اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الرئيس الإيراني يدعو منظمة "شنغهاي" إلى خطوات عملية من أجل عالم أكثر سلامًا

مقالات

اليمن والقضية الفلسطينية: تصدٍّ  في ظلّ تخاذل الأنظمة العربية
مقالات

اليمن والقضية الفلسطينية: تصدٍّ  في ظلّ تخاذل الأنظمة العربية

122

كانت القضية الفلسطينية بالنسبة لليمن قضية محورية مثله مثل باقي الدول العربية، وكان التضامن اليمني هو التضامن التقليدي الذي تبديه كل الدول العربية، دون الخروج عن حدود التنديد والبيانات الداعمة للقضية العربية الأولى أو المنددة بالاعتداءات "الإسرائيلية" على الفلسطينيين، مع التأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والدعوة إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، والمشاركة في قمم التضامن العربي.

غير أن النظرة اليمنية إلى القضية الفلسطينية بدأت تأخذ منحى آخر منذ أن سيطرت حركة أنصار الله على صنعاء في أيلول من عام 2014، وشيئًا فشيئًا أصبح اليمن في قلب المعركة المباشرة مع "إسرائيل"، ليغدو اليوم، لا سيما بعد رحيل النظام السوري السابق، وفي ظل ما يشهده العراق من تجاذبات سياسية داخلية، الدولة العربية الوحيدة التي تحمل هم فلسطين قولًا وفعلًا، وسط   مشهد عربيّ يطغى عليه التخاذل الرسمي والإسراع إلى التطبيع مع العدو "الإسرائيلي".

بعد تولي أنصار الله الحكم في صنعاء، أصبح اليمن جزءًا من محور المقاومة، وتبنى الخطاب السياسي والإعلامي اليمني شعار "الموت لإسرائيل"، دون الاكتفاء اليمني بالشعارات فقط، إذ صارت المسيرات الجماهيرية الكبيرة المؤيدة لفلسطين، والمنددة بالعدوان على غزة، سِمة من سمات الحكم الجديد، تلك المسيرات التي صرنا نشاهدها في مناسبات مختلفة، كيوم القدس العالمي. وقد تداعى اليمنيون في مناسبات كثيرة إلى إطلاق مبادرات للتبرع ودعم المقاومة والشعب الفلسطينيَّين، على الرغم من الواقع الاقتصادي السيئ في اليمن، لا سيما بسبب الحصار الذي فُرض على اليمنيين، وبسبب الحرب التي قادتها السعودية والتحالف الدولي الذي أنشأته ضد اليمن والتي أدت إلى استشهاد آلاف اليمنيين وتدمير المنازل والمرافئ والبنى التحتية.

لقد أحدثت الهجمات بالصواريخ والمسيّرات التي استهدفت السفن "الإسرائيلية" أو المتجهة إلى موانئ الكيان المحتل، في البحر الأحمر وباب المندب، إرباكًا حقيقيًا للتجارة "الإسرائيلية"، أما الصواريخ والطائرات المسيّرة التي لا تزال تستهدف مدن ومراكز الكيان الهامة، فإنها، بالإضافة إلى الدمار الذي تحدثه، تسبب الهلع لدى المستوطنين "الإسرائيليين"، وتسبب إقفالًا لمطار "بن غوريون"، ما يؤدي إلى حال من الارتباك والفوضى، عند سقوط -أو مرور- صاروخ يمني أو مسيّرة، وإجراء تعديلات على جداول حركة وصول ومغادرة الطائرات من هذا المطار الذي هو من أكثر المطارات حيويةً وحساسيةً في "إسرائيل" وغرب آسيا.

أما ميناء "إيلات" "الإسرائيلي" فقد أدت الهجمات اليمنية عليه إلى تراجع إيراداته بنسبة 80% عام 2024، ثم إلى إغلاقه، وتسبب هذا الإغلاق في توقف الخدمات اللوجستية للبحرية "الإسرائيلية" في البحر الأحمر، وإلى تعقد عملية الاستيراد والتصدير من الكيان، لضرورة اللجوء إلى مرافئ أخرى في فلسطين المحتلة، مع ما في ذلك من كلفة مالية إضافية كبيرة.

لقد أصبح اليمن لاعبًا أسياسيًّا مؤثرًا في الصراع العربي - "الإسرائيلي"، نقول "الصراع العربي - "الإسرائيلي"" من باب أن هذا التعبير هو المتعارف عليه لتوصيف الحالة، وإلا فالصراع لم يعد عربيًّا - "إسرائيليًّا"، منذ أن أصبح دور مصر هو دور الوسيط بين "إسرائيل" والدول العربية، ومنذ أن انشغلت السعودية والإمارات بالتطبيع وصفقات التسليح، واكتفى الأردن بإدارة الأزمة الحدودية والإنسانية.

إن أهم دليل على الدور اليمني الجديد في المنطقة، لا سيما في التصدي للعدو "الإسرائيلي"، ظهر في مسارعة الولايات المتحدة   إلى عقد اتفاق مع أنصار الله في اليمن، دخل حيز التنفيذ في 6 أيار 2025، بوساطة عُمانية، قضى بوقف إطلاق النار بين الطرفين، بعد جولات قصف أميركية لليمن وتعرُّض القطع البحرية الأميركية لهجمات قاسية من اليمنيين، في معارك حربية لم تشهدها البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية.

 بسبب هذا الانكفاء العسكري الأميركي وجدت "إسرائيل" نفسها وحيدة في ميدان المواجهة مع اليمن، وشنّ الجيش "الإسرائيلي" غارات عدة  على ما ادعّى "الإسرائيليون" أنه مواقع عسكرية وحيوية لحركة أنصار الله. وقد كشفت هذه الغارات التي حصلت بين فترة وأخرى عن مقدار القلق "الإسرائيلي" من الأداء العسكري اليمني ضد العدو.

إن العملية الإرهابية العدوانية "الإسرائيلية" الأخيرة على اليمن، التي أدت إلى استشهاد رئيس الحكومة اليمني وعدد من الوزراء، ستكون عاملًا إضافيًّا من عوامل ثبات الموقف اليمني، الرسمي والشعبي، إلى جانب فلسطين وقضيتها، وهو الموقف الذي لا يزال يصوغ معادلة المواجهة مع العدو في المنطقة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة