خاص العهد

عادت بوّابة التطبيع الأكاديمي مع الكيان الصهيوني لتطلّ من جديد، وهذه المرّة من العاصمة المغربية الرباط، حيث يُزمع عقد المنتدى العالمي الخامس لعلم الاجتماع بين 6 و11 تموز/يوليو المقبل في جامعة محمد الخامس، المنتدى الذي تنظّمه الجمعية الدولية لعلم الاجتماع بمشاركة أكاديميين ومؤسسات صهيونية، ما دفع حركات المقاطعة في العالم العربي لموجة اعتراض واسعة.
فقد أصدرت كلّ من الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لـ"إسرائيل" (PACBI) والحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية بيانين دعتا فيهما إلى الضغط على الجمعية الدولية لإلغاء مشاركة أي أكاديمي ينتمي إلى مؤسسات صهيونية تشكّل أذرعًا معرفية وأيديولوجية لكيان الاحتلال. كما طالبت الحملتان بمقاطعة المنتدى بشكل كامل في حال لم تستجب الجمعية لمطلبها المشروع.
وشدّدت PACBI في بيانها على أن قبول تنظيم فعالية أكاديمية في دولة عربية بمشاركة ممثلين عن مؤسسات "إسرائيلية" هو خرق فاضح للإجماع الشعبي والمدني الرافض لكل أشكال التطبيع، لا سيّما حين يتم تقديم الأكاديميين الصهاينة كجزء "طبيعي" من مشهد إقليمي، في محاولة مكشوفة لتبييض صورة الكيان الغاصب وتسويق روايته الزائفة.
في هذا السياق، تنشط الجمعيات المناهضة للتطبيع في الدول العربية، وفي طليعتها الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع في لبنان، من أجل التصدي لهذا الاختراق الأكاديمي، الذي لا يقلّ خطرًا عن الاختراقين السياسي والاقتصادي، كونه يستهدف العقول والوعي والذاكرة الجماعية للشعوب.
رئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع عبد الملك سكرية أكد أن "الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع على تواصل دائم وتنسيق مستمر مع حركات المقاطعة في مختلف الدول العربية، من أجل توحيد الجهود وتعزيز فعالية الاعتراض على أي شكل من أشكال التطبيع، لا سيما في المجال الأكاديمي والثقافي".
وفي حديث لموقع العهد الإخباري قال سكرية: "هناك خطوات مقبلة نعمل على تنفيذها قبل انعقاد المؤتمر المرتقب في المغرب، وربما أثناء انعقاده أيضًا، وذلك بهدف التصدي لمحاولات إدماج الكيان الصهيوني ضمن الفضاء الأكاديمي العربي علمًا أنَّ الجهة المنظمة علّقت عضوية الكيان الصهيوني فيها بحسب ما أبلغنا أحد المشاركين اللبنانيين في المؤتمر".
وأضاف: "كان من بين التحركات الناجحة التي قمنا بها مؤخرًا، نقل أحد المشاركين اللبنانيين من جلسة في أحد المنتديات الأوروربية ضمت ممثلًا صهيونيًا إلى جلسة أخرى، بعد أن أوضح أن القانون اللبناني يمنعه من المشاركة في أي فعالية تضم صهاينة، وقد استجابت إدارة المؤتمر لهذا الطلب، احترامًا للقوانين اللبنانية، وهذا بحد ذاته تطوّر مهم يجب البناء عليه".
وأشار إلى أن "الجمعية نجحت في أكثر من مناسبة في إعادة ترتيب جلسات لمؤتمرات شارك فيها لبنانيون، حيث كان يتم عمدًا وضعهم إلى جانب ممثلين عن الكيان "الإسرائيلي" على الطاولة نفسها، تدخلنا وأحدثنا تغييرًا، وهذا أمر نعتبره جزءًا من مسؤوليتنا الوطنية والقومية".
وأوضح أنه "في المؤتمرات الدولية خارج العالم العربي، سواء في أوروبا أو أميركا أو أي مكان آخر، نوصي المشاركين العرب، وخصوصًا اللبنانيين، بعدم المشاركة في جلسات تجمعهم بـ"إسرائيليين"، وعدم التقاط صور أو القيام بأي تواصل مباشر، القانون اللبناني واضح في هذا الإطار، ويمكن لأي مشارك التقدّم بطلب لنقله إلى جلسة أخرى حفاظًا على هذا الالتزام الوطني".
أما في المؤتمرات المنعقدة في دول عربية بحسب سكرية، فالموقف أكثر حزمًا، "إذ إن أي مشاركة للعدو الصهيوني مرفوضة بشكل مطلق، ونطلب من جميع الإخوة العرب، وخاصة من لبنان، مقاطعة مثل هذه المؤتمرات رفضًا للتطبيع وتأكيدًا على الموقف الثابت تجاه الكيان الصهيوني".
ولفت سكرية إلى أن "الكيان الصهيوني، حتّى حين يشارك من خلال أفراد وبصفات غير رسمية، فإن هؤلاء في معظمهم خدموا في الجيش "الإسرائيلي"، وبعضهم لا يزال في الاحتياط، وهم يضعون إنتاجهم الأكاديمي في خدمة المؤسسة العسكرية الصهيونية، لذا فإن مشاركتهم لا يمكن فصلها عن آلة الاحتلال والعدوان".
ورأى أن "القرار الشجاع الذي اتّخذته الجمعية الدولية لعلماء الاجتماع مؤخرًا بتعليق عضوية "إسرائيل" خطوة متقدمة ونتيجة مباشرة لحملات ضاغطة قادتها جمعيات عربية، في طليعتها الجمعية الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية، والجمعية المغربية للمقاطعة الأكاديمية، ومؤسسة "علماء اجتماع من أجل فلسطين"، وغيرها من الهيئات الداعمة للقضية الفلسطينية".
وشدد رئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع على أن "هذه الخطوة مهمة، إلا أننا نعتبرها غير كافية، فالهدف هو أن لا يكون هناك أي تمثيل "إسرائيلي"، حتّى الرمزي، في أي مؤسسة دولية، لا سيما في المجالات العلمية والثقافية والأكاديمية".