مقالات

لا يبدو أنّ هناك حسمًا أميركيّا- "إسرائيليّا"، في موضوع فرض أجندة الطرفين المشتركة، والهادفة إلى تسليم المقاومة (حزب الله) سلاحها خلال جدول زمني، وتحت عنوان "وجوب حصرية السلاح" مع القوى العسكرية اللبنانية فقط.
ما يؤشر إلى عدم التوصل لحسم هذا الأمر، كما يريد الاحتلال، هو ما جاء في مضمون رد الدولة اللبنانية على الاميركيين، فقد جاءت تراتبية الإجراءات التي وضعها فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، والتي في أساسها انسحاب الاحتلال من النقاط الخمس ووقف الاعتداءات والاغتيالات، غير متوافقة والأجندة "الإسرائيلية" - الأميركية، وغير مطابقة لاستراتيجية الاحتلال، والتي كان قد خطط لها بعد حربه على لبنان، وبعد الاتفاق على وقف إطلاق النار لتنفيذ القرار ١٧٠١ .
انطلاقُا ممّا تقدّم، يجب الإضاءة على نقطتين أساسيتين في هذا الاطار:
أولًا- كيف يمكن أن يكون الموقف "الإسرائيلي" أزاء عدم حسم موضوع سلاح المقاومة بالطريقة التي أرادتها "تل أبيب"؟
ثانيًا- كيف يمكن أن تسير الأمور في مواجهة الاحتلال ومسلسل الاعتداءات والاغتيالات "الإسرائيلي" المتواصل؟
الموقف "الإسرائيلي": بحال كان القرار عدم الانصياع اللبناني لإملاءات الاحتلال في ما يخص السلاح، سوف تثابر "إسرائيل" على استراتيجيتها العدوانية الحالية، برفع وتيرة الاعتداءات أحيانا، وخفضها أحيانًا أخرى، مع استبعاد جنوحها نحو توتير الوضع أكثر وتنفيذ عمل عدواني واسع. وذلك ليس بسبب عدم حسم موضوع السلاح كما تريد طبعا؛ فهدفها الأساسي والبعيد يتجاوز سلاح حزب الله، وهو فرض التطبيع على لبنان. وما يؤشر إلى هذا الأمر؛ أن الاميركيين، وعلى لسان مبعوثهم "برّاك"، قالوا صراحة إنه لا ضمانة لإلزام "إسرائيل" بالانسحاب من النقاط التي تحتلها، وبوقف مسلسل الاعتداءات والاغتيالات ضد لبنان، وكأنه يقولها بصراحة العبارة : أن تسليم حزب الله سلاحه هو تحصيل حاصل، ولا ارتباط لذلك مع أي إجراء "إسرائيلي" عملاني أو ميداني أو عسكري، خاصة أنه ربط تسليم السلاح بقرار من السلطة اللبنانية بعد التوافق مع المقاومة، مُخرِجًا بذلك "إسرائيل" من هذه المقايضة.
لذلك؛ وبدءًا من هنا، أصبح من الواضح أن العدو "الإسرائيلي" يطمح للتوصل إلى تنفيذ إجراء سياسي كبير أبعد من تخلي المقاومة عن السلاح، خاصة مع علمه جيدًا أن تسليم المقاومة سلاحها هو إجراء آني ومؤقت، ويمكن أن تعوضه في مدة قد لا تكون طويلة، بحصولها على أسلحة نوعية أخرى؛ وستكون حتما أكثر فعالية من أسلحتها التي سوف تسلمها اليوم.. والكيان يعلم جيدًا أن وسائل وطرق نقل الأسلحة ستبقى متاحة مهما كانت الإجراءات المحلية اللبنانية أو الإقليمية أو الدولية، وسلاح المقاومة الفلسطينية الذي وصل إلى غزة المحاصرة دائما، هو خير دليل على ذلك.
لذلك؛ تبقى العين "الإسرائيلية" على فرض اتفاق مع لبنان، فهي ترى أن هذا الأمر هو الطريق الأنسب الذي يبعد إمكان وقوع المواجهة أو الاشتباك معها انطلاقًا من الأراضي اللبنانية.