عين على العدو

قال رئيس شعبة الاستخبارات "الإسرائيلية" السابق اللواء احتياط عاموس يدلن: "بعد نحو عامين من كارثة 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تقترب "إسرائيل" من كارثة أخرى، ليست هزيمة عسكرية، بل خسارة سياسية واستراتيجية عميقة وطويلة الأمد".
وأضاف في مقال على موقع القناة 12: "من طالب بـ"نصر مطلق"، ووعد بالقضاء على حماس وإعادة الأسرى، يحصل في الواقع على وضع تُسيطر فيه حماس على غزة دون بديل، والأسرى ما زالوا هناك، وشرعية "إسرائيل" في أدنى مستوياتها عالميًّا بشكل غير مسبوق". وتابع: "الجيش "الإسرائيلي"، الذي يعتمد على قوات الاحتياط -أي نفس الأشخاص الذين يفترض أن يدفعوا عجلة الاقتصاد والمجتمع- قادر على تحقيق الإنجاز المطلوب عندما يتم تفعيله وفقًا للعقيدة الإسرائيلية. وعندما يُفعَّل بشكل فاشل تكون النتائج مطابقة لذلك. الوعد بـ"نصر مطلق" لم يكن واقعيًا منذ اللحظة الأولى. نصر مطلق يستسلم فيه العدو دون شروط لم يتحقق في أي حرب حديثة منذ عام 1945".
وأشار الى أن "صورة الأسير "الإسرائيلي" أفيتار دافيد، وهو نحيل، منهك، يحفر قبره في نفق تابع لحماس تذكّر العالم وأنفسنا أن الأسرى ما زالوا هناك، أحياء، يعانون، ومنسيين. الصورة صادمة وتعكس تهميش قضية الأسرى سواء في "إسرائيل" أو على الساحة الدولية".
ولفت الى أنه "بسبب الإخفاقات الاستراتيجية وسياسة الحرب الأبدية التي تنتهجها الحكومة "الإسرائيلية" يُحوِّل انتباهه إلى حملة التجويع التي تقودها حماس، بدلًا من النضال من أجل تحرير الأسرى. حتى ترامب، الذي كان في البداية من أبرز داعمي "إسرائيل"، بدأ يفقد صبره. السياسة في الولايات المتحدة تتغير، في كلا الحزبين هناك تيارات معادية لـ"إسرائيل" تزداد قوة. الدعم لـ"إسرائيل" ينخفض إلى مستوى تاريخي متدنٍّ. الساعة تدق.
وبحسب عاموس يدلن، ترامب، الذي يستمد جزءًا كبيرًا من رؤيته للعالم من وسائل الإعلام وشبكات التواصل، بدأ بانتقاد "إسرائيل" بسبب الجوع والمعاناة في غزة. ليست الشبكات تكذب بل الواقع في غزة لا يُحتمل، وحماس تعرف كيف تسوّقه أفضل بكثير من "إسرائيل". نتنياهو رفض الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب. لم يوافق على مناقشة "اليوم التالي". حماس استغلت الوقت لإعادة تنظيم صفوفها. الأسرى بقوا في غزة، والصفقة المطروحة حاليًا، والتي وافقت عليها حكومة "إسرائيل"، أقل بكثير من الصفقة التي كان يمكن تحقيقها قبل نصف عام.
ووفق رئيس شعبة الاستخبارات "الإسرائيلية" السابق، حكومة "يمين بالكامل"، التي أُقيمت من أجل "الانتصار على الإرهاب"، فشلت في تحقيق أهداف الحرب التي وضعتها لنفسها في جولتي القتال في القطاع. عمليًا، هي تقود سياسة تُعزز الرواية والأهداف الفلسطينية، وتدفع بـ"إسرائيل" نحو انهيار سياسي وتدفع العالم للاعتراف بدولة فلسطينية. يمكن إيقاف ذلك، ولكن فقط إذا قدنا نحن المسار، لا إذا واصلنا الانجرار.
وخلص الى أن "الخيار واضح: إما أن نُملِي الشروط أو أن نجد أنفسنا نواجه ما يُفرض علينا. الوقت انتهى؛ ساعة الرمل السياسية والعسكرية والأخلاقية قد نفدت"، وختم "الاستمرار في التمسك بـ"نصر مطلق" خيالي في غزة، سيؤدي إلى 7 تشرين الأول/أكتوبر سياسي بتبعات تمتد لسنوات وعقود، أو أن نُوجّه الأمور نحو "نصر ذكي" في غزة يعيد تموضع "إسرائيل" على مسار النمو، التطبيع، التفوق الأخلاقي، والرؤية الاستراتيجية ذات القيم"، على حدّ تعبيره.