترة، "كانت قد تلقت تدريباتها أيضًا داخل الأراضي السعودية على أيدي ضباط بريطانيين وسعوديين، واستخدمت أدوات مشابهة في جمع المعلومات وتحديد الإحداثيات".
وقال شمسان: "اليوم يتضح أكثر من أي وقت مضى أن السعودية منخرطة بعمق في مؤامرة مشتركة مع الأميركي والصهيوني ضدّ اليمن، سواء عبر هذه الخلايا المتعددة والمنفصلة أو عبر أدوات أخرى تعمل على زعزعة الأمن الداخلي وإضعاف موقف الشعب اليمني الداعم لغزّة".
وبيّن أن" الخلايا التجسسية كانت تعمل على رصد المواقع العسكرية ومراكز التصنيع ومناطق إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، إلى جانب جمع معلومات عن القيادات السياسية والعسكرية والأمنية، وأحيانًا عن شخصيات مدنية، ما أدى إلى ارتكاب العدوّ الصهيوني جرائم استهداف ضدّ المدنيين بناء على معلومات قدّمتها تلك الخلايا".
كما أشار إلى أن بعض تلك الأنشطة كانت تُمارس تحت غطاء منظمات مدعومة أميركيًّا بواجهات إنسانية وخدمية، لكنّها في الحقيقة كانت تمارس أعمالًا تجسسية لصالح العدو.
وحول دور الشعب اليمني في العملية، أوضح العميد شمسان أن تعاون المواطنين اليمنيين والقبائل مع الأجهزة الأمنية والعسكرية كان عنصرًا حاسمًا في نجاح العملية، قائلًا: "منذ بداية العدوان، ازداد التلاحم الشعبي والوعي العام بخطورة المؤامرة؛ لأن الجميع أدرك أن العدوّ يستهدف اليمنيين جميعًا، دون تمييز بين مدني أو عسكري. هذا الوعي جعل المواطن يشارك بفعالية في إحباط التحركات المشبوهة والإبلاغ عن أي نشاط استخباري".
وأكد أن هذا التعاون الشعبي أسهم في تضييق مساحة التحرك أمام الخلايا التجسسية التي حاولت التغطية على نشاطها بالتخفي داخل الأحياء المدنية. وأضاف: "الأجهزة الأمنية تابعت تلك التحركات بدقة، ورصدت الخلايا وأمسكت بها تباعًا، حتّى تم الكشف الكامل عن الشبكة ومرجعيتها الاستخباراتية".
وفي تقييمه لأهمية هذا الإنجاز، قال العميد شمسان إن: "العملية تمثل نجاحًا أمنيًّا كبيرًا يُضاف إلى سلسلة الانتصارات اليمنية"، موضحًا أن الانتصارات الأمنية لا تقل أهمية عن الانتصارات العسكرية في الميدان؛ لأن الحروب الحديثة أصبحت تقوم على الدمج بين العمليات العسكرية والاستخباراتية والحرب النفسية.
وشدد على أن "الحفاظ على صلابة الجبهة الداخلية شرط أساس لاستمرار الانتصارات العسكرية"، وأضاف: "لو سقط القطاع المدني لسقطت الجبهة العسكرية، لكن هذا الإنجاز عزّز صمود الداخل، وخلق بيئة صلبة ترتكز عليها القوات المسلحة اليمنية في مواجهة العدوان".
كما أكد أن كلّ تحركات الأعداء مرصودة، وأن العملية الأخيرة ليست سوى واحدة من مراحل متعددة ضمن مواجهة مستمرة مع أجهزة التجسس الأجنبية، حيث تم القبض على عدد كبير من الشبكات على مراحل متتابعة، وما أُعلن اليوم هو جزء من الحقيقة فقط، وهناك تفاصيل أخرى لم يُكشف عنها بعد.
ووجّه رسالة إلى الشعب اليمني قائلًا: "على المواطنين أن يدركوا أن المعركة اليوم تستهدف الجميع، وأن العدوّ بعد فشله في خياراته العسكرية سيحاول اختراق الجبهة الداخلية. لذلك يجب أن يكون اليمنيون أكثر وعيًا ويقظة في مواجهة المؤامرات، وأن يواصلوا دعمهم للأجهزة الأمنية والعسكرية حتّى إفشال كلّ مخطّطات العدوان".
وختم العميد شمسان تصريحه لموقعنا بالقول: "أما أولئك المرتزقة الذين ارتموا في أحضان العدوّ الصهيوني والأميركي، فسيبقون في خانة الخيانة والعار، فاليوم العالم بأسره يرى الكيان الصهيوني ككيان مجرم، وكلّ من يتعاون معه لن يجني سوى الخزي أمام التاريخ والأجيال القادمة".