عين على العدو
أكد الكاتب في موقع "القناة 12" غاي فارون أن الحرب الأطول في تاريخ "إسرائيل" خلّفت آثارًا سترافق الشمال سنوات طويلة أخرى، لافتًا إلى أن في مقدمتها تفكّك مجتمعات كاملة بعد إجلاء استمر أكثر من سنة ونصف عن منازلهم، واقتصاد شُل بالكامل تقريبًا، وحتى الآن يواجه صعوبة في التعافي.
وأضاف فارون أن المستوطنين الذين غادروا يروون بألم عن الوعود التي نُقضت، وعن الأسباب التي دفعتهم إلى عدم العودة إلى مكان كان حتى وقت قريب يسمّى بيتًا.
وقال فارون إن الأرقام الرسمية تشير إلى أن 85% من المستوطنين عادوا إلى منازلهم، لكن عند فحص المعطيات عن قرب يتضح أن بعض المستوطنات مثل "البصة"، "هَغوشريم"، و"شلومي" تشهد حتى هجرة إيجابية، بينما مستوطنات أخرى مثل "المطلة"، "شتولا"، و"مَعَيَان بَروخ" تعاني من هجرة سلبية، ومعدل العودة إليها أقل من المعدل العام.
وأوضح فارون أن الرقم الإجمالي لا يشمل المستوطنين الجدد الذين وصلوا بعد الحرب، مقابل القدامى الذين غادروا بسبب الحرب، ولا يعتزمون العودة.
وبحسب فارون، فإن الحكومة أعلنت عدة مرات عن خطط ضخمة لإعادة بناء الشمال لمنع استمرار تسرّب السكان، قائلًا إن المبالغ الموعودة تقلّصت رويدًا رويدًا، وفي النهاية تقرّر مبلغ نحو 12 مليار شيكل (3.7 مليار دولار)، ومن بينها صادقت الحكومة حتى الآن على 5.4 مليارات (1.5 مليار دولار)، وفي الواقع نُفّذ منها فعليًا فقط 4.2 مليارات (1.3 مليار دولار) حتى اليوم. وأكد فارون أن التنفيذ سيستمر سنوات طويلة، ولا يمكن حتى الآن رؤية ثمار هذه الخطط على الأرض.
كذلك، رأى فارون أن معطيات "تجمّع الجليل الشرقي" و"كلية تل حاي" ترسم صورة قاتمة عن الأعمال التجارية المتضررة، مؤكدًا أن 85% من المصالح في الجليل أعلنت عن انخفاض في الدخل خلال السنة الأخيرة مقارنة بالسنوات التي سبقت الحرب، و45% أعلنوا أنهم يفكرون بإغلاق مصالحهم خلال هذا العام، مردفًا أن الغالبية الساحقة من أصحاب المصالح أبلغوا أنه في الأشهر الأخيرة لم يصلهم أي دعم حكومي، وما زالت عدة آلاف من المصالح بانتظار إنهاء الإجراءات البيروقراطية الطويلة مع سلطة الضرائب للحصول على التعويضات التي وُعدوا بها قبل أكثر من سنتين.
ولفت فارون إلى أن أرييه أكرمان، من مستوطني "كريات شمونة" وكان جزءًا من المجلس المحلي وغادر مع عائلته بعد 20 عامًا من السكن في الجليل الأعلى، تحدّث عن الصعوبات التي أدّت إلى المغادرة إضافة إلى الحرب، قائلًا: "لا توجد هنا ثقافة ولا يوجد ما يمكن فعله، والإمكانيات ضعيفة"، مضيفًا: "نحن بعد سنتين صعبتين جدًا، أطفالي وأنا نتلقى العلاج، هناك بيوت كثيرة انهارت بعد حالات الطلاق، والحكومة لا تفهم ما يحدث في الأسفل، ومن هم في الأعلى لا يفهمون أنه لا يوجد هنا بالفعل عملية إعادة بناء".
كما نقل فارون عن أفيحاي شتيرن، رئيس البلدية، الذي تحدّث عن صعوبات "السكان" وتفهّمه للأسباب التي جعلتهم لا يعودون، قوله: "أنا تمامًا قادر على فهم لماذا 30% قرروا عدم العودة. وبعد سنوات طويلة من حمل العبء على أكتافهم، تعب الناس ويريدون الانتقال إلى المركز. هذا لا يعني أنهم ليسوا على حق، فهم هنا بدافع أيديولوجي. المشكلة هي أنه لا يمكن بناء "مدينة" فقط على أساس الأيديولوجيا"، مضيفًا: ""السكان" (المستوطنون) الشباب لا يريدون تربية أطفال في واقع أمني كهذا، والأكثر ثراءً قرّروا اقتلاع أنفسهم في منتصف الحياة والانتقال إلى المركز رغم أن الحياة هناك أكثر كلفة"، مردفًا: "سنتان من الضرر لا يمكن إصلاحهما في يوم واحد، وليس الأمر مسألة صبر فقط؛ من سيأتي اليوم إلى "كريات شمونة" فهو يقوم باستثمار ذكي".