إيران
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت 06 كانون الأول 2025 بأهم الموضوعات المؤثرة على إيران دوليا وإقليميًا، لا سيما استمرار الضغط عليها من التيار الغربي الذي شمل في الأيام الأخيرة مجلس التعاون الخليجي في بيانه الأخير، كما اهتمت بمراقبة الوضع في لبنان ورأت أن حزب الله يرسّخ نفسه يومًا بعد يوم في البنية اللبنانية.
إعادة تعريف أميركا للشرق الأوسط
وفي هذا السياق، قالت صحيفة إيران إن استراتيجية الأمن القومي الأميركية 2025 صدرت أمس، ويُظهر تحليلها أن واشنطن أعادت تعريف رؤيتها للعالم والشرق الأوسط. وأكد الدكتور حيدر علي مسعودي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي، أن الولايات المتحدة، بناءً على هذه الاستراتيجية، لم تعد تسعى إلى الهيمنة العالمية والأممية الليبرالية بعد الحرب العالمية الثانية، وأن تركيزها الرئيسي ينصب على حماية المصالح الوطنية الحيوية. ومن فتح مضيق هرمز والبحر الأحمر إلى أمن "إسرائيل" وتقاسم المسؤولية مع حلفائها في الشرق الأوسط؛ يشير النهج الأميركي الجديد إلى تحول ملموس من سياسات الهيمنة إلى واقعية قائمة على القوة، من شأنها أن تؤثر على المعادلات الإقليمية والتفاعل بين طهران وواشنطن.
وأضافت: "تتضمن المبادئ التي تحكم وثيقة الأمن القومي الأميركية الجديدة عدة محاور رئيسية. تشمل هذه المبادئ: السلام من خلال القوة، وعدم التدخل في الدول الأخرى، والتركيز على التدخل المبرر والقابل للتبرير، بحيث يُسمح فقط بالتدخلات المحدودة في الدول أو المناطق الأخرى، والواقعية المرنة، والتركيز على مركزية الدولة في الساحة الدولية، وتوازن القوى، والتصنيع المحلي في الولايات المتحدة، والتوازن التجاري، وتقاسم المسؤولية بين شركاء الولايات المتحدة وحلفائها، وفي نهاية المطاف الأمن الاقتصادي. تنص الوثيقة صراحةً في مقدمتها، لشرح استراتيجية الولايات المتحدة، على أن هدف السياسة الخارجية هو حماية المصالح الوطنية الحيوية، وينصب تركيزها حصريًا على هذا الهدف. ولذلك، وصفت استراتيجيات الأمن القومي الأميركية منذ نهاية الحرب الباردة بأنها فاشلة. وتُشدد هذه الوثيقة على ضرورة تجاوز هذه المفاهيم، مُشيرةً إلى أن نُخب صنع القرار والسياسة الخارجية في البلاد أخطأت في حساباتها بعد الحرب الباردة، وأقنعت نفسها بأن الهيمنة الأميركية الدائمة على العالم بأسره تصب في مصلحتها، وأن صانعي القرار في نهاية المطاف راهنوا رهانًا خاطئًا ومُدمرًا للغاية ع
وأردفت: "عمومًا، تُمثل هذه الوثيقة رؤية واقعية مُوجهة نحو القوة، تُركز على مُكونات القوة الوطنية الأميركية، وتُمثل نوعًا من التمييز عن الأممية الأميركية الليبرالية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية؛ عندما اعتبرت الولايات المتحدة نفسها القوة الليبرالية المُهيمنة على الساحة الدولية، واعتقدت أنه لضمان المصالح الوطنية، يجب تطوير وعولمة المؤسسات الدولية التي أسستها الولايات المتحدة وتُهيمن عليها، لكنها الآن ستسلك مسارًا مُختلفًا عما يُسمى بالأممية الليبرالية الأميركية".
ضحايا التوتر العزّل
في سياق آخر، ذكرت صحيفة وطن أمروز أنه في البيان الختامي الصادر عن الدول العربية الست، عقب اجتماع مجلس التعاون الخليجي في البحرين، تجدد الجدل حول وحدة أراضي إيران وبعض مواردها من الطاقة. وزعم البيان، كما في السنوات السابقة، أن الجزر الإيرانية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أكدت الدول الست الأعضاء في المجلس دعمها لسيادة الإمارات على هذه الجزر.
وفي هذا الصدد، انتقد مجلس التعاون الخليجي أعمال البناء على هذه الجزر الإيرانية، وأشار إلى تصريحات بعض مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأنها، وأدان التدريبات العسكرية الإيرانية على الجزر الثلاث، بحسب الصحيفة، كما أدان المجلس زيارات كبار المسؤولين الإيرانيين المتكررة لهذه الجزر، وتصريحاتهم التي وصفها بأنها مثيرة للتوتر وموجهة ضد الإمارات.
وفي ما يتعلق بموارد الغاز الإيرانية، أكد مجلس التعاون الخليجي أيضًا أن حقل آراش يقع في المياه الإقليمية الكويتية، وأن ملكية موارده الطبيعية تقع ضمن المياه المشتركة للمملكة العربية السعودية والكويت.
