اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي 8 ضحايا و750 إصابة في انفجار ميناء رجائي.. والرئيس الإيراني يوجّه بإجراء تحقيق دقيق

تحقيقات ومقابلات

طباعة أوراق نقدية جديدة في لبنان: خطوة لتخفيف الضغط أم تكريس للأزمة؟
تحقيقات ومقابلات

طباعة أوراق نقدية جديدة في لبنان: خطوة لتخفيف الضغط أم تكريس للأزمة؟

127

في خطوة كانت متوقعة نتيجة للانهيار المالي والنقدي المستمر في لبنان منذ خمس سنوات، أقرّ مجلس النواب قانونًا يتيح لمصرف لبنان طباعة أوراق نقدية جديدة من فئتي الـ 500 ألف ليرة والمليون ليرة. قد تظنّ أن هذه الخطوة تأتي متأخرة بعض الشيء في ظل الانهيار الذي بدأت شرارته في 2019 وما زالت تداعياته تُلقي بظلالها الثقيلة على اللبنانيين حتى اليوم. لكن، في الواقع، هي خطوة لا بدّ منها لتسهيل عمليات التبادل بالعملة المحلية.

في تصريح لموقع العهد الإخباري حول الموضوع، أكد الخبير الاقتصادي محمود جباعي أن "لبنان أمام حقيقة اقتصادية مؤلمة؛ إذ إن أكبر عملة وطنية متداولة (100000) تساوي أكثر من دولار واحد بقليل، بينما كان حجم العملة الكبيرة يصل إلى 66 دولارًا، لكن اليوم أصبح هذا الرقم محط اختلاف واضح، ويعكس الواقع المتغير بسرعة". 

وأضاف جباعي "أن المواطن اللبناني الذي كان يحمل في الماضي كميات قليلة من الليرات لتلبية احتياجاته، يجد نفسه الآن يحمل كميات كبيرة من الليرات بسبب انخفاض قيمتها المستمر"، وأوضح "هذا الوضع جعل الناس يلجؤون إلى استخدام الدولار في العديد من المعاملات اليومية. فإنهم يفضلون الدفع بالدولار لأنه أسهل وأكثر أمانًا بالنسبة لهم مقارنة باستخدام الليرة التي أصبحت لا تساوي شيئًا مقارنة بقيمتها السابقة، غير أن  المواطن اليوم يواجه صعوبة بالغة في توفير احتياجاته الأساسية، إذ إن المبالغ التي كانت تكفيه في الماضي أصبحت غير كافية". 

اللجوء إلى الدولار: هل هو الحل؟

ورأى جباعي أن: "هذا الوضع يشير إلى تحوّل جذري في اقتصادنا"، وقال: "اليوم، مليون ليرة لبنانية تساوي فقط 11 إلى 12 دولارًا، بينما كانت هذه المبالغ قبل الأزمة تساوي أكثر بكثير، حتى فئة الـ500000 ليرة أصبحت قيمتها أقل من 6 دولارات. فالأساسيات التي كان بإمكانه شرائها بـ 100 ألف ليرة أصبحت اليوم خارج متناول يد الكثيرين". وأكد أن "هذه المؤشرات تدل على أن الليرة لم تعد قادرة على تلبية احتياجات المواطن بشكل مناسب، مما يفرض مزيدًا من الاعتماد على الدولار في التعاملات اليومية".

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن هذا الوضع أدّى إلى عزوف المواطنين عن استخدام الليرة اللبنانية، واستخدام الدولار بشكل متزايد، وهو ما يعكس فقدان الثقة بالعملة المحلية. وتعد هذه الظاهرة شائعة في العديد من البلدان التي تشهد أزمات نقدية مماثلة.

الورقة النقدية الأكبر: خطوة نحو تخفيف الضغط على المواطنين

وتطرّق جباعي إلى الإجراءات المتبعة من قبل المصرف المركزي اللبناني، قائلًا: "في مثل هذه الحالات، من الطبيعي أن يتم التفكير في إصدارات ورقية نقدية جديدة لتخفيف الضغط على المواطنين، وهذا ليس مؤشرًا على انهيار العملة، بل هو إجراء روتيني يستخدم في جميع أنحاء العالم في أوقات الأزمات الاقتصادية، فطباعة أوراق نقدية من فئتي الـ 500 ألف ليرة والمليون ليرة، لن يؤثر في سعر الصرف، بل هو مجرد إجراء لإراحة السوق وتقليل كمية الاوراق النقدية التي يحملها الناس في المعاملات اليومية".

