نقاط على الحروف

تزامناً مع الضغوط السياسية الخارجية منها والداخلية وآخرها جلستَي مجلس الوزراء يومَي الثلاثاء والخميس الماضيين، واللتين بحثتا قضية "حصرية السلاح بيد الدولة"، شنَّت قنوات عربية ومحلية حملات إعلامية على المقاومة، محاولةً تشويه صورتها والنيل من تاريخها. تدرَّجت هذه الحملات المغرضة قبيل وبعد الجلستين، وتفرَّعت لعناوين مختلفة ساقت الاتهامات بحق المقاومة تحت مسمَّى "سيناريوهات قد يلجأ لها حزب الله". تحت هذه العبارات، وجَّهت هذه القنوات سهامها تجاه المقاومة وحاولت شيطنتها، وتصويرها على أنها عنفية ويمكنها أن تلجأ إلى الصراع الأهلي في حال مَسَّ سلاحها!. إضافة الى عناوين أخرى، ضجَّت بها هذه المنصات، من ضمنها الادعاء بإن المقاومة ستفتح حرباً مع العدو الإسرائيلي لاكتساب "شرعيتها" مجدداً بعد أن "فقدتها" في جلسة الحكومة الأخيرة، ومحاولة تذويب تاريخها مع تاريخ ميليشيات الحرب الأهلية. إذاً؛ استكملت الحملات الإعلامية الهجومية على المقاومة، لتشكل حلقة تتكامل مع الضغط السياسي الداخلي والخارجي، في سياق لا يختلف عمَّا قبله من سياقات تاريخية سابقة تستهدف المقاومة وصورتها، والأهداف التي نشأت عليها.
سيناريوهات متخيَّلة لتثبيت "عنفية" المقاومة:
إذاً، تحت عنوان :"سيناريوهات قد يلجأ إليها حزب الله بعد قرار الحكومة حصر السلاح"، بدأت ماكينات إعلامية معادية تركيب سردية تخالف فكر وعقيدة المقاومة. يمكن هنا، الاستناد إلى شبكة "الحدث" السعودية التي أدرجت ضمن هذا العنوان مجموعة سيناريوهات ادّعت بأن "حزب الله" سيلجأ إليها بعد قرار الحكومة الأخير. على رأسها "استخدام الشارع"، والدخول في حرب جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي بغية "التمسُّك بأحقية السلاح". ومن ضمن السيناريوهات المتخيلة أيضاً، التصعيد السياسي و"فتح باب التفاوض من جديد حول الورقة الأميركية"، إضافة إلى إعادة طرح الثقة بالحكومة مجدداً. شبكة "العربية" السعودية تلاقت مع زميلتها في هذا السياق، ضمن تغطية معنونة :"حزب الله يتلقى صفعة سياسية مدوية من حكومة لبنان". في مضمونها، الادعاء بإن "حزب الله"، أمام عدة خيارات، من ضمنها "الصدام مع الجيش"، أو "التصعيد ضد إسرائيل"!. وفي تقرير آخر، للشبكة عينها، ادّعت أيضاً "نزع الشرعية" عن سلاح المقاومة، و"اختفاء" ثلاثية: جيش، شعب، مقاومة. يستند التقرير هنا إلى ما وصفه بـ "الخبراء"، ليضع سيناريوهات متخيلة عما يمكن أن يفعله "حزب الله" بعد القرار الوزاري الأخير بحق سلاح المقاومة. من ضمنها:"استقالة الوزراء الشيعة"، و"تعطيل البرلمان"، الى جانب "إثارة الفوضى عبر تحريك مناصريه من أجل إشاعة جوّ من الترهيب" كما جاء في التغطية.
سردية "ميليشيات الحرب":
من ضمن سياقات هذه الحملات أيضاً التي تسعى إلى تشويه صورة المقاومة برز أخيراً، وضعها على قدم المساواة، مع ميليشيات الحرب الأهلية اللبنانية، وإلصاقها باتفاق "الطائف" الذي نصَّ على حلّ جميع الميليشات. هذه السردية اشتغلت عليها بقوة القنوات اللبنانية؛ أولّها قناة "الجديد"، واستكملتها بُعيد انتهاء جلسة الخميس الماضي، قناة LBCI التي كان واضحاً هجومها على المقاومة ورفع لهجتها تجاهها بعيد الجلسة المذكورة. فضمن تقرير معنون: "هكذا حلّت الميليشيات..وبقي سلاح الحزب"، امتد على أكثر من 3 دقائق، ساقت المحطة سردية مخالفة تماماً للواقع. إذ ساوت بين المقاومة وباقي ميليشيات الحرب الأهلية التي سلمت سلاحها. اللافت هنا؛ إلى جانب تعداد هذه الأحزاب والجهات التي سلمت إليها سلاحها، إسقاط دور المقاومة في تحرير الجنوب عام 2000، والاكتفاء بعبارات: "25 أيار 2000 تحرَّر الجنوب من العدو"، ضمن صيغة تجهيل الفاعل، لمحاولة محو التاريخ المقاوم طيلة سنوات خلت، لينتقل التقرير بعد ذلك، إلى محاولة إظهار ضعف المقاومة عبر الادعاء بأن "إسرائيل أثبتت تفوقها العسكري والتقني على ترسانة حزب الله"، إلى جانب إسهام سقوط النظام السوري السابق، بقطع "خط الإمداد الأساسي له". كما عرَّج التقرير سياسيًّا على ما وصفه بـ "تخلّي حلفاء الحزب عنه"، ليسأل في نهاية التقرير :"ما هامش المناورة المبتقي لحزب الله للحفاظ على سلاحه؟". لنضحي أمام تشويه واضح لصورة المقاومة ومحاولة محو تاريخها المقاوم المشرف، ووضعها ضمن سياقات لا تمت إليها بصلة.