وقالت الصحيفة إنه "على مدار السنوات الماضية، دأب مجلس التعاون الخليجي على إثارة ادعاء سيادة الإمارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث. كما أثار المجلس مؤخرًا قضية حقل آراش النفطي، وعلى مر السنين، ورغم تأكيد الجمهورية الإسلامية على سيادة إيران على الجزر الثلاث، وحقوق ملكيتها لحقل آرش النفطي، إلا أنها رفضت هذه الادعاءات واعتبرتها محاولة فاشلة وغير مجدية لانتهاك السيادة الإقليمية الإيرانية. ولهذا السبب، ورغم أن الإمارات العربية المتحدة حاولت في السنوات الأخيرة شن حملة قانونية ضد إيران من خلال جذب انتباه بعض القوى، إلا أن هذا الادعاء اقتصر على تصريحات مجلس التعاون الخليجي، وأحيانًا جامعة الدول العربية"، مضيفًة: "إلا أن إعادة إثارة هذا الادعاء في الوضع الراهن، حيث شنت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني هجومًا جديدًا ضد إيران، يدل على السلوك غير البنّاء لهذه الدول، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، واستغلال الوضع القائم ضد إيران".
ولفتت إلى أنه "بمعنى آخر، يعتقد حكام الإمارات العربية المتحدة أنه في ظل الوضع الراهن، يمكنهم مواصلة مطالبهم القديمة بالجزر الإيرانية الثلاث بجدية أكبر من السنوات السابقة، كما تسعى السعودية والكويت للسيطرة على حقل آراش، الذي يحتوي على احتياطيات نفط وغاز قيّمة".
وأوضحت أن ما زاد من حساسية موقف الدول العربية الثلاث هو بعض المشاورات السرية بينها وبين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. وخلال حرب الاثني عشر يومًا، برزت أدلة على تعاون هذه الدول مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إلا أن إيران فضّلت ضبط النفس في هذه المرحلة. ورغم ضبط النفس الإيراني، لم يكتفِ البيان الأخير لمجلس التعاون الخليجي بتكرار الادعاء المتعلق بالجزر وحقل أراش، بل خاطبت هذه الدول الست إيران هذه المرة بلهجة فظة، حيث ورد في البيان الموجه لإيران أن هذا الإنذار الأخير لها، إما بتسليم الجزر للإمارات، أو أن الإمارات ستتابع هذه القضية عبر محكمة العدل الدولية في لاهاي.
ووفقًا للصحيفة، يرى خبراء أن هذه اللهجة في البيان تشير إلى مخطط أو مؤامرة خطيرة من هذه الدول العربية بالتعاون مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. بمعنى آخر، استغلت هذه الدول التوتر الحالي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من جهة وإيران من جهة أخرى، سعيًا وراء الجزر الإيرانية.
وشددت على أن الانتهازية الخرقاء التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي الست، وخاصة في الظروف الحساسة والمتوترة التي تعيشها المنطقة، كانت خطوة خاطئة ومكلفة بالنسبة لهذه الدول في هذا الوقت؛ وهو عمل من شأنه بلا شك أن يؤدي إلى وضع يحوّل هذه الدول إلى ضحايا عاجزة عن الدفاع عن نفسها في وجه التوتر.
اليأس المطلق للصهاينة في لبنان
من جانبها، كتبت صحيفة رسالت: "تُظهر التطورات الراهنة في منطقة غرب آسيا بوضوح أن قلق العدو الصهيوني وخوفه من حزب الله قد بلغا مستوى غير مسبوق. وهذا الخوف ليس خطأً فادحًا في التقدير، بل نتيجة مباشرة لتحول جذري في ميزان القوى على حساب "تل أبيب". اليوم، لا يواجه الصهاينة منظمة عسكرية بحتة، بل حركة فكرية وشعبية ومرنة للغاية، سلكت مسارًا أعمق وأكثر اتزانًا لإعادة البناء والتطور بعد كل ضربة، وخاصة استشهاد قائدها الكاريزماتي".
وتابعت: "أما العامل الآخر لليأس فهو فشل "إسرائيل" في مشروع استثمرت فيه لسنوات: نزع سلاح حزب الله من داخل البنية اللبنانية. كانت "تل أبيب" تأمل في تحويل قضية نزع السلاح إلى مطلب عام من خلال ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي وتحريض الشخصيات التي تسعى بوضوح إلى تحقيق المصالح الأمريكية و"الإسرائيلية"، لكن هذا المشروع وصل إلى طريق مسدود".
كما قالت إن الشعب اللبناني أدرك جيدًا أن سلاح المقاومة يشكل حاجزًا أمام إعادة احتلال الجنوب والبقاع. ولقد كانت محاولة ترسيخ ثنائية المقاومة - الدولة غير فعالة على الإطلاق، وهذا أمر مؤلم بالنسبة للصهاينة، لأن عدوهم العسكري يتمتع أيضًا بدعم قوي في مجال الشرعية الاجتماعية.