عين على العدو
رأت الرئيسة السابقة لقسم السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي والباحثة في معهد ديان في جامعة تل أبيب ميكي أهرونسون في صحيفة "إسرائيل هيوم الإسرائيلية" أنه "لفهم اتجاه السياسة الأميركية في ملف غزة، يجب النظر أولاً إلى ما يجري على الأرض. قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أعلنت عن تقدم في عملية إزالة الأنقاض وترميم الطرق داخل مناطق خاضعة لسيطرة حركة حماس، بهدف تمكين دخول المزيد من شاحنات المساعدات، وبذلك، تقوم الولايات المتحدة فعليًا بإعادة تأهيل منطقة تقع تحت سلطة تنظيم مسلّح، رغم أن حماس لم تتخلّ عن سلاحها بعد، ولم تُعد آخر الأسرى كما التزمت. ورغم التصريحات والتهديدات الأميركية، فإن المناطق الواقعة تحت سيطرة حماس يعاد إعمارها من دون أن تلتزم الحركة بشروط الاتفاق. وقف إطلاق النار في غزة يُعتبر إنجازاً أميركياً، والرئيس الأميركي سيعمل بقوة للحفاظ عليه وترسيخ مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وتعزيز صورته كصانع "سلام". وأي تهديد لهذا الإنجاز سيُنظر إليه في واشنطن كخطوة عدائية، وستكون الردود وفقاً لذلك".
وتابعت: "الرئيس يسعى لتوسيع النفوذ الأميركي من أجل دفع مصالح مختلفة -اقتصادية وأمنية- في الشرق الأوسط وخارجه. وفي هذا السياق، يجري الحديث هذه الأيام عن صفقة لبيع مقاتلات F-35 إلى السعودية، بما قد يعرّض للتآكل التفوق النوعي الذي تتمتع به "إسرائيل" في المنطقة. كما يجري البحث في صفقة مشابهة مع الأتراك. ففي الماضي، كان التقارب القيمي بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" يحدّ من إمكانية حدوث سيناريو كهذا، أمّا اليوم فالرئيس الأميركي يتحرك وفق ما يراه من مصالح، وبالأساس تلك المرتبطة بالأبعاد الاقتصادية-الاستراتيجية".
وأردفت "في الخلفية، تتعرّض الشراكة بين القدس وواشنطن لاختبار صعب بسبب نفوذ لوبي قطري قوي، يمتلك إمكانات مالية لا تستطيع "إسرائيل" منافستها. القطريون، وكذلك الأتراك، يُعدّون أطرافاً محورية في التطورات الجارية في غزة. وفي الأيام الأخيرة نُشر أن في الإمارات تُسمَع ملاحظات تدعو إلى تقليص دورهم في ترتيبات التسوية داخل غزة، وذلك في ظل تزايد الاستياء في أبو ظبي من الهيمنة القطرية-التركية، الداعمة أيديولوجياً لجماعة الإخوان المسلمين، أي لحركة حماس وفروعها" على حد تعبير أهرونسون.
وأضافت: "كلما عجزت الولايات المتحدة عن التعامل مع هذا النهج، باتت معادلة غزة تُصاغ بواسطة القطريين والأتراك، وليس بواسطة دول مثل مصر، التي تتقاسم مع "إسرائيل" تهديداً مشتركاً مصدره الإخوان المسلمون" على حد زعمها.
ووفق أهرونسون، يسمح الرئيس ترامب، في سعيه لدفع ملفات اقتصادية وتوسيع دوائر التفاهم تحت قيادته، يسمح بتثبيت حكم الشرع في سوريا، رغم ممارساته القمعية الدموية ضد الأقليات، ورغم عمليات التلقين الإسلامي المتطرف التي تُفرض على السكان تحت القيادة الجديدة. أما تعزيز العلاقات مع الأتراك، رعاة الشرع، فيراه الرئيس متوافقاً مع المصالح الأميركية، على الرغم من شكاوى "إسرائيل" من أنّ علاقاتها مع تركيا تمرّ في أدنى مستوياتها تاريخياً".
عدم المسّ بإنجاز الرئيس
وتابعت: "هكذا تجد "إسرائيل" نفسها اليوم أمام احتمال أن يكون جنود أتراك، يعملون بتوجيه من أردوغان ذي التوجهات الإسلامية، من بين الذين سيُكلَّفون بنزع سلاح حركة حماس. تصريحات مسؤولين أميركيين شملت تطمينات بأن "إسرائيل" لن تُلزم بخطوات لا تقبل بها، لكن في الوقت نفسه أكّد هؤلاء أنّ لتركيا دوراً في ترتيبات التسوية. يجب عدم الخطأ في قراءة المشهد. الولايات المتحدة ليست كتلة واحدة متجانسة، وفي كثير من القضايا يحتاج الرئيس إلى مصادقة الكونغرس. وحتى داخل الحزب الجمهوري نفسه لا يوجد إجماع في مسألة غزة. ومع ذلك، لا شكّ في أنّ الرئيس سيبذل كل ما بوسعه للحفاظ على إنجاز وقف إطلاق النار، وفي حين يتعيّن على "إسرائيل" التمسك بقضايا مثل منع وجود قوات تركية في غزة، يجب عليها في المقابل ألّا تبدو كأنها تعمل لإفشال إنجاز الرئيس".