إيران

اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت 21 حزيران 2025 بتحليل الرسائل التي أوصلتها مسيرات جمعة الغضب والتطورات الميدانية داخل إيران والكيان الغاصب فيما يخص الحرب القائمة.
فنّ القتال النظيف
بداية مع صحيفة "رسالت" التي قالت: "منذ يوم الجمعة الماضي، يشهد العالم مواجهة حاسمة بين جبهة الحق وجبهة الباطل. بدأت هذه المواجهة بعد عدوان النظام المحتل على الأراضي المقدسة للجمهورية الإسلامية. إذا أردنا تحليل سبب دخول الكيان الصهيوني هذه المعركة، فتصريح مستشار ألمانيا السابق يلخص السبب عندما قال: إسرائيل تنفذ الأعمال القذرة للغرب. العالم اليوم يقف أمام هذه الأعمال النتنة، فمنذ عامين تقريبًا، أدانت الشعوب ومعظم حكومات العالم الكيان الصهيوني لارتكابه جرائم حرب وخوضه حربًا قذرة.
اليوم يشهد العالم فن القتال الإيراني. الكيان الصهيوني ظن أنه باقتباس تكتيك الحرب الخاطفة من هتلر في الحرب العالمية الثانية، يمكنه مواصلة الأعمال القذرة للغرب وضمان بقاء كيانه غير الشرعي، رد فعل فرنسا في الحرب العالمية الثانية أمام حرب هتلر الخاطفة كان الاستسلام، واتخاذ الجنرال بيتان قرار الاستسلام كان رمزًا لذلك. لكن في إيران، وفي غضون ساعات قليلة، تمت استعادة القيادة العسكرية بسرعة، وتم الرد على العدوان، وانقلبت الموازين. اغتيال القادة العسكريين والعلماء النوويين واستهداف بعض البنى التحتية في الساعات الأولى من الحرب القذرة كان صدمة حقيقية! لكن هيكلنا العسكري، سواء في الجيش أو في الحرس الثوري، مصمم بحيث يكون لكل قائد خليفة جاهز. فإذا سقط علم من يد قائد، يرفعه آخر على الفور".
وأضاف "منذ خمسة أيام، تستمر المعركة في السماء، وتظهر نتائجها على الأرض. سماء الأراضي المحتلة تحت سيطرة الحرس الثوري والجيش الإيراني. النظام الصهيوني الآفل لا يستطيع حصر نتائج الضربات التصاعدية والمركبة للحرس والجيش في أنقاض حيفا وتل أبيب ومناطق أخرى. اليوم يشهد العالم إبداعات مذهلة لأبناء إيران الأبطار وعلمائها الملتزمين، التي أذهلت الجميع. وابل من الطائرات المسيرة مع ترسانة صاروخية لا يمكن حصرها، انهمرت على الصهاينة. ضرب هذا الكم الهائل من الصواريخ لأهداف محددة مسبقًا، جعل دفاعات العدو كالغربال المثقوب، صواريخ إيران الدقيقة تضرب الأهداف العسكرية والأمنية والمخابراتية، أو كما يقول متحدث جيش العدو:تضرب النقاط الحساسة، لدرجة أنها أحدثت موجة هروب جماعي للصهاينة نحو البحر".
لماذا نحن منتصرون؟
صحيفة "كيهان" بدورها أوردت "مضى أكثر من أسبوع على جريمة النظام الصهيوني المزيف في هجومه الغادر على بلدنا واستشهاد عدد من القادة والعلماء وأبناء الشعب من الرضع إلى النساء والرجال والشيوخ والشباب.
