اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الوفاء للمقاومة: مشاركة مدني في الـ "ميكانيزم" سقطة أخرى وتنازل مجاني لن يوقف العدوان

مقالات

تيار المقاومة العراقي في قلب السلطة التشريعية.. الدلالات والتأثيرات
مقالات

تيار المقاومة العراقي في قلب السلطة التشريعية.. الدلالات والتأثيرات

126

كاتب من العراق

أفرزت الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، والتي جرت يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، جملة حقائق مهمة، لعل أهمها فوز أكثر من 80 مرشّحًا ينتمون إلى عناوين سياسية متنوعة تمثّل بشكل أو بآخر تيار المقاومة، وفق التصنيفات والتقسيمات المتعارف عليها في المشهد السياسي العراقي.

حركة عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وكتائب سيد الشهداء، حركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، وكذلك منظمة بدر، وكتل وكيانات أخرى، عُرِف عنها مواقفها الرافضة للوجود الأميركي في العراق، والداعمة للقضية الفلسطينية ولحزب الله اللبناني ولحركة أنصار الله اليمنية، والمرتبطة بعلاقات إستراتيجية ذات طابع عقائدي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نجحت هذه الكيانات في تحقيق نتائج إيجابية لافتة جدًّا للانتباه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، رغم الكثير من التسقيط والتشهير والتشويه الذي تعرّضت له من قِبَل أوساط ومحافل وجهات سياسية وإعلامية من داخل العراق وخارجه، في إطار استهداف مبرمج ومدروس لقوى وأطراف محور المقاومة.         

ولا شك بأنّ لهذه النتائج الإيجابية دلالات عميقة ينبغي الإشارة إليها والتوقُّف عندها، حين نذهب إلى قراءة مخرجات العملية الانتخابية الأخيرة واستشراف آفاقها المستقبلية.

قاعدة جماهيرية واسعة تؤيّد المقاومة

فالقضية المهمة، هنا، تتمثّل في أنّ الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدت نسبة مشاركة عالية مقارنة بمعظم الانتخابات السابقة، بلغت 56.1 في المئة، ولم تتخلّلها عمليات تلاعب وتزوير واضحة، وأكّدت بما لا يقبل الشك والجدل، أنّ هناك قاعدة جماهيرية واسعة تؤيّد وتدعم وتساند قوى محور المقاومة، وقد تُرْجِم ذلك التأييد والدعم والإسناد عبر صناديق الاقتراع، ومن خلال ممارسة ديمقراطية سليمة أشاد بها الأصدقاء، ولم يتمكّن الخصوم والأعداء من التشكيك والطعن بنزاهتها وشفافيتها.

وظهر أنّ هناك أطرافًا راهنت على تراجع وخسارة عناوين محور المقاومة في الانتخابات، في مقابل فوز وصعود القوى المدنية القريبة في توجُّهاتها ومواقفها ومتبنّياتها إلى توجُّهات أطراف خارجية إقليمية ودولية، بيد أنّ النتائج جاءت خلاف هذا الرهان، إذ إنّ الصعود الكبير لقوى محور المقاومة رافقه تراجع وانحدار كبير للقوى المدنية التي لم تفلح في حجز حتى مقعد واحد في البرلمان الجديد بدورته السادسة، رغم التحشيد والضخ الإعلامي والتعبئة الواسعة لجمهورها.

أثر منجزات قوى محور المقاومة 

والقضية الأخرى في إطار دلالات هذه النتائج الإيجابية، هي أنّ هناك منجزًا وحضورًا واقعيًا وفعلًا ملموسًا على الأرض استندت إليه قوى محور المقاومة، حينما قرّرت خوض غمار التنافس الانتخابي، ولم تفلح محاولات التشويه والشيطنة والتسقيط من توجيه الكفّة إلى غير مصلحتها.

