اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي "معاريف": "إسرائيل" تعزّز موقعها الإقليمي في ظل أزمة علاقاتها مع تركيا

نقاط على الحروف

“إسرائيل
نقاط على الحروف

“إسرائيل" وخدامها: حرب ضدّ إعادة الإعمار

70

من حروب إلغاء المسيحيين إلى حرب إلغاء طائفة بكاملها وعليه الوطن بأسره. بسيرة ذاتية تتصدرها جرائم الخطف والتهجير والذبح على الهوية، والمعارك المفتوحة على الهزائم، يحفل سجل متلزمي حرب "إسرائيل" في الداخل اللبناني، وواحد من أهم فصول عدوانها هو منع إعادة الإعمار.

جلستان تشريعيتان لمجلس النواب جرى تعطيلهما من أجل تعديل قانون الانتخابات، بشكل يضرب جوهر العملية الديمقراطية، ويفقدها المساواة بين الناخبين والعدالة في التمثيل، ليقود ذلك إلى عرقلة مشروع إبرام قرض من البنك الدولي مخصص لإعادة إعمار البنية التحتية المدمّرة بفعل العدوان. بهذه الخفة يتم التعاطي مع ملف إعادة إعمار بنى تحتية وقرى ومدن نسفتها الحرب. وإذا ما أردناها مقاربة واقعية فينبغي القول، بهذا الشكل المكشوف تضع أحزاب لبنانية وكتل نيابية نفسها في خدمة أهداف العدوّ "الإسرائيلي" وحربها ضدّ لبنان. 

منذ انطلاق العدوان، لم يوفر هؤلاء لغة أو عنوانًا للضرب بالدم المسفوك، من التشفي بالشهداء والضحايا على الشاشات، إلى تبني الدعاية "الإسرائيلية" وتبرير قصف المناطق المأهولة ونسف القرى، وفتح الشاشات والمنصات للعمل المفتوح على إسناد الرواية "الإسرائيلية". والواقع يفرض هنا أيضًا الاعتراف بأن جبهة إسناد العدوّ هذه استبقت العدوان بسنوات، لتمارس كلّ الضغوط والشيطنة بحق المقاومة. وكلما نُبّه هؤلاء إلى أن خطابهم يلاقي أهداف العدوّ ويتقاطع مع مصالحه، كانت تخرج صيحاتهم مستنكرة ما سمَّوه حينها "خطاب التخوين". واليوم يغيب التوصيف هذا بعد أن غدا الكلام عن الخيانة لغة عفّى عليها الزمن في عصر الانبطاح العلني لـ "إسرائيل"، الذي يُنظّرِون له يوميًا ويمنحونه التسميات أبرزها "واقعية سياسية".

والغريب أن هؤلاء الذين يحاضرون بنا يوميًا بأن لبنان عاجز عن أن يقف بوجه العدوّ لأن موازين القوى ليست في صالحه، هم أنفسهم من تقدموا كلّ مواجهة ضدّ المقاومة في الداخل؛ هذا وكفة ميزان قوة المقاومة في البلد كانت هي الراجحة.

تستمر الاعتداءات "الإسرائيلية" اليومية منذ عامين، والاستهدافات تطال البشر والحجر والشجر، وكلّ  ما من شأنه أن يساهم أو يساعد في إعادة الإعمار من المهندسين المعماريين وصولًا إلى الآليات والجرافات. ولا يكتفي العدوّ بتوجيه الضربات، فتخرج خرائط باسم "حركة الاستيطان في جنوب لبنان" تمنح عشرات القرى اللبنانية جنوبًا تسميات عبرية، وتعلن عن بيع أراضٍ في الجنوب بقيمة 80 ألف دولار للقطعة الواحدة، داعية المستوطنين "للتوجه شمالًا"، هذا إسرائيليًا. 

أما في لبنان، فيقف خدام "إسرائيل" لملاقاة العدوّ في حربه، بمنع تمويل إعادة الإعمار وملاحقة مصادره الداخلية: حرب مفتوحة على القرض الحسن، وعقوبات تطال العاملين على جمع التبرعات وتقديم المساعدات لتوفير عوامل الصمود، وتذهب الخسة بأهلها بعيدًا فيصفون تمويل الإعمار بتبييض الأموال. ويصبُّ كلّ ذلك في الحرب النفسية التي تُمارَس على الناس في معيشتهم اليومية. فحين يُمنَع الإعمار، ويُحاصر التمويل، وتُقفل الجمعيات التي تمدّ يد العون، يُراد من ذلك أن يُصاب المجتمع بالإحباط، وأن يشعر بأن مقاومته عبء عليه لا حماية له. إنها حرب تستهدف روحية مجتمع المقاومة قبل أي شيء آخر. 

ولا تتوقف الحرب ضدّ الإعمار عند ما ذُكر، بل تمضي كتل نيابة علنًا من خلال تعطيل جلسات البرلمان، لقطع الطريق على اقرار مشروع قانون لإبرام قرض من البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار مخصص لإعمار البنية التحتية المدمّرة. ثمّ يطل كبيرهم الذي يعيش على طموحات لا يؤهله لبلوغها سجله العدلي المكدس جرائمَ فيربط إعادة الإعمار بعنصرين: الأول استقرار الجنوب غير المتوفر، وتوافر الأموال اللازمة التي لن يحصل عليها لبنان قبل نزع سلاح المقاومة على حدّ قوله، ليفوته أن يذيّل منشوره بتوقيع "إسرائيلي".

في ضغط موازٍ تخوض "إسرائيل" ومن يعمل في صفوف خدمتها الحرب: عقاب جماعي لمكوّن لبناني كامل، تبرير لقتله واستهدافه اليومي، ثمّ تبنٍّ علني لمشروع تهجيره، وقبل هذا وبعده تحميله هو وحده المسؤولية عن كونه الضحية والمستهدف، ولومه يوميًا على وقوفه للدفاع عن نفسه، والإجهاز عليه باستنكار أي مناشدة قد يوجهها للدولة للنظر في معاناته. هكذا تكون حروب الإلغاء، ويتقنها من يخوضها: 

 - كيان إبادة مشهود له بمسح عائلات كاملة من السجلات بكبسة زر.

 - وخدام مصالح "إسرائيل" ومتعهدو حروبها لبنانيًا، الذين التقوا معها في الشكل يومًا ما ببزِة زيتية، وكم شابهوها مضمونًا، وتشهد لذلك مجازر صبرا وشاتيلا. 

تحلم "إسرائيل" باقتلاعنا وجودًا مقاومًا ومنعنا من العودة إلى أراضينا، فيما يحلم من يعمل لأجلها بالمجان بكرسي الرئاسة في بعبدا، ولو على ركام وطن بأسره. إلا أن ما يُعوّل عليه أن ما من معركة فعلية خاضها هؤلاء وكُتب لخواتيمها انتصارات.

الكلمات المفتاحية
مشاركة