اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

يوم التعبئة
المقال التالي لماذا تستطيع المقاومات النهوض بعد تلقيها الضربات؟ وما هو دور التعبئة في نهوضها؟

نقاط على الحروف

 عام الصبر المرّ والعزّة..
نقاط على الحروف

عام الصبر المرّ والعزّة..

204

الساعة الرابعة من فجر ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤، دخل إعلان وقف إطلاق النّار حيّز التنفيذ، بعد ليلة صبّ فيها الصهاينة نار حقدهم على بيروت العاصمة. الرابعة ودقيقة واحدة، صوت السيارات يختلط في الشارع بأصوات من لم ينتظروا شروق الشمس كي يعودوا إلى الضاحية. صوت سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله كان يصدح من السيارات: "أيها الأحبة، ستعودون إلى الديار، هاماتكم مرفوعة، أعزّاء كما كنتم، وكما أنتم، وكما ستبقون، يا أشرف الناس". ومعه تصدح حشرجات الفقد المبلّلة بالدمع الذي حُبس منذ ٢٣ أيلول: "راجعين يا سيّد.. متل ما وعدتنا".

حين أشرقت خيوط الضوء الأولى، كانت الشوارع في الضاحية، الحاملة ركام الأبنية والشوق إلى أهلها، مكتظة بخطوات العائدين على جناح اللهفة، وكانت صور السيد حسن، والسيد الهاشمي، وسائر الشهداء قد بدأت ترتفع فوق الدمار وعلى الأعمدة.مسيرات عفوية بالدراجات النارية وبالسيارات تختلط مع المشاة على أوتوستراد السيد هادي. الحزن كثيف كغيم تشرين، وصوت الفاقدين يغلب الأناشيد التي تصدح بها مكبرات الصوت: "يا ضاحية.. يا ديرة السيد حسن"، والجموع التي هاماتها مرفوعة لا ينكّسها الفقد، ودموعها حرّة ثوريّة لا تُترجم إلى ضعف ولا إلى أنكسار، تغسل شوارع الضاحية من غبار الحرب، تحنو على ركام الأبنية التي كانت قبل ٦٦ يومًا بيوتًا تضجّ بالحياة، والتي صارت في يوم العودة دليلًا على تمسّك أهلها بنهج المقاومة. هؤلاء الذين كتبوا بصوت الحاجة كاملة سمحات الذي زلزل الأرض في تموز ٢٠٠٦ "فِدا المقاومة..".

قبل انتصاف النهار، كانت الحياة قد بدأت بالعودة إلى طبيعتها في الضاحية. الكلّ منهمك في تجهيز الأمكنة بحيث تصبح جاهزة للسكن في أسرع وقت. حتّى المحال التجارية والأسواق، عادت بسرعة مذهلة إلى العمل، بحيث كان من الممكن بسهولة ومنذ الساعات الأولى للعودة أن يشتري الناس حاجاتهم الضرورية. ويتخلّل كلّ ذلك تجمعات تتبادل التهاني بالعودة، والدموع.

أهالي الشهداء، الذين في كلّ حيّ لهم بيوت وحياة، كانوا شموس ذلك اليوم. يمدّون بالدفء وبالضوء وبالصبر وبالعزّة كلّ الجموع التي تتحلّق حولهم.

على الأرصفة، وفي الأزقة، وبين المباني، لم تمرّ دقيقة في ذلك اليوم إلا وتسمع أحاديث متفرّقة عن ٦٦ يومًا من اليقين، ومن الثبات، ومن الصبر الذي شهد عليه العالم كلّه. عن رجال منعوا العدوّ من تحقيق أهداف حربه التي أعلنها منذ البداية. عن الصواريخ التي انهمرت فوق المستوطنات، وعن رعب المستوطنين الصهاينة وخلوّ شمال أرض فلسطين منهم، ومقارنته بصبر أهل الأرض ها هنا، وعزمهم.

عامٌ مرّ على ذلك اليوم، وخلاله لا كفّ العدوان ولا التزم الصهاينة بأي بند من بنود الإعلان، فيما صبرت المقاومة والتزمت بعد وعود من "الدولة" بالسعي لوقف الاعتداءات بالدبلوماسية والتي تبيّن أنّها في زمن "الخارجية القواتية" تقوم على إستراتيجية البكاء عند الأميركي وثقافة الترويج للتطبيع والاستسلام والتسويق للذرائع "الإسرائيلية" لمواصلة عدوانها. عام لم يسمع فيه أهل المقاومة من الحكومة سوى "وجوب نزع سلاح المقاومة" وربط إعادة الإعمار بنزع السلاح. عام احتشد فيه الموفدون الدوليون وحاملو رسائل التهديد من كلّ بقاع الأرض، كي يقولوا لأهل المقاومة استسلموا، وكثُرت فيه أبواق التصهين "المحليّة" التي تتولّى مهمّة العدوان الإعلامي بكلّ أشكاله. وعام مضيء بشهداء الغدر الذين تترصدهم مسيّرات الغدر، على مرأى العالم. عام مرصّع بالصبر، وبالثبات، وبالإصرار على حفظ المقاومة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة