تحقيقات ومقابلات

لم تتوقف محاولات العدو "الإسرائيلي" في خرق السوق اللبنانية بكافة الأشكال والسبل، ولم تقتصر محاولاته على مجال أو منتج دون آخر، إن كان ذلك عبر الشركات التابعة له بشكل مباشر أو تلك الداعمة له. حملات المقاطعة الناشطة في لبنان رصدت مؤخرًا واحدةً من تلك النماذج، تتمثل بشركة "Messika" للمجوهرات الماسيّة المرتبطة بالكيان الصهيوني، والتي ظهرت منذ أكثر من عام في الأسواق اللبنانية، وقد تحركت حملات المقاطعة منذ ذاك الحين وفق الأطر والمعايير المتّبعة والمصادر المتوفرة على اختلافها، فكيف ستُتابع هذه القضية من المعنيين حتى خواتيمها؟
في إطار متابعة هذه القضية تواصل موقع العهد مع مؤسِسة مبادرة "قاطع – قاوم" الناشطة عفيفة كركي، وعضو حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان الأستاذة مها سلامي، حيث رفعت الجهتان تقارير بهذا الشأن الى مكتب المقاطعة في وزارة الاقتصاد.
مبادرة "قاطع- قاوم" وتفاصيل القضيّة
في سياق متابعتها للقضية، أفادت الناشطة كركي أنه تبين بعد البحث والمتابعة أن شركة "Atamian Watches" في لبنان تقوم ببيع تصميمات الألماس التابعة لعلامة Messika" الإسرائيلية" والتي تُروَّج منتجاتها على أنها فرنسية. وقد كشف البحث أن المصممة والمالكة فاليري ميسيكا هي ابنة "الإسرائيلي" أندريه ميسيكا، الذي يملك معمل"Messika" للألماس في "تل أبيب"، وقد ساعدها في تأسيس علامة "Messika" للمجوهرات الماسيّة.
الناشطة كركي ذكرت أيضًا أن شركة "أندريه ميسيكا" للألماس حصلت على جائزة "المصدِّر المتميز" "الإسرائيلية" لعام 2012 ، كونها من بين أكبر عشر شركات تصدير في "إسرائيل"، وقد تم تكريمها في حفل رسمي أُقيم في مقر إقامة رئيس الكيان، حيث بلغت قيمة صادراتها خلال تلك الفترة نحو (100مليون دولار) من الألماس المصقول. وخلال الفترة ما بين 2011 و2013، بلغت صادرات الشركة نحو (300 مليون دولار)، لتصبح في عام 2013 سادس أكبر مصدر للألماس في "إسرائيل". وأُقيم الحفل بحضور الرئيس "شمعون بيريز" ووزير الاقتصاد آنذاك "نفتالي بينيت".
وبالعودة الى قضية بيع مجوهرات "ميسيكا" في لبنان، أشارت كركي الى أنه رغم علم شركة "Atamian Watches" بهذه الحقائق منذ ما يقارب السنة، وبأن بيع منتجات "إسرائيلية" في لبنان يُعد خرقًا للقانون، إلا أنها لا تزال تروّج لمنتجات "Messika"، وتسعى فاليري ميسيكا إلى تمريرها عبر التلاعب بهويتها، وحصولها على شهادة منشأ وتسويقها على أنها فرنسية، تحايلاً على حملات المقاطعة العالمية. وذكرت الأستاذة كركي أنه جرى متابعة الملف الذي رُفع عبر المبادرة لمكتب المقاطعة في وزارة الاقتصاد، موحية أن الأخير أفادها بتحويله إلى مديرية قوى الأمن الداخلي للقيام بما يلزم.
حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان تواكب وتتحرك
في سياق موازٍ، كان لحملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان تحرّك مواز بهذه القضية، إذ بعد الاطلاع على وثيقة رسمية فرنسية، رفعت الحملة كتابًا لمكتب المقاطعة في وزارة الاقتصاد بأحدث المعطيات التي تم التوصل إليها.
كتاب الحملة تضمن مجموعة من المعلومات المرفقة بمصادرها، والتي كشفت أن "ميسيكا" Messika هي ظاهرًا علامة مجوهرات فرنسية أسستها "فاليري ميسيكا" Valérie Messika عام 2005 في باريس كما هو معروف، لكن أوراق الشركة الرسمية تؤكد أن رئيس المجموعة التي تعمل بهذه العلامة التجارية ضمنها "إسرائيلي"، فـوالد فاليري، المدعو أندريه ميسيكا، والذي يحمل الجنسية "الإسرائيلية" بالتجنيس، إضافة إلى الجنسية الفرنسية، هو رئيس مجموعة Messika Group التي تشكل الإطار القانوني لعمل "ميسيكا" للمجوهرات.
وفي السياق عينه، تشير معلومات الحملة أن أندريه ميسيكا يعتبر نفسه صهيونيًا، وقد كرمه كيان الاحتلال بجائزة رسمية تقديرًا لجهوده كأحد أبرز المصدّرين في الكيان.
وعند السؤال عن إمكانية اعتبار الشركة "إسرائيلية" أفادت الأستاذة سلامي" أنه ليس تمامًا،" لكن هذا لا يخفف أبدًا من خطورة التعامل الاقتصادي معها، بل يجب منع أي تعامل مع هذه الشركة. من الناحية القانونية، الشركة مسجلة في فرنسا، لكن مصدر الألماس المصقول الذي تعتمد عليه هو شركة "إسرائيلية" أخرى لأندريه ميسيكا، ورئيسها في فرنسا "إسرائيلي"، ولديه أبناء يعملون معه، وهم "إسرائيليون".
المعطيات تقودنا أيضًا للسؤال إذا ما كانت فاليري ميسيكا تحمل هي أيضًا الجنسية "الإسرائيلية"، وقد أوضحت الناشطة سلامي في هذا الإطار أن فاليري ميسيكا، صاحبة علامة "ميسيكا" للمجوهرات، هي فرنسية، من مواليد 1976 وقد حصل والدها أندريه على الجنسية “الإسرائيلية” بعد عام 2003، ولم يتم التوصل إلى إثبات حصولها على الجنسية، بعكس بعض أخوتها من زواج ثانٍ.
وهنا أيضا، فإن الإطار القانوني الذي تعمل من خلاله علامة "ميسيكا" للمجوهرات هو Messika Group وهي مجموعة يرأسها أندريه الأب، وهو "إسرائيلي"، تتعامل بشكل وثيق مع شركة أخرى للأب، مسجلة في الكيان. وفقًا للأستاذة سلامي.
كيف يتابع مكتب المقاطعة في الوزارة القضية؟
من الكتابين المرفوعين من حملات المقاطعة الى مكتب مقاطعة "إسرائيل" التابع للمديرية العامة لوزارة الاقتصاد، حيث شرح رئيس المكتب لموقع "العهد"، المسار العام الذي تمر به قضية شركة "Messika" وغيرها من القضايا الأخرى المرتبطة بالمقاطعة.
وفقًا لرئيس المكتب الإقليمي، فإن القضية المرتبطة بشركة المجوهرات الماسيّة " Messika" حُوّلت إلى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لمتابعتها والتأكد من صحة ودقة المعلومات المذكورة في التقارير الواردة عن حملات المقاطعة.
وفي حال تم التأكّد من صحة المعلومات المقدّمة، يتم تحويل الملف إلى مكتب المقاطعة الرئيسي، ليُضم بذلك الى سلسلة من الملفات الأخرى التي تتم معالجتها في مؤتمرٍ يعقده المكتب سنوياً في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة.
خلال المؤتمر الذي يتضمن ممثلين عن الدول العربية، يتم اتخاذ القرار النهائي بخصوص كل قضية على حدة، ومنها قضية المجوهرات "Messika” ، وهذا القرار ان كان ينص على سحب المنتجات من السوق اللبنانية، فهو يحتاج قبل ذلك الى تصديق مجلس الوزراء اللبناني ليصبح ساري المفعول.
الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر كان قد عُقد منذ شهرين تقريباً، مما يعني أن القضية تحتاج الى أشهر عدة ليتم البت فيها بشكل نهائي، وأن القرار المرتبط بشركة الألماس "Messika" وغيرها من القضايا قد يستغرق أشهرًا ليصبح ساري المفعول، هذا في حال حاز القرار على موافقة الأعضاء المشاركين في المؤتمر في بادئ الأمر، وتصديق مجلس الوزراء اللبناني فيما بعد.