اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي تعيين لاريجاني وتكتيكات ترامب النفسية محط اهتمام الصحف الإيرانية

مقالات

العالم يريد مكافأة نتنياهو
مقالات

العالم يريد مكافأة نتنياهو

85

يريدون مكافأة نتنياهو ومنحه نصره المطلق، مكافأته على الفشل ومكافأته على جرائمه، حيث لم نعد نسمع منذ انعقاد مؤتمر نيويورك، سوى عن تسليم حماس سلاحها، وتواريها عن المشهد في مستقبل غزّة، حتّى ويتكوف مبعوث ترامب قطع بموافقة حماس على ذلك.

وهنا لم يقتصر الأمر على القادة الغربيين، في محاولات الضغط لمكافأة نتنياهو، بل انسحب الأمر على دولٍ عربية، اعتبرت عقد مؤتمر نيويورك والإعلان الصادر عنه إنجازًا فريدًا لها وغير مسبوق، ودول كذلك تعتبر نفسها داعمة لفلسطين وللمقاومة مثل قطر وتركيا، وقعت على الإعلان الذي يطالب بنزع سلاح حماس، وتغييبها عن المشهد الفلسطيني.

وقد لا يكون الأمر مستهجنًا حين يأتي من قادةٍ غربيين، هم شركاء في الجريمة، التي يرتكبها نتنياهو باسمهم جميعًا في غزّة، وسيكون أقل استهجانًا حين يصدر عن أنظمةٍ عربية، آثرت على مدار 667 يومًا من استمرار الجريمة، رفد العدوّ بكلّ ما يحتاجه من صمتٍ وقمعٍ لكل متضامنٍ مع غزّة، ودعمٍ لوجستيٍ وتجاريٍ وتفاوضيٍ وسياسي.

على الأقل لسنا من المستهجنين من موقف تركيا وقطر، ولكن على البعض الذين يهللون لتلك الأدوار التي تدّعيها تلكما الدولتان، أن يعبّروا عن استهجانهم ولو قليلًا، حتّى يصبح ادّعاء المصداقية لديهم وجيهًا، أو فيه بعض الحياء على الأقل.

ولكن السؤال الأهم: لماذا تتسارع الآن هذه المواقف وتتكرّر يوميًا، ويصرّ قادة الغرب والشرق على تكرارها كلما صادفوا كاميرا أو مذياعًا، وكأنّهم يتلون فعل الندامة على ما ارتكبوه من خطيئة، خطيئة النيّة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو كأنّهم يريدون طمأنّة نتنياهو وحكومته، بأنّ هذا مجرد ستار نختبئ خلفه من الرأي العام في بلادنا؟

وسؤال آخر لا يقلّ أهمية عن تصريحات ويتكوف، الذي قال إنّ "حماس وافقت على تسليم السلاح، ونتنياهو وافق على وقف الحرب"، ولا تستطيع الاستنتاج فعليًا هل هذه زلة لسان لمجاملة أهالي أسرى العدوّ في غزّة، أم محاولة لإرباك المشهد وزيادة الضغط على حركة حماس، من خلال تحريض بيئتها عليها، وتحميلها كلّ المسؤولية عن استمرار حرب الإبادة؟.

وإن كانت هذه أسئلة تحتاج لاستنتاجات، ولا إجابات قاطعة لها، فإنّ السؤال الذي إجابته قاطعة ويقينية، هو لماذا يريدون مكافأة نتنياهو بمنحه نصرًا سهلًا؟ لأنّه هُزم، فقد خرج للحرب للقضاء على حماس وتجريدها من سلاحها، ولو استطاع فعل لذلك لصفقوا له، ولما احتاج أن يمنحوه نصرًا على طاولة التفاوض، فهُم يريدون منحه تفاوضيًا ما عجز عنه ميدانيًا.

وهناك فكرة مركزية تغيب عن بال الكثير من المحللين وحتّى السياسيين، الذين يتناولون اليوم التالي في غزّة، وهي أنّ حماس تتعامل مع نفسها باعتبارها المنتصرة، وأنّ إعلان النصر هو مسألة وقتٍ فقط، وهي ترتكز على وقائع صلبة واستنتاجاتٍ راسخة، بأنّ نصرها إستراتيجي بعيدًا عن منجزات العدوّ التكتيكية، كما أنّ هزيمةَ العدوّ هي هزيمةٌ إستراتيجية.

وبمناسبة الحديث عن الإستراتيجية، فإنّه سابقًا كان يتم حساب الفعل الإستراتيجي بثلاثين سنة إلى خمسين سنة، ولكن في تسعينيات القرن الماضي حين درسنا الإستراتيجيات، كانت تُقاس بعشر سنوات إلى خمس عشرة سنة، أمّا اليوم فقد تقاس ببضع سنين، خمس أو سبع سنوات، أو عشر في أقصاها.

لذا فإنّ الواقع الإستراتيجي للعدو اليوم، وبعد مرور عامين على السابع من تشرين الأول/أكتوبر، نجده مأزومًا ويزداد تأزمًا مع مرور الوقت، فـ"مجتمعه" يزداد تفسخًا و"جيشه" يزداد هشاشة، وروايته التي صنعها على مدار قرن، وعاش في ظلها نُسفت، بل وتقدمت الرواية الفلسطينية، وكراهية الكيان في تصاعد عالميًا، وكلما مرّ الوقت ازدادت خياراته السياسية والعسكرية ضيقًا وحرجًا.

لذا ليس من السهل أن تكافئ المهزوم على حساب المنتصر، أو أن تعامل المهزوم كمنتصر والمنتصر كمهزوم، ثمّ تستهجن عدم قبول المنتصر بشروط الاستسلام. والانتصار هنا لا يُقاس بقدرتك على ارتكاب الجرائم، بل بقدرتك على تحويل جريمتك إلى واقعٍ مشروع، كما تحولت سابقًا جريمة احتلال فلسطين وتشريد أهلها إلى واقع مشروع دوليًا، فهل يستطيع نتنياهو تحويل جريمته في غزّة إلى واقع مشروع عبر أبو شباب مثلً،ا خياره البائس، والذي بحدّ ذاته يدل على هزيمة إستراتيجية؟

لا مكافآت في حروب كسر العظم، وهذه حربٌ صفرية، هزيمة غزّة تعني نهاية القضية الفلسطينية، وتعني تسيّد الكيان على المنطقة لعقودٍ قادمة، وتصبح الشعوب العربية جالياتٍ في أوطانها، كذلك هزيمة الكيان ستعني أنّ وجوده أصبح محدودًا ومعدودًا، لذا فإنّ حِمل غزّة وشعبها ومقاومتها ثقيلٌ جدًا جدًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة