اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: info@alahednews.com.lb
00961555712

المقال التالي توجيه استثنائي من واشنطن لموظّفيها: يُمنع مغادرة "تل أبيب" والقدس وبئر السبع‎

مقالات

ضربة إيران الاستخباراتية للعدو وانعكاساتها الكبرى على مسار الصراع
مقالات

ضربة إيران الاستخباراتية للعدو وانعكاساتها الكبرى على مسار الصراع

171

شكّل كشف إيران نجاحها في الحصول على وثائق حساسة واستراتيجية، من داخل كيان العدو "الإسرائيلي"، نقلة نوعية في الصراع تحمل انعكاسات كبرى على مستقبل هذا الصراع، سواء على المسار السياسي بوجهه التفاوضي، أو على مسار التصعيد بوجهه العسكري.
لعل صمت العدو الصهيوني والتجاهل المتعمد لتغطية الحدث، في وسائل الإعلام العالمية، بما يليق بخطورته وكونه ضربة استخباراتية غير مسبوقة في تاريخ الكيان، هو نوع من أنواع الصدمة، وافتقاد طريقة التعاطي مع الحدث. كما يشكّل عدم النفي الصهيوني تأكيدًا لصحة العملية الكبرى؛ لأن الكيان يخشى الدلائل الدامغة التي تعهدت إيران بكشف بعضها والإفراج عن محتواها، ولو بشكل جزئي، للشعب الإيراني وللرأي العام.
هذا الإنجاز الاستخباراتي له أبعاد متعددة، فهو لا يقتصر على كونه دليلاً على كفاءة الاستخبارات الإيرانية، أو مؤشرًا على تهاوي قدرات الحماية الصهيونية واهتراء أجهزة الكيان، أيضًا له دلالات وانعكاسات سياسية وأمنية وعسكرية كبرى، يمكن الإضاءة على بعضها؛ تاليًا:
أولاً- طبيعة الوثائق
 أعلنت إيران نجاحها في الحصول على عدد كبير من المعلومات والوثائق الاستراتيجية والحساسة المتصلة بالكيان الصهيوني، بما في ذلك آلاف الوثائق المتعلقة بمشاريعه ومنشآته النووية. ومن المفترض أن المشروع النووي الصهيوني يحظى بأعلى درجات السرية والحماية بسبب الغموض النووي الصهيوني، وعدم اعتراف الكيان رسميا بامتلاك السلاح النووي.
هذا يعني نجاح ايران في الوصول إلى أعمق مستويات الاختراق، وهو مؤشر مزدوج لكفاءة إيران واهتراء الكيان. وهو ضربة مضافة إلى ثقة ما يُسمّى "المجتمع الصهيوني"، بحكومته وجيشه وأجهزته الاستخباراتية، والتي ضربت في مقتل بعملية "طوفان الأقصى"، ولم تفلح حرب الإبادة في معالجة تداعياتها.

