مقالات مختارة

علي سرور - صحيفة "الأخبار"
ركبت قناة MTV ومعها صحيفة «نداء الوطن» (لصاحبهما ميشال غبريال المرّ) موجة المتاجرة بدماء شهداء الجيش اللبناني والتحريض على المقاومة والتلاعب بالسلم الأهلي.
بينما تصدّر عنوان «شهداء كمين حزب الله» غلاف الجريدة، نشرت mtv أيضاً تقريراً تحت العنوان نفسه حمّل مسؤولية انفجار وادي زبقين (جنوب لبنان) للمقاومة.
هكذا، تبنّت قناة المرّ روايةً لم تُثبتها أي جهة رسمية، متجاهلةً التحقيقات الجارية، كما تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام، التي أكد فيها أنّ الحزب يتعاون بشكل كامل منذ أشهر من أجل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، عبر تسليمه مئات النقاط والمنشآت والمراكز بشكل سلس بينه وبين الجيش.
ورغم أنّ الاتهام الخطير انتشر منذ الساعات الأولى على وسائل التواصل من ناشطي الفريق المعادي للمقاومة، إلا أنّ صيغة التقرير الفجّة تشكّل مستوى جديداً من التوظيف السياسي للحوادث الأمنية على حساب المهنية الإعلامية، حتى بالنسبة إلى قناة مثل mtv.
رواية القناة مقابل الوقائع
في تقريرها، اعتمدت القناة على ما أسمته «مصادر عسكرية» و«خبراء متفجرات» من دون ذكر أي أسماء لهم، قدّموا فرضية تقول إن القذائف كانت «مفخخة مسبقاً» لاستهداف «الجيش» الإسرائيلي، لكن الجيش اللبناني هو الذي دخل النفق، ما أدى إلى سقوط الشهداء.
هذه الفرضية، التي تتناقض مع المعطيات الرسمية والتحقيقات الجارية، صيغت في التقرير بأسلوب جازم، من دون انتظار نتائج التحقيق، ومن دون إيراد ردّ المقاومة أو الجيش، في تجاوز واضح لأبسط قواعد المهنة.
لكنّ عبر اختيارها عنواناً تحريضياً وصياغة تقرير بلغة إدانة مسبقة، أظهرت mtv أن هدفها ليس نقل الحقيقة، بل استثمار الحادثة سياسياً لتشويه صورة المقاومة وضرب التنسيق القائم بينها وبين الجيش واللعب بالسلم الأهلي.
اللافت أنّ الواقع خلال تشييع شهداء الجيش يوم الأحد الماضي، أنّ مناصري المقاومة شاركوا في تشييع بعض الشهداء.
وفي مشهد يختزل الواقع الذي يُحاول بعض الإعلام إخفاءه، حمل جنود الجيش اللبناني نعوش رفقاء سلاحهم وسط رفع رايات للحزب من الحشود في تجانس وتناغم بين أبناء البلد الواحد. بالإضافة إلى ذلك، دُفن أحد شهداء الجيش في روضة الشهيدين في منطقة الغبيري، وهي جبانة مخصّصة لشهداء المقاومة.
منبر التحريض المموّه بلبوس الإعلام
تاريخياً، دأب بعض المنابر على استغلال أي حادث أمني في الجنوب لتوجيه سهام الاتهام نحو المقاومة، بغض النظر عن الحقائق الميدانية.
ما فعلته MTV هذه المرة لا يختلف عن ذلك النمط: انتزاع الحادث من سياقه، وتجاهل المسار القانوني والعسكري الذي يجري تنفيذه منذ أشهر، وتحويل دماء شهداء الجيش إلى أداة في معركة سياسية وإعلامية ضد المقاومة.
ليست هذه المرة الأولى التي تتخلى فيها MTV عن المهنية لمصلحة أجندة سياسية واضحة.
منذ سنوات، تحوّلت القناة إلى منبر ثابت لترويج السرديات المعادية للمقاومة، مستخدمةً أدوات الإثارة والتضليل لتأليب الرأي العام، ولو كان الثمن تشويه الحقائق أو استغلال المآسي الوطنية.
وفي حادثة وادي زبقين، بدلاً من أن تكون منصة لتكريم شهداء الجيش اللبناني، اختارت القناة أن تكون ساحة لإعادة تدوير الخطاب الإسرائيلي بحرفية مقلوبة، متجاهلة أنّ اللعب على أوتار الفتنة الداخلية لا يخدم إلا العدو.