جريمة وقعت بناءً على أوهام قادة النظام الصهيوني والكذبة التي يحاولون ترسيخها منذ سنوات، وهي زعم وجود انقسام بين الشعب والمسؤولين الكبار في البلاد وتخلي الشعب الإيراني عن النظام والثورة. الآن وقد مضى أكثر من أسبوع على هذه الجريمة، لا بد أن هذا الوهم قد تبدد من رؤوس قادته الحمقى، لأنهم يشاهدون بأعينهم ما كان ربما غير قابل للتصديق بالنسبة لهم من قبل. التعبير الواسع عن الاشمئزاز من قبل أبناء شعبنا من مختلف التيارات الفكرية والعقائدية من الهجوم الصهيوني الغادر، إلى جانب التعبير الكامل عن الدعم مع مشاعر الفخر والاعتزاز بالرد القاسي والساحق لقواتنا العسكرية في الهجوم الصاروخي والمسير غير المسبوق والشامل على الأراضي المحتلة، كان من الضربات الأولى التي تلقاها المعتدون الصهاينة الحمقى، بينما كان جزء من استراتيجية الصهاينة يعتمد على إثارة الفوضى الاجتماعية وبروز سلوكيات مثل اندفاع الشعب نحو مراكز التسوق وما يتبع ذلك من مجاعات وعدم استقرار، فإننا منذ أكثر من أسبوع نشهد مشاهد وسلوكيات من شعبنا العظيم التي يصعب العثور على مثيل لها في أي مكان آخر في العالم في ظروف الحرب. استمرار الحياة الطبيعية وسلوك الغالبية العظمى من الناس في الشراء بمقدار الحاجة، وإيواء وإسكان المواطنين الذين انتقلوا إلى مدن أخرى، ومراعاة بعضهم البعض في هذه الظروف، كل هذا كان جزءًا من السلوك الرصين والنبيل الذي ليس بجديد على سكان هذه الأرض، فقد شاهدناه مرارًا في زمن الدفاع المقدس وجائحة كورونا والفيضانات والزلازل... ولا ننسى التقارير الذكية والمسؤولة من أبناء الشعب التي أدت إلى كشف واعتقال العديد من العملاء والخونة المرتبطين بالعدو".
وتابعت "انظروا الآن إلى الأراضي المحتلة لتفهموا الفرق بين شعب أصيل متجذر وبين محتلين بلا هوية. أولئك الذين ظنوا أنهم سيضعفون شعبنا بعدة صواريخ وهجمات ويسببون انهياره، هم أنفسهم يشهدون الآن انهيار المحتلين في الأراضي المحتلة الذين ربما لا يتذكرون هذا المستوى من الضعف والبؤس. أما بالأمس في بلدنا، إلى جانب كل المشاهد المشرفة في الأيام الأخيرة، فقد شهدنا ملحمة لا يمكن لعقل العدو الصهيوني المادي والوهمي وحلفائه الأقل شأنًا استيعابها أو فهمها.
صلاة الجمعة في جميع أنحاء بلدنا شهدت أمس وبعد أسبوع من محاولات العدو إخضاع الشعب وكسر إرادتهم، حضورًا ودعمًا وملحمة يمكن تصنيفها بين أيام الله النادرة في تاريخ الثورة الإسلامية".
بركات ونتائج قيادة الإمام الخامنئي
من جهتها، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "السياسة الخارجية كانت دائمًا محل نزاع بين التيارات السياسية المشروعة في معظم الدول التي تتمتع بأدنى قدر من الحريات السياسية. في الأصل، فإن المنافسة بين التيارات السياسية، بما في ذلك في إيران، تقوم على مبدأ تداول السلطة الذي يهدف إلى إدارة الشؤون بشكل أفضل من خلال خلق اختلافات في السياسات الخارجية وكيفية تنفيذ السياسات العامة والاستراتيجيات الكبرى. لذلك فإن وجود قدر من الاختلاف في تنفيذ السياسات وحتى الاختلاف في الرؤى الكبرى تجاه العلاقات العالمية والإقليمية والثنائية ليس مسموحًا به فحسب، بل إنه في بعض الحالات يكون سببًا في ديناميكية جهاز السياسة الخارجية بالمعنى الأعم، كما أنه يؤدي إلى مراقبة التيارات المتنافسة لأداء التيار الحاكم. ومن ثم فإن وجود اختلاف في الرأي في مثل هذه المواضيع ليس محل إشكال على الإطلاق. ما يشكل إشكالًا جديًا ليس الاختلاف في الاستراتيجيات أو الآراء، بل تحويلها إلى صراع سياسي داخلي من جهة، والتغاضي عن المصالح الوطنية من جهة أخرى. إذا نظرنا من منظور هذا المبدأ البديهي إلى ساحة الصراع اليوم مع الكيان الصهيوني، فإننا نواجه حقيقة ذات وجود سابق ولكن ظهور جديد: السياسة الخارجية في المواقف التي تتعلق بوجود الكيان السياسي أي الوطن، ليست أبدًا محل نزاع أو خلاف أو تفرقة".
