نقاط على الحروف

في ذكرى عار 17 أيار.. يبقى الرهان على المقاومة
إذا كان بعض الداخل اللبناني قد راهن يومًا على هذا الاتفاق لكي يسود "السلام" في لبنان، فقد راهنت المقاومة منذ ما قبل السابع من أيار 1983 على سلاحها لتحرير لبنان من الاحتلال "الإسرائيلي"، ولحماية الوطن
جرت مياه كثيرة في نهر السياسة اللبنانية منذ توقيع لبنان أمين الجميل اتفاق 17 أيار مع العدو "الإسرائيلي" في عام 1983، وهو الاتفاق المذلّ للبنان، والذي نص، في ما نصّ عليه، على إلغاء حالة الحرب بين لبنان و"إسرائيل" وإنشاء منطقة أمنية داخل الأراضي اللبنانية. لكن اللبنانيين الشرفاء سرعان ما أسقطوا هذا الاتفاق بعد أشهر من التوقيع عليه.
وإذا كان بعض الداخل اللبناني قد راهن يومًا على هذا الاتفاق لكي يسود "السلام" في لبنان، فقد راهنت المقاومة منذ ما قبل السابع من أيار 1983 على سلاحها لتحرير لبنان من الاحتلال "الإسرائيلي"، ولحماية الوطن من أي عدوان في المستقبل.
وإذا أردنا قراءة بعض المشهد اللبناني منذ تاريخ ذلك الاتفاق المذلّ، وصولًا إلى يومنا هذا، لظهر لنا، دون كثير تفكير وتمعّن في الوقائع، أن رهان المقاومة نجح، وأنها حررت الأرض اللبنانية في العام ألفين، ما عدا بعض المناطق اللبنانية مثل مزارع شبعا، وحمت لبنان في عام 2006 في وجه عدوان "إسرائيلي" شديد، كما حمته في عام 2024 من عدوان أوسع، لم تتمكن فيه قوات العدو من السيطرة على مدينة حدودية لا تبعد عن الحدود الفلسطينية أكثر من كيلو متر واحد أو كيلومترين.
ماذا عن المراهنين على "السلام" مع "إسرائيل"؟
لم يكن بعض الموقعين على اتفاق 17 أيار بحاجة الى اتفاق موقّع في لبنان رسميًّا كي يسرعوا إلى الارتماء في حضن "إسرائيل"، فقد فعلوها منذ سبعينيات القرن الماضي على أقل تقدير، وما اتفاق 17 أيار سوى وثيقة تمنحهم المسوّغ القانوني الرسمي لهذا الارتماء، مع كل ما تضمّنه الاتفاق المذكور من شروط وبنود مذلة للدولة اللبنانية.
ماذا عن المستقبل؟
في عام 1983 كان بعض اللبنانيين يغطّي أمنياته بالسلام مع العدو "الإسرائيلي" بغطاء الخجل، لا سيما مع الموقف العربي الرسمي الرافض سنتها بمعظمه -أيضًا كان بعضه يتغطى بغطاء الخجل لإخفاء موقفه من هذا "السلام"- لكن هذا البعض صار يجهر بالمطالبة بالتطبيع مع "إسرائيل"، متذرعًا بما فعلته دول عربية معها، وكأن قيام دول عربية بالتطبيع مع العدو يسوّغ للدول العربية الأخرى هذا العمل.
محبّو التطبيع هؤلاء يرون أن التطبيع مع العدو يوفر على لبنان القتل والتدمير في كل مرة تحصل حرب بين المقاومة و"إسرائيل"، وهم طبعًا يحمّلون المقاومة المسؤولية عن المبادرة إلى التسبب بهذه الحروب، لأن العدو "الإسرائيلي" مسالم بطبعه، لو تركته المقاومة بسلام.
هؤلاء هم أقل اللبنانيين تضررًا من الحروب مع العدو "الإسرائيلي"، وأقلهم خسائر بشرية واقتصادية وفي المساكن والمؤسسات التجارية، وأكثرهم لم يعانِ من الاعتداءات "الإسرائيلية" منذ إنشاء الكيان اللقيط، وبعضهم "آخر همه" إذا انسحب العدو من مزارع شبعا أم لم ينسحب، أو إذا أوقف عدوانه الجوي اليومي أم لو يوقف، بل آخر همه لو عاد العدو الى احتلال الجنوب كله، لأن الجنوب ليس -في نظره- منطقة من مناطق لبنان.
سيبقى خدّام "إسرائيل" يراهنون على "سلام" أو تطبيع معها، وسيبقى شرفاء لبنان مراهنين على سلاح المقاومة، وعلى استراتيجية دفاعية تحمي لبنان من أي اعتداء "إسرائيلي"، كبرَ هذا الاعتداء أو صغر.