خاص العهد
تونس | حقوقيون وناشطون: المحكمة الشعبية الدولية جزء من الحراك القانوني لفضح الاحتلال
ندوة قانونية وفكرية في تونس
تستعد العاصمة الكتالونية برشلونة لاستضافة "محكمة حق المقاومة: الشعب الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني المحتل والحكومة الأميركية"، وهي محكمة شعبية دولية، ستنعقد في يومي 22 و23 تشرين الثاني/نوفمبر 2025.
تأتي هذه المبادرة استجابة مدنية عالمية للأوضاع الكارثية في فلسطين، وتركّز تحديدًا على جريمتي "التجويع القسري" و"الإبادة البيئية" اللتين ترتكبهما قوات الاحتلال، بدعم مباشر من الحكومة الأميركية. وبهذه المناسبة عقدت سلسلة من الندوات التحضيرية في أكثر من دولة، بينها تونس تمهيدًا لجلسات المحكمة الشعبية الدولية التي ستعقد في إسبانيا برشلونة، وتستمر على مدى يومين.
مشاركة تونسية ودولية
يشارك مركز دراسات أرض فلسطين من تونس، في هذه المحكمة الشعبية الدولية، حيث عقد ندوة قانونية فكرية سلط خلالها الضوء على أهمية الدور الذي تؤديه هذه المحكمة في مبادرة نضالية لدعم الحق الفلسطيني وإيقاظ الضمير العالمي.
قدمت، خلال الندوة، مداخلات مهمة؛ أولها للمحامي ادري أوليلا رئيس الفريق القانوني للمحكمة، بعنوان أهمية المحكمة الشعبية الدولية في ملاحقة الاحتلال والمحافظة على الحراك الشعبي الداعم لفلسطين. ومداخلة المحامية التونسية سميحة الخلفي، عضو الفريق القانوني للمحكمة الشعبية الدولية، والباحثة في مركز دراسات أرض فلسطين، بعنوان آليات المحكمة الشعبية ودورها في حماية الحق الفلسطيني. وقدمت د. مروى ناجي الباحثة في جامعة عانت ببلجيكا، مداخلة بعنوان الحق في المقاومة من منظور القانون الدولي. وقدم د.عابد الزريعي، رئيس مركز دراسات أرض فلسطين مداخلة بعنوان بناء حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني في ضوء مشروعية المقاومة وتجريم الاحتلال.
قوة تضامن حقيقية
في تصريح لـ" العهد الإخباري " أكد د. عابد الزريعي بأن هذه الندوة ستتلوها ندوات أخرى وتحركات ذات طابع قانوني، على مستوى العالم، بأدوات وأشكال مختلفة . وقال :" نستطيع أن نقول إننا، في هذه المرحلة الدقيقة، من الضروري أن نعمل على بناء قوة تضامن حقيقية مع النضال الوطني الفلسطيني ومن أجل محاصرة الكيان الصهيوني ".
وشدّد الزريعي على أهمية بناء حركة التضامن العالمية من خلال بلورة رؤية قانونية تشرع عملية المقاومة والتضامن، وتمنحها موقفًا وموقعًا قانونيًا صلبًا في مواجهة كل أدوات قمعها ومحاضرتها ". وأوضح بالقول :" بالإفادة من مواد القانون الدولية يجب بلورة آليات عمل حركة التضامن العالمية تبدأ من ضرورة نضال هذه الحركة ضد الكيان الصهيوني بدءًا من أيديولوجيته مرورًا بوجوده وانتهاء بالأفعال الإجرامية التي يقوم بها ". وقال :"النقطة الأخرى تتعلق ببناء حركة التضامن العالمية من حيث القدرة على الاستجابة لكل القطاعات الاجتماعية والتخصصية ".
محكمة شعبية تضامنية
من جهتها، أوضحت المحامية والباحثة وعضو الفريق الدولي للمحكمة سميحة الخلفي أهم مكونات هذه المحكمة وقالت بأن المحكمة الشعبية الرمزية ليست محكمة قضائية ذات صلاحيات تنفيذية، بل هي محكمة رأي وشعبية تتبع تقليد المحاكمات الدولية الرمزية التاريخية تهدف إلى خلق مساحة قانونية وأخلاقية لتوثيق الجرائم وتقديمها للرأي العام العالمي، وكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية ونقض سرديتها.
وقالت :"إن الهدف المركزي هو عزل الكيان الصهيوني وداعميه أي عزل الكيان الصهيوني سياسيًا وأخلاقيًا على الساحة الدولية، وتسمية جرائمه بمسمياتها الحقيقية: "إبادة جماعية"، "تجويع قسري"، "إبادة بيئية". وفضح دور الحكومة الأميركية كونها شريكا أساسيًا في هذه الجرائم عبر الدعم السياسي والعسكري والمالي غير المشروط، ومحاولة جرها إلى محكمة الرأي العام العالمي.
وأوضحت الخلفي بأن المحاور الأساسية للمحاكمة (جريمتا التجويع والإبادة البيئية) هي أولًا جريمة التجويع القسري كأسلوب حرب أي الحصار كأداة عبر استخدام الحصار الشامل على قطاع غزة كأداة للعقاب الجماعي، ما يخالف المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة. وثانيًا، منع المساعدات الإنسانية أي منع دخول الغذاء والماء والدواء والوقود، ما أدى إلى مجاعة متعمدة. وثالثًا، تدمير البنى التحتية للحياة عبر استهداف المزارع، صيادي الأسماك، المخابز، وخزانات المياه".
بالنسبة غلى جريمة الإبادة البيئية أوضحت بالقو :" تتضمن هذه الجريمة تدمير البيئة كهدف؛ لذلك يجب توثيق الدمار البيئي الشامل والممنهج الذي يتعدى الأضرار الجانبية للحرب ليصبح هدفاً بحد ذاته لطمس معالم الحياة في فلسطين".
أدلة موثقة وشهادات لناجين
يشار الى أن المحكمة ستعرض شهادات مباشرة من ناجين فلسطينيين عاشوا تجربة التجويع والتشريد. وسيقدم خبراء دوليون، في القانون الدولي وحقوق الإنسان والطب والتغذية والبيئة تحليلات وأدلة موثقة تدعم إطار الجرائم المطروحة. وستضم هيئة المحلفين شخصيات قانونية وأكاديمية وثقافية مرموقة، بالإضافة إلى ممثلين عن الشعب الفلسطيني وحركات التضامن العالمية، وسيتم إصدار "حكم" رمزي يستند إلى مبادئ القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يعلن إدانة الكيان الصهيوني والحكومة الأميركية.
ازدواجية المعايير
من جهتها، أكدت النقابية والباحثة خميسة العبيدي لـ" العهد" الإخباري أنها طرحت خلال الندوة تساؤلات قانونية عن ازدواجية المعايير في تطبيق القوانين الدولية، موضحة بالقول:" يوم 20 تشرين الثاني / نوفمبر هو يوم صدور الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل؛ فلماذا يستثنى الطفل الفلسطيني من هذا الحق"". وتابعت بالقول:" ولماذا الضغط على المقاومة لنزع سلاحها والحال أن القانون الدولي يضمن الدفاع وتقرير المصير". وتؤكد محدثتنا بأن وجود المقاومة مرتبط بوجود الاحتلال.
كما تطرقت الى الجانب التضامني وكيفية توعية الجماهير والمناضلين باستمرارية التضامن والإسناد وأيضًا السعي لرصّ صفوف المناضلين وتقوية جبهات المساندة.