فضلًا عن ذلك، فإنّ الخطاب الواضح بخصوص القضايا الوطنية، من قَبِيل الموقف من الوجود الأميركي في البلاد، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، والملفّات المرتبطة بالحقوق السيادية، والقرب من معاناة وحاجات فئات اجتماعية مختلفة، ودعم وإسناد الشعبَيْن الفلسطيني واللبناني في مواجهة الكيان الصهيوني، أسهمت ربما، مع قضايا أخرى، في تحفيز وتشجيع أعداد كبيرة من الجماهير العراقية على منح أصواتها لقوى محور المقاومة، علمًا أنّ مجمل المؤشّرات والتقارير تؤكّد أنّ هذه القوى كانت الأقل إنفاقًا في حملاتها الدعائية الانتخابية، ولم يُسجل عليها، أنّها تورّطت بشراء أصوات أو تقديم مغريات مادية للناخبين. 

ومن الطبيعي أن تترتَّب على مخرجات العملية الانتخابية ونتائجها انعكاسات وتأثيرات سياسية وغير سياسية ذات أهمية كبيرة.

وبما أنّ مهمة البرلمان تتمثّل بتشريع القوانين والرقابة على مؤسّسات الدولة التنفيذية، فهذا يعني أنّ الثقل البرلماني لقوى محور المقاومة سيكون له تأثير في تشريع القوانين التي تتعلق بالجوانب الخدمية، كقانون الحشد الشعبي، وتعديل سلم الرواتب، وقانون النفط والغاز، ومحاربة الفساد، وترسيخ سلطة القانون والنظام، واستعادة السيادة الوطنية الكاملة. كما أنّه من المؤمّل أنْ يكون لذلك الثقل البرلماني دور محوري في تعزيز الجانب الرقابي على الأداء الحكومي، وبالتالي فتح الكثير من ملفات الفساد المالي والإداري، وتشخيص مَواطن الخلل والضعف والانحراف، من خلال تفعيل آلية استجواب كبار المسؤولين من وزراء ورؤساء هيئات مستقلة وغيرهم.

لترجمة الشعارات إلى أفعال 

وإذا كانت قوى محور المقاومة الفائزة حريصة على جمهورها الانتخابي وكسب المزيد من ثقته، وحريصة كذلك على تحقيق المزيد من التقدُّم، ناهيك عن تَجنُّب خيار التراجع بعد 4 أعوام، فإنّها ملزَمة في الإيفاء بوعودها والتمّسك بثوابتها، والعمل الجاد على ترجمة الشعارات التي رفعتها إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع.

وهي بلا شك ستواجه الكثير من المصاعب والتحدّيات التي راحت تلوح في الأفق مبكرًا، ومن مظاهرها نوايا الولايات المتحدة الأميركية ومحاولاتها منع هذه القوى من المشاركة في الحكومة المقبلة، وتحديدًا إشغال المواقع والمناصب السياسية والأمنية والاقتصادية المهمة والحساسة، ومواصلة حملات التشهير والتسقيط السياسية والإعلامية ضدّها، الى جانب السعي إلى تفكيكها.

وما يؤّكد النوايا الأميركية هو ما لوّح به نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة والموارد؛ مايكل ريغاس، خلال زيارته إلى العراق مطلع كانون الأول/ديسمبر 2025، حينما أعلن عن أنّ حكومة بلاده لن تتعامل مع أيّ وزارات أو جهات حكومية يتولّى مسؤوليتها أشخاص من "الفصائل المسلحة" التي تصفها واشنطن بـ"الإرهابية". فكانت هذه التصريحات بمنزلة رسالة إلى "الإطار التنسيقي" بالدرجة الأساس؛ لأنّه المعني أكثر من غيره بتشكيل الحكومة، لا سيّما بالشق الشيعي فيها.

لكنْ، في الواقع، لا تستطيع الإدارة الأميركية ولا غيرها، منع أيّ طرف يريد المشاركة في الحكومة وفي إدارة الدولة، خصوصًا إذا كان يمتلك ثقلًا برلمانيًا وحضورًا جماهيريًا وإنجازًا ميدانيًا. وهذا ما ينبغي أنْ تدركه وتتفهّمه وتتعاطى معه كل الأطراف.

الكلمات المفتاحية
مشاركة