خاص العهد
في مؤشر واضح إلى أنّ القرار السياسي وُضع على سكّة التنفيذ، دخل ملف تفريغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية مرحلته الحاسمة، مع طرح وزيرة التربية ريما كرامي تفصيلًا نهائيًا يشمل تفريغ 1282 أستاذًا مرشحًا مستوفيًا للشروط، بعد اتفاق مسبق مع رئيس الجامعة بسام بدران.
ومع إقرار مجلس الوزراء الآلية المقترحة لتقسيم الدفعات على ثلاث سنوات متتالية، بات الملف أقرب من أيّ وقت مضى إلى التنفيذ الفعلي، رغم ما يعوقه من معوقات تتصل بالتوازنات الطائفية والمعايير الأكاديمية المعتمدة.
أمّا العُقدة المتبقية، فتبقى في انتظار موافقة وزير المال ياسين جابر على الكلفة المالية المقدّرة، لتكتمل صورة أحد أكثر الملفات جدلًا في الجامعة الوطنية.
في حديثه لموقع العهد الإخباري، يعيد عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين؛ الدكتور رضا الشاب، وضع الملف في سياقه الكامل، كاشفًا حجم الهواجس التي تفرضها الصيغة المطروحة.
يقول الشاب، إنّ الوزراء يعزون الأمر إلى عجز وزارة المالية عن توفير الاعتماد اللازم لتفريغ 1282 أستاذًا دفعة واحدة، ما دفعهم إلى اقتراح جدول زمني يمتد على ثلاث سنوات.
غير أنّ هذا التفسير لا يبدّد المخاوف، بل يضاعفها، لأنّ الدفعة الأولى وحدها معروفة الأسماء، فيما تبقى الدفعتان الثانية والثالثة رهن مفاوضات لاحقة وظروف مالية وسياسية غير مضمونة.
ويحذّر من أن "تقسيم الملف على ثلاث دفعات قد يُسقط حقوق مئات المستحقين. فالدفعة الأولى واضحة، أما الدفعتان الثانية والثالثة فستُحددان لاحقًا، وقد تتبدّل المعايير أو تتعطّل الصيغة برمّتها مع تغيّر الحكومة". ويذكر بأنّ الحكومة الحالية تقترب من نهايتها، ما يجعل التنفيذ اللاحق مرهونًا بحسابات حكومة جديدة قد لا تضع الملف ضمن أولوياتها.
هذا القلق يتعمّق مع اقتراب عهد الحكومة الحالية على الانتهاء بعد أشهر. وهنا يوضح الشاب أنّ الإشكالية ليست في قانونية المرسوم، بل في تأمين الاعتماد المالي، ويضيف "أي حكومة جديدة قد تقول، إنّ المرسوم ساري المفعول، لكن لا مخصصات مالية لتطبيقه. عندها، يبقى تنفيذ الدفعتين الثانية والثالثة معلّقًا إلى أجل غير معلوم".
أما في ما يتعلق بما أقره مجلس الوزراء، فيشير الشاب إلى أنّ المعايير الأساسية باتت محسومة: اعتماد آخر سنتين لرفع الطلبات (2023-2024 و2024-2025)، توافر 200 ساعة تدريسية لغير الموظفين، واعتماد نِصاب خاص للموظفين وفق وظائفهم.
هذه المعايير، كما يقول، شكّلت قاعدة واضحة، في ما تُركت الآلية التنفيذية للاجتماع الثنائي المرتقب بين وزيرة التربية ووزير المالية، بهدف الوصول إلى صيغة مالية نهائية ترفع مجددًا إلى مجلس الوزراء.
وعن توزيع الدفعات، يشدد الشاب على أنّ الأرقام المتداولة لا تزال اقتراحات غير رسمية، رغم الانطباع السائد بأنّ التقسيم موزع على ثلاث دفعات بين أساتذة غير موظفين وعددهم 1117 و165 موظفًا سيشملهم التفرغ في الدفعة الثالثة.
ويضيف: "نحن نطالب بملف دفعة واحدة. هذا ما حصل في كلّ ملفات التفرغ السابقة، وهذا ما يضمن عدم ضياع حقوق أيّ من الزملاء بعد سنوات طويلة من الانتظار، كما أن تقسيم الملف يضع الدفعتين الثانية والثالثة في مهبّ الرياح. ما نريده هو حل كامل، عادل، يحفظ حق الجميع".
وفي ختام حديثه لموقعنا، يؤكد الشاب أنّ "إنصاف الأساتذة لا يكون إلا بإقرار التفرغ دفعة واحدة، بعيدًا عن أي تجزئة تهدّد مسارهم المهني ومستقبل الجامعة الوطنية".