وبيّن جباعي أن: "هذه الإجراءات قد تساعد المصرف المركزي في تخفيف التكاليف التي يتحملها في عملية إصدار الأوراق النقدية، فالمصرف المركزي اليوم يمكنه أن يبيع ورقة نقدية ذات قيمة أعلى بكلفة أقل مقارنة بالأوراق النقدية الصغيرة. وفي هذه الحالة، ستتتحقق له أرباح من خلال فارق الأسعار، ما يمكنه من تعزيز موجوداته المالية".

العجز التجاري الكبير.. أحد أبرز أسباب تدهور الليرة

وأوضح جباعي: "أن السبب الرئيس وراء تدهور قيمة الليرة اللبنانية يكمن في العجز الكبير في الميزان التجاري الذي يتراوح بين 13 و14 مليار دولار سنويًا، مع غياب الإنتاج المحلي الكافي لتغطية احتياجات السوق اللبنانية بسبب اعتماد البلد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج، وهو ما يضعه في موقف اقتصادي صعب ويزيد من الحاجة إلى الدولار الأميركي". وأضاف: "هذا الوضع يعمق أزمة الليرة، ويزيد من تراجع قيمتها بشكل مستمر".

السياسات النقدية والمالية: التحديات والمخاطر

أما بالنسبة للسياسات النقدية المتبعة، أشار جباعي إلى أن: "لبنان كان يعتمد، منذ عامين، على سياسة تماهي بين السياسة النقدية والمالية، حيث كان المصرف المركزي يتعاون مع وزارة المالية لضبط الكتلة النقدية بالليرة". وأكد أن هذه السياسة قد حققت بعض الاستقرار في المرحلة الماضية، ولكن الوضع اليوم يتطلب تغييرات جذرية ومراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية".

وحذّر من أنه: "إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن التحديات ستكون أكبر في المستقبل، فإذا غيرنا سياساتنا النقدية أو قمنا بتخفيض قيمة الليرة بشكل غير مدروس، فإننا قد نواجه تسارعًا في تدهور سعر الصرف". وتابع "لذلك، يجب أن نكون حذرين في اتخاذ أي قرارات تتعلق بسعر الصرف، إذ إن تقليص قيمة العملة بشكل سريع قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة".

الحلول المقترحة للخروج من الأزمة: إصلاحات هيكلية 

وفي ما يتعلق بالحلول للأزمة النقدية، اعتبر جباعي أن الخيار الأمثل هو إصلاحات هيكلية في القطاع المصرفي وتحسين الرواتب في القطاعين العام والخاص بما يتماشى مع قيمة الدولار في السوق. ووفق جباعي: "إذا لم يتم تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، فإن أي تخفيض في سعر الصرف سيكون له تأثير سلبي كبير في الاقتصاد بشكل عام. الحل يكمن في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين عبر زيادة الرواتب وربطها بسعر الدولار، بدلًا من الاعتماد على سياسات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة".

وأشار إلى أنه: "يجب تعزيز الاقتصاد المحلي وتشجيع الإنتاج المحلي من خلال تطبيق سياسات اقتصادية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد لأن هذه السياسات يجب أن تكون متكاملة وتهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي المستدام".

آفاق الاقتصاد اللبناني في ظل الأزمات الحالية

ختامًا، شدد الخبير الاقتصادي محمود جباعي في تصريحه لموقعنا على ضرورة أن تكون الحلول الاقتصادية شاملة ومدروسة بعناية، مؤكدًا أن لبنان يحتاج إلى سياسات مالية ونقدية متكاملة، وإلى إصلاحات هيكلية تعيد الاستقرار المالي والنقدي له، كما يحتاج إلى تفعيل الإنتاج المحلي، والحد من الاعتماد على الاستيراد، لكي يتمكن من تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية الصعبة".

الكلمات المفتاحية
مشاركة