كما يشكّل إعلان الحصول على وثائق نووية نوعًا من الرد الانتقامي على استهدافات "إسرائيل" وراعيها الأميركي للمشروع النووي الإيراني وتشويهه، وفرض العقوبات والحصار بسببه، والاختلاق المستمر للأكاذيب والافتراءات بشأنه لشيطنة إيران وتسويغ استهدافها وحصارها.
ثانيًا - طريقة الإعلان والحصول على الوثائق
العملية، وكما وصفتها وزارة الاستخبارات الإيرانية، هي "عملية استخباراتية تاريخية وغير مسبوقة"، وهنا يمكن استعراض مستويين من التميز:
1.    الكمية الكبيرة من الوثائق، وسط بيئة أمنية معقدة مع سلامة طاقم العمل. ووفقًا للوزارة؛ هي نجحت في نقل كمية هائلة من الوثائق إلى داخل البلاد، وبنسبة نجاح عالية وسلامة كاملة لطاقم العمل الذي أدى هذه المهمة التاريخية، إذ قالت الوزارة إن جميع القوات المنفذة للعملية "متمركزون في مقراتهم بكامل صحتهم وعافيتهم".
لقد صُمّمت العملية ونفذت بطريقة تتجاوز تمامًا حواجز العدو الأمنية العديدة والمعقّدة، وتمت- وفقًا لوزارة الاستخبارات- في بيئة عملياتية ديناميكية وتحت أشد التدابير الأمنية لذلك الكيان. 
2.    توقيت الإعلان، إذ أعلنت إيران أن العملية تمت منذ مدة، وهي حرصت على عدم الإعلان حتى أطمأنت إلى سلامة طاقم العمل وسلامة وصول الوثائق إلى الداخل الإيراني في مكان آمن.
هذان المستويان يحملان دلالات كبرى على حجم الاختراق، وكذلك حجم تأمين الطاقم والوثائق، وكذلك يوحي بتمدد الأذرع الاستخباراتية الإيرانية داخل الكيان، وعلى كامل طريق وصول هذه الوثائق الى الداخل الإيراني. وهو سيناريو مفزع للعدو وأجهزته الاستخباراتية، سواء داخل الكيان أم خارجه، في محيط الكيان أو أذرعة الكيان المنتشرة في المحيط الإيراني.
ثالثًا- توقيت الإعلان
يشكّل توقيت إعلان هذه الضربة الاستخباراتية الكبرى سلة من الرسائل السياسية والعسكرية، ويمكن رصد أبرزها:
1.    توقيت الوصول إلى مرحلة حاسمة في المفاوضات النووية مع أميركا، وما يرافقها من ضغوط وابتزاز سياسي بتعاون أمريكي وصهيوني فاضح، مع الترويكا الأوروبية وهيئة الطاقة الذرية؛ فجاء الإعلان ليفضح معايير أميركا وأوروبا وهيئة الطاقة الذرية المزدوجة، حيث كشفت إيران أن هناك وثائق تفضح التنيق الصهيوني مع وكالة الطاقة الذرية، وهو رد للكرة إلى الملعب الدولي المنافق، وتأكيد إيران المواجهة ورفض الضغوط والابتزاز.
2.    توقيت الضغط بالتهديد العسكري، حيث تقول إيران، في هذا الإعلان، إنها تمتلك بنك أهداف مقابل للرد على أي حماقة، وتمتلك معلومات حساسة عن البرنامج النووي الصهيوني، وأيضًا البرنامج الصاروخي، وهي رسالة إيرانية حاسمة بحتمية الرد الموجع والدقيق، تضاف إلى رسائل التهديد التي أرسلها قائد الجرس الثوري ووزير الدفاع الإيراني في الرد على الكيان، وكذلك استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة في حال استخدمت أميركا القوة أو لجأت إلى العدوان وارتكاب الحماقات.
3.    حرصت إيران على مساندة الشعب الفلسطيني، في بياناتها وإعلانها العملية، إذ قال بيانها ما نصه: "ما هو الآن، في حوزة وزارة الأمن، تحقق في ظل ظروف يسعى فيها الكيان الصهيوني إلى تقديم صورة غير قابلة للاختراق عن نفسه، بينما كانوا يستعرضون دروس الفشل الاستخباراتي السابق، ويعتقدون أنهم قد أغلقوا طرائق الاختراق، فواجهوا العملية الضخمة في "طوفان الأقصى" التي قام بها المجاهدون الأبطال الفلسطينيون، ما أظهر فضيحة استخباراتية وأمنية غير مسبوقة. وما حققته الآن عمليات وزارة الأمن يمثل، من دون شك، نقطة تحول أخرى في السجل المشين للاستخبارات والأمن للكيان الصهيوني، وإنجازًا تاريخيًا لا يُضاهى لمحور المقاومة الذي وضع مرة أخرى أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" في مكان السخرية".
رابعًا- رسائل صريحة ممّا سُمح بكشفه
لقد حرصت إيران على توجيه رسائل عاجلة وسريعة بكشف بعض الوثائق جزئيًا، ولعل أبرز هذه الرسائل يتمثل في هذه الكشوفات:
1.    قالت وزارة الاستخبارات الإيرانية إن المعلومات، في هذه الوثائق: "لها علاقة ببرامج الأسلحة النووية والمنشآت والأبحاث والاتصالات مع المؤسسات الأميركية والأوروبية"، وبينت أن "جزءًا من الوثائق مرتبط بالبرامج العسكرية والصاروخية الإسرائيلية".
هذا تهديد مباشر ومزدوج، سياسيًا وعسكريًا، حيث يتمثل الجانب السياسي فيه بفضح التنسيق الصهيوني مع أميركا وأوروبا وإبطال ذرائعهم وكشف افتراءاتهم وازدواجية معاييرهم. ويتمثل الجانب العسكري في استهداف هذا البرنامج ودخوله إلى بنك الأهداف الإيراني.

2.    لفتت إيران إلى أن: "الوثائق التي حُصل عليها تتضمن أسماء وصورًا وعناوين مجموعة من المديرين والمسؤولين والعلماء المشاركين في هذه المشاريع"، وهو ردع للعدو عن استهداف العلماء الإيرانيين، فتوعد بالانتقام المباشر على جرائم الاغتيالات الصهيونية.
3.    كشفت الوزارة أن: "من النقاط المهمة التي كشفت أن "إسرائيل"، بالإضافة إلى رعاياها، تستعين بباحثين من جنسيات أخرى، وتتوفر لدى إيران مواصفاتهم الكاملة أيضا". وهو ملف خطير يتعلق بأنشطة غير قانونية لباحثين متعددي الجنسيات، وهو إجراء إيراني مؤثر في انتظام العمل وقادر على إحداث خلخلة وارتباك كبير في هيكل المشروع الصهيوني البحثي والتقني.
4.    كشفت إيران نقطة لافتة، وفي غاية الأهمية والخطورة، عندما قالت إن بعض الإنجازات العلمية والبحثية التي حُصل عليها "يمكن الإفادة منها في بلدنا العزيز، وستُقدّم إلى المؤسسات والجهات المعنية. كما أن كمية كبيرة من الوثائق ستكون مفيدة للقوات المسلحة القوية في بلادنا، وبعضها قابل للتبادل مع الدول الصديقة أو تقديمه إلى المنظمات والمجموعات المناهضة للصهيونية".
هذا يعني تحويل التهديدات إلى فرصة لتطوير قدرات إيران على حساب العدو وخيباته، وتلويح بتعاون مع كل مناهضي العدو "الإسرائيلي" وخلخلة أمنه القومي، فضلًا عن فضحه وكشفه أمام الرأي العام العالمي، وهي ضربت متعددة الفوهات تحقق أكثر من غرض.
مما لا شك فيه أن هذه الضربة الاستخباراتية الكبرى لها مفاعيلها المؤثرة على جبهة الكيان الداخلية وسمعته وهيبته في الخارج. كما أنها تفضح ازدواجية المعايير وتدحض أكاذيب العدو ورعاته في أميركا وأوروبا، وتبطل ذرائعهم. كما أن محتواها يعدّ كنزًا استراتيجيًا لإيران ولمحور المقاومة كله، بما يضمه من بنك أهداف في كيان العدو وتقنيات يمكن الإفادة منها في تطوير القدرات. وهو ما يحمل انعكاسات مباشرة على الصراع بمدياته الراهنة والمستقبلية، سواء على مستوى التفاوض أم التصعيد والصراع العسكري حتى، إذا فُرض على المقاومة القتال.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة