خاص العهد
أثار قرار وزارة الطاقة بإغلاق وتشميع عدد من محطات تعبئة الغاز في طرابلس موجة استياء واسعة بين الأهالي وأصحاب المحطات، الذين اعتبروا الخطوة ضربة موجعة لقطاع حيوي يعتاش منه المئات من أبناء المدينة. فقد شكّلت محطات الغاز، في الأحياء الشعبية الفقيرة، المتنفس الوحيد للعائلات التي تعيش على الحد الأدنى من الدخل، والكثير من المواطنين الذين كانوا يلجأون لتعبئة ما تيسر من الغاز بمبالغ تتراوح بين مئتين وثلاثمئة ألف ليرة، كلٌّ حسب قدرته. ومع الإغلاق، بات هؤلاء أمام أزمة حقيقية في تأمين حاجاتهم اليومية للطهو والتدفئة.
يقول أبو محمود، وهو أب لخمسة أولاد من منطقة باب التبانة إن القرار غير منصف، فالمحطة القريبة كانت تتيح له تعبئة كميات صغيرة وفق ما يملك من مال، مضيفًا: "نحن لا نستطيع شراء القارورة الكاملة، كنا نملأ نصفها أو ربعها، واليوم مع الإغلاق لا نعرف من أين نؤمن الغاز ولا كيف نعيش".
أما أبو فادي، أحد العاملين في محطة مرخصة، فيؤكد أن القرار المفاجئ أوقف عمل العشرات، مردفًا: "نحن نعمل ضمن الأصول، وتحت إشراف الجهات المختصة، ولسنا مخالفين"، مشيرًا إلى أن "الإغلاق يعني قطع أرزاق عشرات العائلات، من دون أي مبرر واضح".
الاحتجاج على القرار لم يتأخر، إذ نفذ أصحاب محطات تعبئة الغاز في طرابلس، بالتنسيق مع الاتحاد العمالي العام في الشمال برئاسة النقيب شادي السيد، اعتصامًا أمام محطة "OJM" في شارع سورية – باب التبانة، رفضًا لما وصفوه بالقرارات المجحفة بحقهم.
وطالب السيد وزارة الطاقة والحكومة بمراجعة القرار وإنصاف المحطات القانونية، معتبرًا أن المعالجة يجب أن تتم بالحوار لا بالعقوبات، وبأن حماية المواطنين لا تكون بزيادة معاناتهم.
في المقابل، يرى متابعون أن القرار قد يكون مرتبطًا بمحاولات تنظيم القطاع، ومنع أي تجاوزات أو مخالفات أمنية، لكنهم يشددون على ضرورة إيجاد حلول بديلة تحمي المواطن والعامل وصاحب المؤسسة في آن واحد.
بين الإجراءات الرسمية واحتياجات الناس اليومية، تبقى طرابلس وأحياؤها الشعبية تواجه أزمة جديدة تضيق الخناق على سكانها الذين يرزحون أصلًا تحت أعباء المعيشة والفقر.