وأضافت "أولًا: هذه الحقيقة لا تتعلق بيومنا هذا أو البارحة؛ بل هي مثل بئر في طريق القافلة، وقائد القافلة قد رآها قبل الوادي وأخبر الأتباع بها. لذلك، رغم أن حقيقة النظام الدولي قد ظهرت اليوم للرأي العام، إلا أن إمام المجتمع كان قد أبلغنا بها مسبقًا وباستمرار.
ثانيًا: تحذير إمام وقائد المجتمع لم يكن نابعًا من معتقد ذاتي أو من دائرة ضيقة من المستشارين، بل هو نتيجة لكون الإمام متقدمًا ومعرفته بواقع الأمر. فماذا يمكن أن نستخلص من هاتين المقدمتين؟".
وأردفت "1. التماسك والوحدة الوطنية المثالية والنادرة اليوم، هي أكثر من أن تكون نتيجة لمشاعر عابرة أو حماسة وطنية، بل هي ثمرة ظهور حقيقة خفية اسمها العدو التي كان سماحة الإمام الخامنئي قد حذر منها منذ فترة طويلة، بل وبذل أقصى جهده في تنظيرها. هذه الحقيقة التي أصبحت الآن محسوسة وملموسة للجميع، تحولت في أذهان العقلاء إلى حجة واضحة. وحدتنا الوطنية اليوم، وإن تشكلت حول حماس ومشاعر وطنية لحماية الوطن وصون الكرامة التاريخية، إلا أن متانتها تعود إلى إدراك هو نتيجة تصرفات حكيمة لسماحة آية الله الخامنئي طوال فترة قيادته.
2. تصرفات آية الله الخامنئي كانت دائمًا قائمة على مبدأي الواقعية والاستقلال الوطني، بحيث رسمت نموذجًا شاملًا لنظام فكري متكامل حول السياسة الخارجية. يمكن فهم تعقيد هذا النموذج عندما نعرف أنه من مفاوضات سعد آباد إلى خطة العمل الشاملة والمشتركة وحتى المفاوضات غير المباشرة الأخيرة، تصرف بطريقة تجعل كل هذه السرديات تظهر الآن من خلال الحرب مع الكيان الصهيوني عمق معرفته بجوهر قوى الطرف المفاوض ونواياهم الخفية، وهذا هو الطوب الخام الذي كان يراه آية الله الإمام الخامنئي فيما لم نكن نراه.
3. هذه الوحدة الوطنية ليست مجرد حقيقة عابرة في لحظة غير اعتيادية، بل بالإضافة إلى ولادة إيمان عام راسخ بالنموذج الفكري للقيادة فيما يتعلق بالنظام الدولي القائم على الاعتراف بالعدو كحقيقة مؤثرة، سنشهد على الأرجح تحولًا جادًا نحو سياسات واقعية قائمة على نموذج الصديق/العدو، وتجاوز المثالية المفرطة سواء تجاه الغرب أو في مواجهة الشرق، وغروب النزاع حول السياسة الخارجية من الساحة السياسية الداخلية كمكان لتحميلها خلافات تتجاوز الحد المسموح".